
لماذا أصبحت السعودية وقطر وسطاء سلام؟
اختارت السعودية وقطر لعب دور الوساطة في صراعات متعددة، بفضل علاقاتهما المميزة مع القوى العالمية. السعودية، بقيادة محمد بن سلمان، تعمل على تعزيز استقرار الشرق الأوسط وتحقيق مصالح اقتصادية، في حين تسعى قطر، بتوجيهات من حمد بن خليفة آل ثاني، إلى تحقيق علاقات قوية مع أطراف متعددة لتحقيق السلام.
وتتباين أساليب كل من الدوحة والرياض، حيث تركز السعودية على الأطراف الرسمية، بينما تشارك قطر مع الجماعات غير التقليدية مثل حماس وطالبان، ما أتاح لها دوراً مؤثراً في مفاوضات السلام.
في يوم الثلاثاء، التقى مسؤولون من الولايات المتحدة وأوكرانيا في السعودية لمناقشة إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا. تم اختيار السعودية نظراً للعلاقات الوثيقة التي تربط ولي العهد محمد بن سلمان بكل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وفي المقابل، لعبت قطر دور الوسيط في العديد من اتفاقيات السلام على مر السنين، مثل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة. السؤال هنا هو لماذا قررت هاتان الدولتان أن تلعبا دور الوساطة وكيف تؤثر هذه العلاقات على التنافس بينهما.
لماذا تسعى السعودية للوساطة في السلام؟
وبعد عدة سنوات من تبني نهج أكثر عدوانية، اختارت السعودية الآن أن تلعب دور الوسيط في السلام. حيث تدخلت في الحرب الأهلية في اليمن عام 2015 لدعم الحكومة ضد الحوثيين، وقامت بهجمات جوية ومدفعية.
وفي السنوات الأخيرة، يرى القادة السعوديون أن الوساطة في اتفاقيات السلام تحقق فوائد أكبر من التصعيد. ويشير الخبراء إلى أن هذا جزء من استراتيجيتها لتحسين الاستقرار في المنطقة وتقليل اعتمادها على صادرات النفط وجذب الاستثمارات لتنمية القطاعات الاقتصادية الجديدة.
وفي عام 2017، اتهمت الحكومة اللبنانية السعودية باحتجاز رئيس وزرائها سعد الحريري لإجباره على الاستقالة. وفي عام 2018، قُتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية السعودية بإسطنبول على يد عناصر حكومية، مما أثار انتقادات واسعة ضد الرياض.
رغم ذلك، يرى بعض الخبراء أن القيادة السعودية قد أدركت أن الوساطة في السلام تحقق فوائد أكبر من التصعيد، وهو جزء من استراتيجيتها لتحسين الاستقرار في المنطقة وتنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط.
وقال بول سالم من معهد الشرق الأوسط في واشنطن: "في البداية، كانت فترة قيادة محمد بن سلمان مصحوبة بالصراع والصدامات". وأضاف لـBBC: "لكن الآن، توصلت القيادة السعودية إلى أن الوساطة من أجل اتفاقيات السلام توفر فوائد أكبر مقارنة بتصعيد النزاعات".
فيما قالت إليزابيث دنت من معهد واشنطن للدراسات الشرق أوسطية أن السعودية تركز على الوساطة لتحقيق الاستقرار في المنطقة، كجزء من استراتيجيتها لتقليل الاعتماد على صادرات النفط وجذب الاستثمارات الأجنبية لتطوير الاقتصاد.
ما هي نجاحات السعودية في التوسط في اتفاقيات السلام؟
لدى السعودية تاريخ طويل في الوساطة من أجل السلام في الشرق الأوسط. فقد ساعدت في التوصل إلى اتفاق الطائف في 1989 لإنهاء الحرب الأهلية اللبنانية، واتفاق مكة في 2007 بين حماس وفتح.
وفي السنوات الأخيرة، وتحت حكم محمد بن سلمان، عادت هذه الدولة مرة أخرى إلى لعب دور الوسيط في السلام. وتجري السعودية مفاوضات مع المتمردين الحوثيين في اليمن منذ عام 2022 للتوصل إلى وقف إطلاق النار في البلاد.
واستضافت الرياض أيضًا محادثات مطولة بين أطراف الحرب السودانية، بما في ذلك الحكام العسكريين في البلاد، والقوات المسلحة السودانية، وجماعة الميليشيا المنافسة لها، قوات الدعم السريع.
وفي السنوات الأخيرة، لعبت السعودية دورًا بارزًا في مفاوضات السلام في اليمن والسودان، ووسّعت جهودها في إدارة مفاوضات تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا في 2022.
ما هي اتفاقيات السلام التي توسطت فيها قطر؟
في يناير/كانون الثاني 2025، لعبت قطر دوراً رئيسياً بين مجموعة من الدول (إلى جانب مصر والولايات المتحدة) التي نجحت في التوسط في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
وتوسطت البلاد في اتفاق السلام بين طالبان والولايات المتحدة عام 2020 والذي أنهى الحرب الأفغانية التي استمرت 18 عامًا. وبموجب هذا الاتفاق، انسحبت الولايات المتحدة وحلفاؤها من البلاد، وتولت حركة طالبان السلطة في الحكومة الأفغانية.
وتوسطت قطر في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين في عام 2010، والذي فشل في نهاية المطاف. كما توسطت الدوحة في اتفاقيات السلام في أفريقيا.
