ترجمة: المعهد العراقي للحوار
تقرير: إسرائيل ضمّت الضفة الغربية فعلياً – الواقع وتداعياته
يشير تقرير تحليلي نشره موقع Descifrando la Guerra الإسباني إلى أنّ إسرائيل قامت فعلياً بضم الضفة الغربية المحتلة من دون إعلان رسمي، عبر سياسات تراكمية فرضت واقعاً جديداً على الأرض. التقرير يوضح أن الضم لم يكن مجرد طرح سياسي بل تحول إلى حقيقة ميدانية عبر الاستيطان، الهندسة الديموغرافية، وربط البنى التحتية بالمدن الإسرائيلية، ما جعل الأراضي الفلسطينية عبارة عن جزر معزولة ومحاصرة.
وتُقسم الضفة الغربية وفق اتفاقات أوسلو إلى مناطق (أ)، (ب)، و(ج)، حيث تقع معظم المستوطنات الإسرائيلية في المنطقة (ج) التي تمثل حوالي 60٪ من مساحة الضفة الغربية وتخضع بالكامل للسيطرة الإسرائيلية الأمنية والإدارية.
في هذه المناطق، يتم البناء الاستيطاني بشكل متواصل، ويتم تنفيذ مشاريع البنية التحتية التي تضمن فصل المستوطنات عن التجمعات الفلسطينية، بما في ذلك الطرق الالتفافية والجدار الفاصل. هذا الفصل الجغرافي لا يقتصر على التأثير على الحركة اليومية للفلسطينيين، بل يمتد إلى الحد من التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الفلسطينية.
يعتمد الاستيطان الإسرائيلي على استراتيجيات متدرجة تشمل الاستيلاء على الأراضي الخاصة والعامة، وتوسيع المستوطنات القائمة، وإنشاء مستوطنات جديدة، إلى جانب دعم الدولة الإسرائيلية لهذه العمليات عبر التمويل والبنية التحتية.
وتشير المعطيات إلى أن عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية قد تجاوز 700 ألف مستوطن، ويشكلون كتلة سكانية مترابطة مع الشبكة الحضرية الإسرائيلية، ما يجعل من الصعب فصلهم في أي اتفاق مستقبلي.
تتمثل إحدى أبرز الآليات في بناء طرق التوصيل الإسرائيلية التي تربط المستوطنات ببعضها البعض وبإسرائيل، مع تقييد حركة الفلسطينيين على هذه الطرق أو منعهم تماماً من استخدامها. هذا الهيكل الطوبوغرافي يخلق واقعاً يشبه "الكانتونات" الفلسطينية الصغيرة، محاطة بالسيطرة الإسرائيلية، بحيث تصبح الأراضي الفلسطينية موزعة ومجزأة، وهو ما يقلص قدرة الفلسطينيين على إدارة شؤونهم بشكل مستقل ويعيق أي خطة لإنشاء دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا.
من الناحية القانونية والسياسية، فإن الاستيطان المستمر يتناقض مع القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقيات جنيف الرابعة التي تحظر نقل السكان المدنيين من الدولة المحتلة إلى الأراضي التي تحتلها. ومع ذلك، تستمر إسرائيل في سياسة الضم الواقعي، مدعية أن هذه المناطق جزء من "أرض إسرائيل التاريخية"، وأن المستوطنات تخدم الأمن القومي الإسرائيلي.
هذه المزاعم تواجه رفضاً واسعاً من المجتمع الدولي، الذي يرى في هذه الإجراءات تهديداً لحل الدولتين وضربة لحقوق الفلسطينيين.
تاريخياً، يمكن تتبع سياسة الاستيطان الإسرائيلي منذ الاحتلال في عام 1967، مع تسارع ملحوظ بعد اتفاقات أوسلو في التسعينيات. فقد ساهمت هذه الاتفاقات في تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق حسب السيطرة الفلسطينية والإسرائيلية، إلا أن الاستيطان لم يتوقف، بل توسع بشكل كبير بعد 2000 وحتى اليوم. وقد رافق ذلك تشديد القيود على الفلسطينيين في التنقل والبناء، مع تعزيز البنية التحتية للمستوطنات الإسرائيلية.
