بقلم مايكل روبن
هل تتبع تركيا نموذج الصين في الصيد الجائر؟
تجوب سفن الصيد الصينية مناطق اقتصادية حصرية تمتد من كوريا إلى كينيا. وعندما تعترض بعض الدول على هذا السلوك، كما تفعل الفلبين وفيتنام، ترد بكين بادعاءات زائفة حول أحقّيتها في تلك المياه البحرية. وإذا لم تؤدِ هذه المزاعم إلى رضوخ الدول الأصغر، تلجأ الصين إلى استخدام خفر السواحل أو الفرقاطات الصغيرة لإطلاق النار أو صدم قوارب الصيادين.
وقد تسبب الصيد الجائر الصيني في استنزاف بعض الأحياء البحرية – مثل المحار العملاق والحفش والروبيان – حتى شارف بعضها على الانقراض، بينما انقرضت أنواع أخرى بالفعل، مثل سمكة المجذاف الصينية.
ويبدو أن تركيا بدأت الآن باتباع استراتيجية الصين في الصيد الجائر، وذلك لأغراض اقتصادية وإمبريالية في بحر إيجه.
الصيد الجائر الصيني لا يُعد مجرد مشكلة اقتصادية أو مأساة بيئية، بل له آثار مزعزعة للاستقرار. فعندما انهارت صناعة الصيد في الصومال، لجأ العديد من السكان إلى القرصنة، فيما انضم آخرون إلى حركة الشباب – الفرع المحلي لتنظيم القاعدة.
وغالباً ما يستخدم الحزب الشيوعي الصيني الصيد الجائر كجزء من استراتيجيته الإمبريالية المسماة "تقطيع السلامي"، حيث يُستعمل كأداة للحرب غير المتكافئة من أجل ترسيخ مزاعمه السيادية.
كما أن تركيا، التي تحاكي الصين في هذه الاستراتيجية التوسعية في قبرص وسوريا والعراق، باتت تعتمد نهج الصيد الجائر الآن في بحر إيجه أيضاً، لتحقيق مكاسب اقتصادية وجيوسياسية.
الاستزراع المائي يُمثل صناعة ضخمة في بحر إيجه وشرق المتوسط. تساهم صناعة الاستزراع المائي في اليونان بحوالي مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي، بينما تضيف صناعة الصيد التركية ما يُقارب 3 مليارات دولار إلى الناتج المحلي التركي.
لكن تركيا تسعى بشكل متزايد إلى الغش والحصول على ميزة غير عادلة. إذ تستفيد من الدعم الحكومي، وتتجاهل، على غرار الصين، القيود البيئية. وتقوم أنقرة أيضاً بدعم نقل منتجاتها عبر الخطوط الجوية التركية إلى أكثر من 50 وجهة في الولايات المتحدة وأوروبا، مما يخفض بشكل كبير تكاليف التصدير ويمنحها قدرة على كسر الأسعار.
نتيجة لذلك، أصبحت صادرات الأسماك التركية تهيمن بشكل متزايد على أسواق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مستفيدة من الرسوم الجمركية المنخفضة (20% مقابل 10%)، وغياب فحوصات الجودة التي تُفرض على المنتجات داخل الاتحاد الأوروبي.
ورغم أن المسؤولين الأتراك ما زالوا يدّعون رغبتهم في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، خاصة أمام دبلوماسيين أمريكيين وأوروبيين سذج، إلا أن الواقع يُظهر أن تركيا تخشى الانضمام للاتحاد، لأن تنظيماته الصارمة قد تُضعف ربحية العديد من القطاعات، وتحرمها من المزايا التي تحصل عليها ببقائها خارجه. وفي المقابل، يتوجب على كل من اليونان وقبرص، كدولتين عضو في الاتحاد الأوروبي، الالتزام بتنظيمات بيئية ومعايير الاستدامة.
وبصفتهما ديمقراطيتين ناضجتين، فإن المواطنين في هاتين الدولتين لن يتسامحوا مع أي محاولة حكومية لتقديم الربح السريع على حساب البيئة أو المصلحة الوطنية الطويلة الأمد.
يتجلّى هذا التباين في مقارنة بين قطاعي الاستزراع السمكي في تركيا واليونان. فقد رفعت تركيا إنتاجها من 100,000 طن في عام 2013 إلى 556,000 طن في عام 2023، وهو ارتفاع لم يكن ليحدث لولا الدعم الحكومي وغياب التنظيمات البيئية. وفي المقابل، حافظت القوانين الأوروبية والتنظيمات المحلية على سقف إنتاج اليونان عند 130,000 طن سنوياً.
ينبغي على واشنطن وبروكسل دعم قبرص واليونان في المحافل الدولية، في جهودهما لمواجهة الإمبريالية الاقتصادية التركية والانتهاكات البحرية غير المشروعة.
قد يُنظر إلى التوغل التركي في المصائد اليونانية بوصفه نزاعاً منخفض الحدة، شبيهاً بما يحدث بين جيران آخرين. ولكن عند وضعه ضمن السياق الأشمل لـ"الوطن الأزرق" التركي – الاستراتيجية البحرية التوسعية التي تطعن في المناطق الاقتصادية الحصرية لليونان وقبرص – وضمن تحول تركيا نحو الحروب الرمادية وغير المتكافئة، فإن على واشنطن وبروكسل أن تعترفا بأن الصيد الجائر التركي هو شكل من أشكال الإمبريالية الاقتصادية، ومحاولة لشن حرب على استدامة الصناعات الحيوية لدى جيرانها.
لا ينبغي فقط للولايات المتحدة وإسرائيل أن تساعدا في مراقبة شرق المتوسط بالتعاون مع البحرية اليونانية والقبرصية لاعتراض أو إيقاف أو حتى إغراق السفن التركية المتسللة، بل يجب عليهما أيضاً دعم قبرص واليونان في المحافل الدولية، والعمل على مواجهة السلوك التركي غير المشروع. وأخيراً، ينبغي على واشنطن المساهمة في تحديث وتوسيع قدرات خفر السواحل في كل من قبرص واليونان.
تكفينا "صين واحدة" في بحر الصين الجنوبي والمحيط الهندي؛ فلا حاجة لنسخة أخرى مماثلة يمثلها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في شرق المتوسط وبحر إيجه. فحروب عديدة اندلعت لأسباب أقل من ذلك.
المعهد العراقي للحوار الراعي اللوجستي لمعرض بغداد الدولي للكتاب يفتتح جناحه الخاص في المعرض
المعهد العراقي للحوار يصدر "الحقيبة الدبلوماسية" للدكتور كرار البديري
Official agreement between Iraqi Institute for Dialogue and the Iraqi Media Network to sponsor The Seventh Annual International Conference of “Baghdad Dialogue” 2025
استكتاب خاص بمؤتمر حوار بغداد الدولي السابع لكتابة أوراق بحثية
دعوة استكتاب في العدد (79) من مجلة "حوار الفكر"
إشادات بحوار بغداد الدولي: تعزيز دور العراق المحوري ونقطة التقاء للرؤى
رئيس الوزراء: طريق التنمية سيجعل العراق قوة اقليمية سياسة واقتصادية
تعليقات الزوار