وكان أحد هذه الاتفاقات هو اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في عام 2022 بين الحكومة التشادية وعشرات الجماعات المعارضة.
ومن الاتفاقيات الأخرى اتفاق السلام الذي تم توقيعه عام 2010 بين الحكومة السودانية والجماعات المسلحة في إقليم دارفور غربي البلاد.
وفي عام 2008، توسطت قطر في اتفاق بين الفصائل المتنافسة في لبنان؛ عندما هددت التوترات بينهما بالتصاعد إلى حرب أهلية جديدة.
لماذا تريد قطر أن تكون وسيطاً للسلام؟
تلعب قطر دور الوسيط في السلام منذ تولي حمد بن خليفة آل ثاني السلطة في عام 1995 (وظل في السلطة حتى عام 2013).
وكان أحد الأسباب الرئيسية لهذا القرار هو رغبة قطر في تطوير حقل الغاز "القبة الشمالية - بارس الجنوبي" في الخليج العربي، والذي تم اكتشافه في عام 1990.
وبحسب هيلبر من المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، بما أن الحقل يمتد عبر المياه الإقليمية لقطر وإيران، فإن قطر بحاجة إلى التعاون مع إيران لاستغلاله؛ على الرغم من أن إيران كانت تعتبر منافساً للمملكة العربية السعودية في ذلك الوقت.
وأضاف في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): "عندما اكتشفت قطر حقل الغاز الخاص بها، أدركت أنها بحاجة إلى إيجاد طريقة لتطويره".
وقال إن قطر اختارت دور الوسيط في السلام لأن "امتلاكها علاقات إيجابية واسعة مع العديد من الدول يوفر لها شبكة من الدول لمساعدتها ودعمها".
وقد تم ترسيخ دور الوسيط في السلام في الدستور القطري الذي تم اعتماده في عام 2004.
ويقول بول سالم: "لقد اختارت قطر الوساطة الدولية كإحدى سماتها الوطنية، وقدمت نفسها كدولة يمكن للآخرين الرجوع إليها".
كيف تختلف السعودية وقطر في التصرف كوسطاء للسلام؟
وأثارت قطر غضب المملكة العربية السعودية بدعمها للسياسيين المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين خلال الربيع العربي بما في ذلك دعم محمد مرسي، الذي أصبح رئيساً لمصر في عام 2012 وأُطيح به بعد عام واحد.
وكثيرا ما يتم اختيار قطر كوسيط في اتفاقيات السلام بسبب علاقاتها بمجموعات ترغب المملكة العربية السعودية ودول أخرى في التعامل معها.
ويقول سالم: "على عكس السعودية، فإن قطر ليس لديها عداء عميق الجذور تجاه الجماعات الإسلامية مثل الإخوان المسلمين وحماس وطالبان".
ويقول إن العلاقات التي بنتها قطر مع طالبان ساعدت البلاد على بناء جسر بين المجموعة والولايات المتحدة. كما أن العلاقات التي أقامتها قطر مع الطرفين، حماس وإسرائيل، جعلت من الممكن التوسط في وقف إطلاق النار الأخير بينهما.
وتقول السيدة دينت: "إن المملكة العربية السعودية تتفاوض مع أطراف رسمية ومعترف بها، في حين أن قطر تتفاوض مع مجموعات غير رسمية وغير تقليدية".
لكن قطر أغضبت المملكة العربية السعودية بدعمها لجماعات مثل جماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها الحكومة السعودية تهديداً لحكمها.
وتقول السيدة دنت: "خلال الربيع العربي [2010 و2011]، قدمت قطر دعماً غير مشروط لجماعات المعارضة في بلدان مثل سوريا وليبيا".
وقد أدى ذلك إلى أزمة دبلوماسية عُرفت باسم "الصدع الخليجي" في عام 2017، حيث قطعت المملكة العربية السعودية والعديد من الدول الأخرى في الشرق الأوسط جميع العلاقات مع قطر.
وتقول السيدة دينت: "بعد هذه الأزمة، لم تذهب قطر إلى حد دعم الجماعات المتطرفة دون التنسيق مع جيرانها"، مضيفة "قطر أصبحت الآن تتصرف بحيادية أكبر في دور الوسيط".
وبحسب إتش. دي. هيلر، فإن قطر والمملكة العربية السعودية لا تتنافسان مع بعضهما البعض للتوسط في اتفاقيات السلام.
ويقول: "قطر لم تعد ترغب في التنافس مع السعودية، والرياض ليست مستعدة للتدخل في شؤون قطر"، مبيناً "وللأسف، لا تزال هناك صراعات كثيرة في العالم مما يشغل كلا البلدين".

استكتاب خاص بمؤتمر حوار بغداد الدولي السابع لكتابة أوراق بحثية

رئيس الوزراء: طريق التنمية سيجعل العراق قوة اقليمية سياسة واقتصادية

ندوة في المعهد العراقي للحوار (اليابان وفلسطين.. لغز الثقافة والانتصار للمظلومية)

إشادات بحوار بغداد الدولي: تعزيز دور العراق المحوري ونقطة التقاء للرؤى

كلمة مدير المعهد العراقي للحوار في مؤتمر حوار بغداد الدولي السادس

صدور العدد المزدوج (74 – 75) من مجلة حوار الفكر

مدير المعهد العراقي للحوار يدير ملتقى قيادات المراكز البحثية في العراق الذي دعت إليه مؤسسة إنكي

تعليقات الزوار