00:00:00
توقيت بغداد
2025ديسمبر15
الاثنين
10 °C
بغداد، 10°
الرئيسية أخبار نشاطات الندوات إتصل بنا

ترجمة خاصة لـ"المعهد العراقي للحوار" _ أحمد الساعدي

غليان دبلوماسي قبيل محادثات مسقط.. والتفاؤل يتراجع

في تصريحات مثيرة عشية الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، شدد ستيف ویتكاف، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون الشرق الأوسط، على ضرورة تفكيك كافة منشآت إيران النووية، بما فيها منشآتا نطنز وفردو وموقع أصفهان.

وقال ویتكاف، في مقابلة مع موقع "بريتبارت نيوز" الأميركي، إن "الولايات المتحدة لن تقبل بأي اتفاق يسمح لإيران بالاحتفاظ بمنشآت تخصيب أو أجهزة طرد مركزي"، مضيفا: "إذا كانت إيران جادة في نيتها بعدم تصنيع سلاح نووي، فعليها أن تُزيل جميع منشآتها، وتخزن الوقود النووي في مكان آمن، وتحصر أنشطتها في نطاق الاستخدام المدني فقط، على غرار مفاعل بوشهر".

ستيف ویتكاف، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي

وتنعقد الجولة الرابعة من المحادثات يوم الأحد، في العاصمة العُمانية مسقط، بعد أن أعلن كل من وزير الخارجية الإيراني ونظيره العُماني تأجيلاً مؤقتاً للمفاوضات. وتأتي هذه الجولة قبل يومين فقط من انطلاق جولة إقليمية لترامب تشمل السعودية، قطر، والإمارات، ومن المتوقع أن ينضم ویتكاف إلى الوفد المرافق لترامب بعد انتهاء المحادثات مع الجانب الإيراني.

خلاف جوهري حول ملف التخصيب

وكرر ویتكاف موقف الإدارة الجمهورية الرافض لأي برنامج تخصيب إيراني، معتبراً أن "هذه هي الخطوط الحمراء" لبلاده، قائلاً: "إذا أرادت إيران اختبار عزيمة ترامب، يمكنها أن ترفض، ولكن هذا لن يكون خياراً حكيماً".

وفي المقابل، تؤكد طهران مراراً أنها لن تتخلى عن حقها في التخصيب، وتعتبر ذلك "خطاً أحمر"، متمسكة بأن برنامجها النووي سلمي وتحت رقابة وكالة الطاقة الذرية، وبأنه يتماشى مع بنود معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT).

واشنطن ترفض اتفاقات "مؤقتة"

وأشار ویتكاف إلى أن بلاده لن تكرر تجربة الاتفاق النووي لعام 2015، معتبراً أن "أي اتفاق يحدد مهلة زمنية لانقضاء التزامات إيران هو أمر مرفوض"، في إشارة إلى بنود "انقضاء الصلاحية" في الاتفاق النووي السابق الذي انسحب منه ترامب في 2018.

وإلى جانب الملف النووي، كشف ویتكاف أن المحادثات المستقبلية ستتطرق إلى أدوار حلفاء إيران الإقليميين، بمن فيهم "حماس، حزب الله، والحوثيون"، الذين وصفهم بـ"القوى الوكيلة لطهران".

تحركات دبلوماسية موازية

وفي السياق ذاته، زار وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقچي، السعودية وقطر عشية بدء الجولة الجديدة، لإجراء مشاورات إقليمية تمهيدية، مشيراً إلى أن بلاده تحرص على التشاور مع جيرانها حول مسار المفاوضات، بما يخدم الاستقرار والمصالح المشتركة في المنطقة.

وأكد عراقچي أن "المفاوضات تتقدم تدريجياً وبدأت تدخل مرحلة التفاصيل"، مضيفاً أن هناك "حاجة دائمة للتشاور مع الأطراف الإقليمية كلما اقتربنا من التفاهمات النهائية".

وردت الخارجية الإيرانية عبر مصدر دبلوماسي مطلع بأن هذه المواقف تُهدد بنسف المفاوضات قبل بدئها، مؤكداً أن طهران "لن تتخلى عن حقها المشروع في التكنولوجيا النووية السلمية"، بموجب معاهدة عدم الانتشار (NPT).

بداية لفشل المحادثات

ووفي السياق ذاته، وصف الدبلوماسي السابق حسين موسويان تصريحات ويتكاف بأنها "نقض صارخ للمعاهدات الدولية"، محذراً من أن تمسك واشنطن بهذا الموقف سيؤدي إلى فشل مفاوضات مسقط. ودعا إلى إنشاء "كونسورتيوم نووي مشترك لدول الخليج" كحل توافقي مستدام، منتقداً المعايير المزدوجة لواشنطن التي تتفاوض مع دول أخرى في المنطقة على مشاريع نووية مشابهة.

