حزب العمال الكردستاني (PKK): من الكفاح المسلح إلى إعلان الانحلال
أعلن حزب العمال الكردستاني في مايو 2025 حل نفسه رسميًا، منهياً مسيرة امتدت لأكثر من أربعة عقود من النضال المسلح والسياسي، تحوّلت خلالها أهدافه واستراتيجياته عدة مرات، من السعي إلى دولة كردية مستقلة إلى تبني نموذج "الإدارة الذاتية الديمقراطية". هذا التقرير يتتبع النشأة، التحولات، الصراعات، المحطات المفصلية والانحلال.
أولاً: النشأة والمرتكزات الإيديولوجية
تاريخ التأسيس: تأسس الحزب في 27 نوفمبر 1978 في قرية "فيس" في محافظة دياربكر، بمشاركة مجموعة من الطلبة الأكراد اليساريين بقيادة عبد الله أوجالان.
المرجعية الإيديولوجية: بدأ كحزب ماركسي-لينيني ثوري يسعى إلى إقامة دولة اشتراكية كردية مستقلة في تركيا.
السياق السياسي: تشكل الحزب في ظل تصاعد القمع ضد الحركات الكردية في تركيا، والفراغ السياسي الذي خلفه ضعف الحركات القومية الكردية التقليدية.
ثانياً: مرحلة الكفاح المسلح والتمركز في الخارج
الانطلاق المسلح: في 15 أغسطس 1984، شنّ الحزب أولى عملياته ضد الجيش التركي، وبدأ ما عُرف بـ"حرب تحرير كردستان".
التمركز في الخارج: انتقل أوجالان إلى سوريا عام 1979، ثم تمركزت القيادة في وادي البقاع اللبناني، بدعم من النظام السوري. تلقى عناصر الحزب تدريبات على أيدي فصائل فلسطينية.
القواعد الخلفية: اتخذ الحزب من جبال قنديل شمال العراق مقرًا استراتيجيًا رئيسيًا بعد التسعينيات، وبدأ يوسّع نفوذه الإقليمي.
ثالثاً: التحولات الفكرية والتكتيكية
التخلي عن الماركسية التقليدية: مع بداية التسعينيات، ومع انهيار الاتحاد السوفيتي، بدأ الحزب في الابتعاد عن الماركسية الكلاسيكية.
التحول إلى "الكونفدرالية الديمقراطية": بعد اعتقال أوجالان عام 1999، تبنّى الحزب أفكار "الأمة الديمقراطية" المستوحاة من الفيلسوف الأميركي موراي بوكتشين، داعيًا إلى حكم ذاتي ديمقراطي بدلًا من الاستقلال.
رابعاً: محطات الصراع والتفاوض
1. الاعتقالات والضربات العسكرية (1980–1999)
شهدت هذه الفترة تصعيدًا عسكريًا واسعًا بين الحزب والدولة التركية.
الرد التركي شمل تهجير آلاف القرى، واتهامات دولية بانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان.
2. اعتقال عبد الله أوجالان (1999)
نقطة تحول مفصلية؛ حيث أعلن أوجالان من السجن دعوته لوقف إطلاق النار، وأمر الحزب بالانسحاب من الأراضي التركية.
بدأ الحزب سلسلة تغييرات في الاسم والتركيبة، لكنه واصل النشاط العسكري عبر واجهات متعددة مثل "قوات الدفاع الشعبي".
3. عملية السلام مع الحكومة التركية (2009–2015)
شهدت انفتاحاً غير مسبوق عبر مفاوضات مباشرة بين الدولة وأوجالان.
culminated in “اتفاق دولمه باغجه” عام 2015، لكنه انهار لاحقًا مع استئناف العمليات المسلحة بعد احتجاجات كوباني.
خامساً: البعد الإقليمي والدولي
في سوريا: أسس الحزب "حزب الاتحاد الديمقراطي PYD" و"وحدات حماية الشعب YPG"، اللذين شكّلا نواة "قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة أميركيًا لمحاربة داعش.
في العراق: اصطدم نفوذ الحزب بنفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارزاني) وأثار خلافات مستمرة مع حكومة إقليم كردستان.
في أوروبا: واجهت مؤسساته تضييقًا أمنيًا، لكن نشاطه السياسي ظل قائمًا عبر منظمات مدنية وحقوقية كردية.
سادساً: مرحلة التراجع والتفكك
الضربات الأمنية: منذ 2016، شنت تركيا حملات عسكرية واسعة شمال العراق وسوريا، مستهدفة قادة الحزب.
الانقسام الداخلي: نشأت تيارات داخل الحزب تطالب بتغيير القيادة وإعادة النظر في الخيارات المسلحة، خاصة بعد تراجع الدعم الشعبي.
الوساطات الداخلية: طرحت مبادرات بزعامة أحزاب كردية تركية (مثل حزب الشعوب الديمقراطي) ومن وسطاء أوروبيين لحل التنظيم وإنهاء العنف.
سابعاً: إعلان الانحلال (2025)
في مايو 2025، أعلن الحزب رسميًا عن حل نفسه، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة ستكون بقيادة عبد الله أوجالان من سجنه في أمرالي.
نص البيان الختامي على التخلي عن الكفاح المسلح، وإنهاء البنية التنظيمية للحزب، والانتقال إلى نشاط سياسي عبر أطر مدنية.
يُنظر إلى هذا الإعلان على أنه نتاج ضغوط أمنية داخلية وترتيبات إقليمية ودولية، إضافة إلى تحوّلات في قناعة أوساط قيادية داخل الحزب.
ثامناً: التقييم والتحليل
نجاحات:
تسليط الضوء دوليًا على المسألة الكردية في تركيا وسوريا والعراق.
بناء تجربة ذاتية للإدارة المدنية الكردية في شمال سوريا.
صمود طويل في وجه آلة عسكرية قوية.
إخفاقات:
تسبّب في دمار واسع، تهجير داخلي، ومقتل عشرات آلاف الأشخاص.
فشل في تحقيق الاستقلال أو الحكم الذاتي الرسمي ضمن الدولة التركية.
انقسامات داخلية وغياب استراتيجية دبلوماسية فعالة.
نهاية مسار أم بداية جديدة؟
إعلان انحلال حزب العمال الكردستاني لا يعني بالضرورة نهاية القضية الكردية في تركيا، بل قد يمثل بداية مرحلة جديدة من الكفاح السياسي المدني. ومع بقاء عبد الله أوجالان رمزًا مركزيًا، واحتمال بروز كيانات بديلة أو تطور هيكليات جديدة، فإن مستقبل الحركة الكردية مرهون بمدى استجابة الدولة التركية لمطالب الهوية والحقوق، ومدى قدرة الأكراد على توحيد صفوفهم ضمن أطر سلمية.
المعهد العراقي للحوار الراعي اللوجستي لمعرض بغداد الدولي للكتاب يفتتح جناحه الخاص في المعرض
المعهد العراقي للحوار يصدر "الحقيبة الدبلوماسية" للدكتور كرار البديري
Official agreement between Iraqi Institute for Dialogue and the Iraqi Media Network to sponsor The Seventh Annual International Conference of “Baghdad Dialogue” 2025
استكتاب خاص بمؤتمر حوار بغداد الدولي السابع لكتابة أوراق بحثية
دعوة استكتاب في العدد (79) من مجلة "حوار الفكر"
إشادات بحوار بغداد الدولي: تعزيز دور العراق المحوري ونقطة التقاء للرؤى
رئيس الوزراء: طريق التنمية سيجعل العراق قوة اقليمية سياسة واقتصادية
تعليقات الزوار