00:00:00
توقيت بغداد
2025ديسمبر15
الاثنين
10 °C
بغداد، 10°
الرئيسية أخبار نشاطات الندوات إتصل بنا

ترامب إلى الخليج بحثاً عن الصفقات... لا الدبلوماسية

بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الثلاثاء، جولة جديدة في منطقة الخليج تستمر 4 أيام بدأها من المملكة العربية السعودية، لكن على غير العادة، لا يحمل في جعبته خطة استراتيجية كبرى للمنطقة، بل تركيزاً صريحاً على توقيع الصفقات التجارية، من الطائرات إلى الذكاء الاصطناعي، مروراً بالطاقة النووية والأسلحة.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها ترجمه المعهد العراقي للحوار، إنه "منذ دخوله البيت الأبيض، تعامل ترامب مع منصب الرئاسة بوصفه حملة عالمية لاصطياد الصفقات، وقلما توجد بيئة أكثر ملاءمة لذلك من الخليج، حيث تتركز الثروات الهائلة بيد قادة يتمتعون بسلطات شبه مطلقة".

وأضافت "تختلف هذه الجولة عن زيارات رؤساء أميركيين سابقين للمنطقة، مثل جيمي كارتر الذي رعى اتفاق كامب ديفيد، أو جورج بوش الابن الذي ربط بين الحرب على الإرهاب والديمقراطية، أو حتى باراك أوباما الذي ألقى خطابه الشهير في القاهرة داعياً إلى "بداية جديدة" بين أميركا والعالم الإسلامي.

وذكرت "أما ترامب، فوجهته اقتصادية بحتة. ومن المتوقع أن يبرم صفقات في مجالات تشمل بيع الطائرات المدنية والعسكرية، وتوسيع التعاون في الطاقة النووية، والاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وسط اهتمام واضح بتوقيع أكبر عدد ممكن من الاتفاقيات ذات الطابع التجاري، وهو ما يصفه المقربون منه بـ"فن إتمام الصفقات".

صفقات لا رؤى

ويرى محللون أن تركيز ترامب على المصالح التجارية يأتي في وقت تشهد فيه السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط تغيرات كبيرة، حيث تم تقليص التواجد العسكري وتقليص الانخراط في قضايا المنطقة المعقدة، مقابل دفع الحلفاء الخليجيين نحو الإنفاق على صفقات السلاح والطاقة والتكنولوجيا.

ورغم الانتقادات من بعض الأوساط السياسية في واشنطن التي تعتبر هذا التوجه تبسيطاً مفرطاً لعلاقات استراتيجية حساسة، إلا أن إدارة ترامب ترى أن تعزيز التحالفات من خلال المصالح الاقتصادية هو السبيل الأكثر فعالية لضمان الاستقرار والتعاون.

خلفيات الزيارة

وتأتي هذه الجولة وسط توترات إقليمية مستمرة، ومحاولات للتهدئة بين أطراف الصراع، سواء في اليمن أو في علاقات التطبيع المتعثرة بين بعض دول الخليج وإيران. إلا أن مسؤولين في البيت الأبيض يؤكدون أن أجندة الزيارة "لا تشمل الانخراط في الوساطات السياسية"، بل تركز على النتائج الملموسة في مجال الاستثمار والاقتصاد.

ومن المتوقع أن يلتقي ترامب بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وعدد من القادة الخليجيين الذين يسعون بدورهم إلى تعزيز علاقاتهم الاقتصادية مع واشنطن، في ظل المنافسة الصينية المتزايدة في المنطقة.

ثورة AI خليجية برعاية ترامب

بدورها، تناولت مجلة "فورتشن" في تقرير لها عن زيارة ترامب إلى الخليج، مضيفة أن الصفقات المرتقبة بين واشنطن وكلٍّ من الإمارات والسعودية في مجال شرائح الذكاء الاصطناعي تمثّل تحولاً استراتيجياً في السياسات التكنولوجية الأميركية، مع إعطاء الأولوية للربح والنفوذ الإقليمي على حساب الاعتبارات الأمنية التي سادت خلال السنوات الماضية. وإذا ما تم تنفيذ هذه الخطط، فقد نشهد ولادة مراكز قوى تكنولوجية جديدة في الخليج، بدعم مباشر من وادي السيليكون".