وتأتي هذه التطورات بعد زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى السعودية وقطر، والتي شدد خلالها على ضرورة تحقيق التفاهم الإقليمي ووقف التهديدات الإسرائيلية، في سياق أوسع من التصعيد الإقليمي والمأزق في الملف النووي.

وقال بهزاد نبوي، السياسي الإصلاحي البارز وعضو الحكومة الإيرانية السابقة، إنّ "مبدأ الحوار والمفاوضات مع الدول، بما فيها أميركا، يجب ألا يُنظر إليه كأمر محرّم أو مرفوض مسبقاً"، معتبراً أن "تم كسر المحرمات المتعلقة بالتفاوض مع واشنطن"، داعياً في الوقت ذاته إلى عدم نسيان أوروبا في مسار التفاوض.

وفي مقابلة صحفية موسعة، شدد نبوي على أنّ "المفاوضات بحد ذاتها ليست مشكلة، بل يمكن أن تعود بنتائج إيجابية لمصلحة الشعب والبلد"، وأضاف: "لطالما دعمت مبدأ الحوار، لكن من دون إبداء لهفة زائدة".

وفي تعليقه على المفاوضات الجارية بين إيران وأميركا، أوضح نبوي أنّ "الجولات الأولى تناولت العموميات، لكن دخول المحادثات في التفاصيل مؤخراً مؤشر إيجابي"، واصفاً المرحلة الحالية بـ"الفرصة المناسبة"، معتبراً أنّ التفاوض لا يعني بالضرورة الضعف، بل هو أداة عقلانية لخدمة المصالح الوطنية.

وأشار نبوي إلى أهمية التحضير لضمانات تنفيذ الاتفاقات المحتملة، مقترحاً عرضها على برلماني البلدين لضمان استمراريتها مستقبلاً، وعدم ربطها فقط بإرادة الرؤساء.

كما انتقد نبوي بشدّة بعض التصرفات الداخلية التي وصفها بـ"العبثية"، وعبّر عن تأييده لموقف الرئيس مسعود پزشکیان الذي يتعامل بحذر إعلامي مع ملف المفاوضات، معتبراً أنّ "التفاوض ليس مشروع حكومة بل قرار نظام بأكمله".

وفي ختام تصريحاته، حذّر من التدخلات الخارجية، خصوصاً من جانب إسرائيل التي "تبذل جهوداً لإفشال التفاهم"، وأكد ضرورة أن تواكب طهران الحوار مع أوروبا، لأنّ "الظرف الحالي هو الأفضل لتفعيل هذا المسار، في ظل التوتر القائم بين واشنطن وبروكسل".

المسار الصعب أمامنا وأهمية الإجراءات لبناء الثقة

في تحليلهم لهذه الجولة من المحادثات، أشار خبراء الشؤون الدولية إلى تعقيدات المفاوضات النووية الذاتية، مؤكدين على أهمية الإجراءات العملية لبناء الثقة وإدارة العراقيل التي يضعها معارضو الدبلوماسية، خاصة من جانب الولايات المتحدة.

أميرعلي أبو الفتح، المحلل الإيراني للشؤون الدولية، اعتبر في هذا الصدد: "المشكلة تكمن في أن ما نعتبره اتفاقاً يختلف عما يعتبره الأمريكيون اتفاقاً. وإلا، لا أحد يعارض الاتفاق، ولا أحد سيقول لا أريد الاتفاق. هناك معارضات في هذا المجال، ولكنها أكثر تأثيراً وقوة في الولايات المتحدة. ما قد يهدد المفاوضات للوصول إلى اتفاق ليس المعارضات داخل إيران، بل داخل الولايات المتحدة. كما أن المعارض للاتفاق النووي في إيران لم تؤدِ إلى خروج إيران من الاتفاق، رغم المواقف الحادة التي تم اتخاذها، والتهديدات في البرلمان بحرق الاتفاق، لكن في النهاية لم تخرج الجمهورية الإسلامية من الاتفاق، بل كانت الولايات المتحدة هي التي انسحبت".

وأضاف في حديثه لوكالة أنباء "إيلنا" الإيرانية، أن نجاح الدبلوماسية يتطلب مرونة من كلا الطرفين وفهم واقعي للهموم الأمنية المتبادلة. 

وأوضح أن إدارة ترامب قد توافق على تخصيب منخفض فقط في حال تقديم إيران تنازلات غير مسبوقة. كما أكد أن إيران لم توافق أبداً على تخصيب صفر أو إغلاق كامل لبرنامجها النووي، مشيراً إلى أن الضغط المفرط من واشنطن قد يدفع المفاوضات نحو مواجهة عسكرية، وهو السيناريو الذي يراه مناسباً لإسرائيل وبعض حلفاء الولايات المتحدة في الكونغرس.

تعليقات الزوار