السياسات الإسرائيلية الأخيرة تمثل تحدياً كبيراً لأي عملية سلام. فمع استمرار بناء المستوطنات وفرض السيطرة على الأراضي الحيوية، يصبح من المستحيل إقامة دولة فلسطينية متصلة ومستقلة. ويبرز هذا الواقع أن ما يُسمى بالحلول التفاوضية أو التوصل إلى اتفاق سياسي يتطلب الاعتراف بالحقائق الميدانية، التي تُظهر أن الضفة الغربية قد أصبحت تقريباً جزءاً من إسرائيل، بما في ذلك السيطرة على الموارد والممرات الاستراتيجية.
ختاماً، يشير التقرير الإسباني إلى أن المجتمع الدولي يواجه اليوم اختباراً حقيقياً في التعاطي مع واقع الضم الاستيطاني الإسرائيلي للضفة الغربية. فاستمرار الاستيطان يعمق الانقسام ويقلص فرص السلام العادل والدائم، ويضعف أي جدوى للجهود الدبلوماسية المستقبلية.
ومن هنا، يصبح من الضروري أن تتبنى الدول والمنظمات الدولية موقفاً فعالاً يحمي الحقوق الفلسطينية ويضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان وضمان إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة على كامل أراضيها.
كما يشير التقرير إلى أن السلطات الإسرائيلية دفعت خلال السنوات الأخيرة باتجاه دمج المستوطنات إدارياً وقانونياً مع إسرائيل، بما يعزز الضم الزاحف دون الحاجة إلى إعلان رسمي. هذا الواقع أدّى إلى إفراغ فكرة حل الدولتين من مضمونها، إذ لم يعد بالإمكان الحديث عن دولة فلسطينية قابلة للحياة في ظل تفكك الجغرافيا وتآكل السيادة الفلسطينية.
تداعيات هذا الوضع، بحسب التقرير، لا تقتصر على الفلسطينيين، بل تمتد لتضع المجتمع الدولي أمام مأزق حقيقي. فمن جهة، لا تزال الولايات المتحدة وبعض القوى الغربية تدعم إسرائيل رغم الانتقادات الشكلية لسياسات الاستيطان، بينما يزداد الغضب الشعبي والرسمي في مناطق أخرى من العالم تجاه ما يُنظر إليه كخرق صارخ للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
يرى التقرير أن هذا الضم الفعلي سيؤدي على المدى البعيد إلى تصاعد المقاومة الفلسطينية، سواء الشعبية أو المسلحة، وإلى تعميق الفجوة بين إسرائيل وبقية القوى الدولية التي ما زالت تتمسك نظرياً بحل الدولتين.
كما يحذّر من أن استمرار هذا النهج الإسرائيلي قد يعيد صياغة القضية الفلسطينية برمتها، ويفرض على المجتمع الدولي التفكير في بدائل جديدة تتجاوز المسار التفاوضي التقليدي الذي أصبح بلا جدوى.
المعهد العراقي للحوار الراعي اللوجستي لمعرض بغداد الدولي للكتاب يفتتح جناحه الخاص في المعرض
المعهد العراقي للحوار يصدر "الحقيبة الدبلوماسية" للدكتور كرار البديري
Official agreement between Iraqi Institute for Dialogue and the Iraqi Media Network to sponsor The Seventh Annual International Conference of “Baghdad Dialogue” 2025
استكتاب خاص بمؤتمر حوار بغداد الدولي السابع لكتابة أوراق بحثية
دعوة استكتاب في العدد (79) من مجلة "حوار الفكر"
إشادات بحوار بغداد الدولي: تعزيز دور العراق المحوري ونقطة التقاء للرؤى
رئيس الوزراء: طريق التنمية سيجعل العراق قوة اقليمية سياسة واقتصادية
تعليقات الزوار