وفي خطوة قد تغيّر ملامح مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي، كشفت تقارير إعلامية أميركية أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تدرس إبرام صفقة لتزويد شركة "G42" الإماراتية، ومشروع سعودي جديد يُدعى "Humain"، بمئات الآلاف من شرائح الذكاء الاصطناعي الأميركية.

ووفقاً لمجلة فورتشن، فإن هذه الصفقة المحتملة تأتي في سياق جولة مرتقبة للرئيس ترامب في منطقة الخليج، وهي جزء من استراتيجية أميركية جديدة تعكس توجهاً مغايراً لتوجهات إدارة بايدن السابقة، التي كانت قد عطّلت صفقات مماثلة مع كيانات في الشرق الأوسط، خوفاً من تسرب تقنيات حساسة إلى الصين.

شراكة مثيرة للجدل

شركة "G42" ليست جديدة على المشهد التقني، فقد أثارت جدلاً واسعاً عام 2023 بعد أن استثمرت فيها "مايكروسوفت" 1.5 مليار دولار، مما دفع نواباً أميركيين للتعبير عن مخاوفهم من احتمال نقل التكنولوجيا المتقدمة إلى جهات صينية. كما دخلت الشركة في شراكات مع شركتي "Nvidia" في مجال التكنولوجيا المناخية، و"AMD" في مشاريع مراكز البيانات في فرنسا.

وتشير التقارير إلى أن جزءاً من الشرائح الأميركية سيذهب إلى شراكة قائمة بين "G42" وشركة OpenAI الأميركية، بينما سيُسلَّم الجزء الآخر مباشرة إلى "G42". يُذكر أن شركة "MGX" الإماراتية تُعد من المستثمرين في OpenAI أيضاً، ما يعزز التشبيك المالي والتقني بين الخليج والشركات التكنولوجية الأميركية الكبرى.

السعودية تطلق ذراعها في الذكاء الاصطناعي

في السياق نفسه، أعلنت السعودية يوم الاثنين عن تأسيس شركة "Humain"، وهي شركة متخصصة بالذكاء الاصطناعي يرأس مجلس إدارتها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وتهدف هذه المبادرة إلى دفع استراتيجية المملكة الطموحة للتحول إلى مركز عالمي للذكاء الاصطناعي.

وذكرت صحيفة فايننشال تايمز أن "Humain" ستحصل على دعم مباشر من شركات وادي السيليكون، مثل "Nvidia" و"AMD"، إلى جانب مئات الآلاف من الشرائح الأميركية المتطورة. وتهدف الشركة إلى أن تكون لاعباً رئيسياً في الاستثمار والتشغيل في قطاع الذكاء الاصطناعي، مما قد يجعلها من أكبر الشركات التكنولوجية خارج الولايات المتحدة.

نهج صفقات لا قيود

يمثل هذا التوجه تحولاً حاداً في السياسة الأميركية. فبينما كانت إدارة بايدن تتعامل بحذر مع مسألة تصدير التكنولوجيا المتقدمة لحلفاء مثل الإمارات والسعودية، يبدو أن إدارة ترامب تتجه نحو توظيف هذه التكنولوجيا كأداة دبلوماسية وتجارية لتعزيز النفوذ الأميركي وكسب الحلفاء، خاصة في بيئة يتصاعد فيها التنافس مع الصين على الزعامة في مجال الذكاء الاصطناعي.

سياق دولي متوتر

التحرك الأميركي يأتي بالتزامن مع اتفاق تجاري مؤقت بين واشنطن وبكين، أعلن عنه مطلع هذا الأسبوع، لتجميد معظم الرسوم الجمركية بين البلدين لمدة 90 يوماً، في محاولة لتخفيف حدة التوترات التجارية.

لكن هذه الهدنة المؤقتة لا تُخفي عمق القلق الأميركي من تمدد النفوذ الصيني، لا سيما عبر شركات تكنولوجية عملاقة، وهو ما يفسر مساعي ترامب لتقوية الروابط التكنولوجية مع حلفاء إقليميين قادرين على استيعاب التكنولوجيا المتقدمة الأميركية بعيداً عن المدار الصيني.

تعليقات الزوار