هل كانت الصين الهدف الحقيقي لحروب ترامب التجارية منذ البداية؟
رغم تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يزال يصف نظيره الصيني شي جين بينغ بـ"الذكي"، في مفارقة تعكس تعقيد العلاقة بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم.
في تطوّر لافت بتاريخ 12 أبريل 2025، أعلنت إدارة ترامب إعفاء بعض الأجهزة الإلكترونية كالهاتف المحمول والحواسيب من الرسوم الجمركية التي بلغت 125% على الواردات الصينية، مما فتح باب التساؤلات مجدداً حول حقيقة أهداف ترامب من هذه الحرب التجارية.
من التهديد الشامل إلى التركيز على الصين
خطة ترامب لتوسيع الرسوم الجمركية بدأت برسوم عامة على واردات من عشرات الدول، بما فيها حلفاء تقليديون لأمريكا. لكن وبعد ساعات فقط من تفعيلها في 9 أبريل، أعلن ترامب تعليقاً لمدة 90 يوماً على معظم هذه الرسوم، باستثناء الصين.
اللافت أن هذا التوجه دفع محللين إلى الاعتقاد بأن الصين كانت، منذ البداية، الهدف الحقيقي لإجراءات ترامب التجارية، رغم أن الخطاب الأولي كان عاماً وشاملاً.
تصعيد غير مسبوق في الحرب التجارية
ترامب الذي عاد إلى البيت الأبيض في يناير، اتخذ إجراءات صارمة ضد شركاء تجاريين، متّهماً إياهم باستغلال السوق الأمريكية. وفي الثاني من أبريل، أصدر قراراً بفرض رسوم جمركية واسعة أثارت انهياراً في الأسواق المالية ومخاوف من حرب تجارية عالمية.
غير أن البيت الأبيض أوضح لاحقاً أن هذه الخطوة كانت مقصودة لفرض مفاوضات ثنائية لاحقة. وفعلاً، تم تعليق الرسوم لمعظم الدول، باستثناء الصين، التي شملت بضائعها رسوماً تصل إلى 145%.
وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، علّق قائلاً: "الصين هي مصدر مشكلاتنا التجارية الكبرى"، مشيراً إلى أن الإجراءات تهدف إلى "جرّ بكين إلى طاولة المفاوضات".
رد فعل الصين: "لن نتراجع"
الصين لم تتأخر في الرد، وفرضت رسومًا مضادة بنسبة 125% على السلع الأمريكية، مع تطبيق فعلي بدأ في 12 أبريل. وزارة التجارة الصينية وصفت هذه السياسات بـ"لعبة أرقام بلا معنى"، مؤكدة أنها لن تلتزم الصمت إزاء أي إجراءات أحادية الجانب.
وفي مؤشر رمزي على التحدي، نشرت المتحدثة باسم الخارجية الصينية، ماو نينغ، مقطعاً مصوراً تاريخياً للزعيم الصيني السابق ماو تسي تونغ من زمن الحرب الكورية، يؤكد فيه: "مهما طال أمد الحرب، لن نستسلم".
هل تستطيع الصين الصمود؟
رغم التصعيد، تشير البيانات إلى أن الصين خفضت اعتمادها على السوق الأمريكية. فيونا سينكوتا، محللة الأسواق، أوضحت أن صادرات الصين لأمريكا انخفضت من 26% من إجمالي الصادرات في فترة رئاسة ترامب الأولى إلى نحو 13% حالياً، وهو ما يُظهر استعداداً مسبقاً من بكين.
ديفيد ريني، محرر في مجلة "إيكونوميست"، أشار إلى أن الصين كانت تُعدّ لهذا السيناريو منذ سنوات، عبر بناء اقتصاد أكثر توازناً وأقل اعتماداً على التصدير، خاصة للولايات المتحدة.
تحالفات جديدة... وخطر دبلوماسي قادم
رداً على هذه السياسات، تحاول الصين تعزيز علاقاتها التجارية مع أطراف جديدة. في 11 أبريل، دعا الرئيس شي جين بينغ أوروبا إلى التكاتف ضد "الابتزاز الأحادي الأمريكي"، في لقائه مع رئيس وزراء إسبانيا، بيدرو سانشيز.
كما يخطط شي لزيارة فيتنام وماليزيا وكمبوديا، في حين أجرى رئيس الوزراء الصيني اتصالات مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي لترسيخ نظام تجاري عالمي "حر وعادل"، حسب تعبيره.
لكن هذا التوجه لا يخلو من المخاطر. إذ حذر محللون من أن تدفق الصادرات الصينية إلى أسواق بديلة قد يسبب أضراراً اقتصادية للدول المتلقية، ما قد يتحول إلى أزمة دبلوماسية للصين نفسها.
الداخل الصيني ليس بمنأى عن الضغوط
رغم التصريحات المتفائلة، يعاني الاقتصاد الصيني داخلياً من تراجع في الطلب وركود تضخمي. وتشير بيانات رسمية إلى تراجع مؤشر أسعار المستهلك للشهر الثاني على التوالي.
ومع ارتفاع أسعار السلع الأمريكية بفعل الرسوم، يتجه المستهلكون الصينيون إلى البدائل المحلية. لكن بحسب المحللين، فإن الأسواق المحلية وحدها لن تكون كافية لتعويض الضغوط الاقتصادية المتزايدة.
ترامب في مواجهة التنين
أستاذ العلوم السياسية الأمريكي، غراهام أليسون، والذي زار الصين مؤخراً، أكد أن بكين تستعد لمواجهة طويلة الأمد، مدركة أن الحرب التجارية مضرّة للطرفين، لكنها تعتقد أن بمقدورها الصمود أكثر من واشنطن.
خلاصة:
من الواضح أن الصين لم تكن مجرد هدف ثانوي في حروب ترامب التجارية، بل ربما كانت الهدف المركزي منذ البداية. ومع استمرار التصعيد المتبادل، يبدو أن العالم يدخل في فصل جديد من المنافسة الاقتصادية الشرسة، حيث لا رابح واضح، والخسائر مرشّحة للتوسع عالمياً.
المعهد العراقي للحوار الراعي اللوجستي لمعرض بغداد الدولي للكتاب يفتتح جناحه الخاص في المعرض
المعهد العراقي للحوار يصدر "الحقيبة الدبلوماسية" للدكتور كرار البديري
Official agreement between Iraqi Institute for Dialogue and the Iraqi Media Network to sponsor The Seventh Annual International Conference of “Baghdad Dialogue” 2025
استكتاب خاص بمؤتمر حوار بغداد الدولي السابع لكتابة أوراق بحثية
دعوة استكتاب في العدد (79) من مجلة "حوار الفكر"
إشادات بحوار بغداد الدولي: تعزيز دور العراق المحوري ونقطة التقاء للرؤى
رئيس الوزراء: طريق التنمية سيجعل العراق قوة اقليمية سياسة واقتصادية
تعليقات الزوار