00:00:00
توقيت بغداد
2025ديسمبر05
الجمعة
22 °C
بغداد، 22°
الرئيسية أخبار نشاطات الندوات إتصل بنا

ترجمة: المعهد العراقي للحوار

هل تتجه مصر وإسرائيل نحو مواجهة مفتوحة؟

شهدت العلاقات المصرية – الإسرائيلية خلال الأشهر الأخيرة تحولات غير مسبوقة في لهجة القاهرة تجاه تل أبيب، الأمر الذي أثار تساؤلات جدية حول إمكانية انزلاق الطرفين إلى مواجهة عسكرية مباشرة، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، واستمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، وما تبعها من تداعيات إقليمية واسعة.

تغيير في الخطاب المصري

في 15 سبتمبر 2025، وخلال القمة الطارئة للدول العربية والإسلامية في الدوحة، وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إسرائيل بأنها "عدو" – وهو توصيف علني غير مسبوق منذ توليه السلطة عام 2014.

هذا التحول الحاد في الخطاب الرسمي المصري يعكس استياءً عميقاً من السياسات الإسرائيلية، لاسيما مع تزايد الهجمات في غزة، وتوسع العمليات العسكرية قرب الحدود المصرية، وتكرار استهداف معبر رفح.

الصحافة الإسرائيلية – مثل إسرائيل هيوم – رأت في تصريحات السيسي "منعطفاً استراتيجياً"، معتبرة أن القاهرة "شرعنت خطاب المواجهة" بعد عقود من التمسك بمعاهدة السلام.

العوامل المحركة للتوتر

 التهديدات الإسرائيلية المباشرة لغزة ومصر

  إعلان الجيش الإسرائيلي عن دخول أكثر من 100 طائرة مسيرة من الأراضي المصرية، واتهامات ضمنية لمصر بالتساهل مع حركة حماس.

 الهواجس المصرية بشأن سيناء

  القاهرة ترى أن تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء يمثل "خطاً أحمر" استراتيجياً. العمليات الإسرائيلية في رفح أحيت هذه المخاوف، خصوصاً مع دعوات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى "إعادة توطين سكان غزة".

 العسكرة في شبه جزيرة سيناء

  تقارير عدة (منها موقع أكسيوس) أشارت إلى أن مصر ضاعفت قواتها في سيناء لتصل إلى نحو 40 ألف جندي، إضافة إلى نشر منظومات دفاع جوي صينية متقدمة (HQ-9B). هذا الانتشار العسكري يتجاوز السقوف المحددة في معاهدة كامب ديفيد 1979، ما اعتبرته إسرائيل "خرقاً" للاتفاق.

مؤشرات مواجهة محتملة

تعثر المسار الدبلوماسي: القاهرة لم ترسل سفيراً جديداً إلى تل أبيب منذ أشهر، كما تم تأجيل اعتماد السفير الإسرائيلي الجديد في مصر.

 تحذيرات غير معلنة: تقارير إعلامية كشفت أن مصر أبلغت الولايات المتحدة رفضها القاطع لأي محاولة إسرائيلية لاستهداف قادة حماس داخل الأراضي المصرية.

الحشد القبلي في سيناء: مصادر محلية تحدثت عن استعداد قبائل سيناء لدعم الجيش في حال نشوب صراع.

رغم ذلك، يظل احتمال الحرب المباشرة "منخفضاً نسبياً" وفق تقديرات خبراء، لكنه لم يعد مستبعداً إذا ما واصلت إسرائيل سياساتها التصعيدية.

الأبعاد الإقليمية

التوتر المصري – الإسرائيلي يتزامن مع إعادة تشكل محتملة لخريطة التحالفات الإقليمية:

 توقيع اتفاق دفاعي بين السعودية وباكستان (سبتمبر 2025)، مع احتمال انضمام دول عربية أخرى إليه.

إجراء أول مناورة بحرية مشتركة بين مصر وتركيا منذ 13 عاماً، في شرق المتوسط (22–26 سبتمبر)، حمل رسالة واضحة لإسرائيل.

اتصالات مكثفة بين القاهرة والرياض والدوحة وطهران حول إنشاء "تحالف دفاعي إقليمي على غرار الناتو".

 تقدير استراتيجي

 المخاطر: استمرار التصعيد قد يضع معاهدة كامب ديفيد على المحك، ويهدد باندلاع مواجهة عسكرية محدودة أو واسعة.

الفرص: التوتر قد يدفع القاهرة لتعزيز تحالفاتها الإقليمية، ويزيد من قدرتها التفاوضية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

المتغير الحاسم: مدى استعداد إسرائيل للمضي في مشروع "إسرائيل الكبرى" وسياساتها التوسعية، مقابل قدرة مصر على الحفاظ على ردع متوازن دون الانجرار إلى حرب شاملة.

خاتمة

يبقى السؤال مفتوحاً: هل يسعى السيسي إلى مواجهة عسكرية فعلية، أم أن الخطاب الجديد جزء من استراتيجية ردع سياسية – عسكرية تهدف إلى كبح إسرائيل ومنعها من تجاوز "الخطوط الحمراء" المصرية في غزة وسيناء؟

ما يمكن تأكيده أن العلاقات المصرية – الإسرائيلية تدخل مرحلة غير مسبوقة من التوتر منذ معاهدة السلام 1979، وأن تطورات الأشهر المقبلة ستحدد إن كان هذا التحول سيبقى في إطار الحرب الكلامية والضغوط السياسية، أم أنه سيتطور إلى مواجهة ميدانية.

 

تعليقات الزوار