00:00:00
توقيت بغداد
2025ديسمبر07
الأحد
25 °C
بغداد، 25°
الرئيسية أخبار نشاطات الندوات إتصل بنا

بقلم كايتي ستالارد – The New Statesman

هل تستعد الولايات المتحدة للحرب في فنزويلا؟

تشهد منطقة الكاريبي منذ أشهر حشداً عسكرياً أمريكياً غير مسبوق حول نظام نيكولاس مادورو في فنزويلا، ما أثار تساؤلات جدية حول ما إذا كانت واشنطن تتجه نحو عمل عسكري مباشر.

فمنذ أغسطس الماضي، بدأت قوة بحرية أمريكية بالتمركز في المياه الدولية قرب السواحل الفنزويلية، وفي 24 أكتوبر أمر وزير الدفاع بيت هيغسث — الذي أُعيدت تسميته في عهد ترامب بـ"وزير الحرب" — بنشر حاملة الطائرات USS Gerald Ford، وهي الأكبر في العالم، مع مجموعتها القتالية في البحر الكاريبي. وبهذا، ستكون نحو 14% من أسطول البحرية الأمريكية السطحي متركزة في تلك المنطقة الحساسة.

العمليات لم تقتصر على الاستعراض العسكري. فمنذ مطلع سبتمبر، شنّت القوات الأمريكية 14 غارة ضد زوارق صغيرة في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ الشرقي، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 61 شخصاً. وقد برّر الرئيس دونالد ترامب هذه الضربات بأنها تستهدف "قوارب تهريب مخدرات" تشكّل "تهديدًا للأمن القومي الأمريكي"، من دون تقديم أدلة. 

لكن المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، صرّح في 31 أكتوبر أن هذه الهجمات "لا تستند إلى أي أساس قانوني دولي" وتشكل "عمليات قتل خارج نطاق القانون".

وفي الأسابيع الأخيرة، قامت الطائرات الأمريكية بطلعات قريبة من الأجواء الفنزويلية، حيث حلّقت قاذفتان من طراز B-1 Lancer على بعد نحو 20 ميلًا فقط من الساحل في 27 أكتوبر، كما نفذت قاذفات B-52 ومقاتلات F-35 عرضًا عسكرياً أُطلق عليه اسم "استعراض القاذفات الهجومية" في 15 أكتوبر على بعد 50 ميلاً من فنزويلا.

وسائل إعلام أمريكية بارزة مثل Miami Herald وWall Street Journal تحدثت مؤخراً عن احتمال تنفيذ ضربات وشيكة ضد أهداف داخل فنزويلا، تشمل منشآت عسكرية، فيما قالت مصادر إن القرار قد يُنفذ "خلال ساعات أو أيام"، رغم أن ترامب لم يُصدر أمرًا نهائيًا بعد.

 مزيج من الضغط النفسي والعسكري

يبقى السؤال المطروح: هل واشنطن جادة فعلاً في قصف فنزويلا، أم أن ما يجري مجرد حملة ضغط لإجبار مادورو على التنحي؟ الإجابة — على الأرجح — كلاهما معًا.

يُعرف أن ترامب يحمل ضغينة شخصية طويلة الأمد تجاه مادورو. ففي ولايته الأولى، هدّد علناً بالتدخل العسكري وناقش مع مستشاريه فكرة غزو فنزويلا، قبل أن يُثنيه مسؤولون كبار عن ذلك. لكن الرئيس الأمريكي عاد هذه المرة باتهامات جديدة، إذ يتهم مادورو بقيادة منظمة تهريب مخدرات كبرى تُعرف باسم “كارتل الشمس” (Cartel de los Soles)، تربطها علاقات بعصابات مثل "ترين دي أراغوا" الفنزويلية و"كارتل سينالوا" المكسيكي، اللتين تصنفهما واشنطن كـ"منظمات إرهابية أجنبية".

ومع أن بعض الضباط الفنزويليين متورطون فعلاً في تجارة المخدرات، إلا أن خبراء مجموعة الأزمات الدولية (ICG) يؤكدون أنه "لا يوجد دليل على وجود كارتل منظم ومستقر بهذا الاسم"، مشيرين إلى أن الاتهامات الأمريكية تثير التساؤل، خصوصاً وأن المخدر الأخطر الذي يهدد الأمريكيين، وهو الفنتانيل، يأتي في معظمه من المكسيك وليس من فنزويلا.

"الحرب على النركو-إرهاب"

رغم ذلك، يواصل مسؤولون أمريكيون تبرير العمليات العسكرية بأنها جزء من حملة ضد "الإرهاب المرتبط بالمخدرات". فقال ماركو روبيو، الذي يشغل في إدارة ترامب منصبي وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي، إن "هذه العملية تستهدف الإرهابيين الممولين من تجارة المخدرات... القاعدة في نصف الكرة الغربي"، مضيفاً أن "فنزويلا أصبحت دولة مخدرات يديرها كارتل".

من جانبه، روّج ستيفن ميلر، نائب رئيس موظفي البيت الأبيض ومهندس سياسات الهجرة في إدارة ترامب، للرواية ذاتها، مؤكداً أن "ما يحكم فنزويلا ليس حكومة، بل عصابة مخدرات".

 حرب نفسية... ومكافأة ضخمة

إلى جانب الحشد العسكري، تشن واشنطن حرباً نفسية مكثفة على مادورو ودائرته المقربة. فقد عرضت وزارة الخارجية مكافأة قدرها 50 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله، في محاولة لدفع المحيطين به إلى الانشقاق. كما أعلن ترامب في وقت سابق أنه سمح لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA) بتنفيذ عمليات سرية في البلاد.

وتهدف هذه الخطوات إلى إقناع مادورو بأن أيامه معدودة، أو دفع قادة الجيش إلى الإطاحة به قبل أن يُجبروا على السقوط معه.

ونقلت صحيفة Miami Herald عن مصدر قوله إن "مادورو بات محاصراً وقد يكتشف قريباً أنه لا يستطيع مغادرة البلاد حتى لو أراد"، مضيفاً أن "هناك أكثر من جنرال واحد مستعد لتسليمه". لكن مثل هذه التسريبات قد تكون أيضاً جزءاً من خطة تضليل نفسي لإقناع مادورو بأن الانقلاب عليه وشيك.

 السيناريوهات المحتملة

قد يكون كل ذلك خداعاً متعمّداً من ترامب لإظهار أنه على وشك شنّ حرب لا ينوي خوضها، أملاً في انهيار النظام من الداخل. لكن هذه مقامرة خطيرة.

في أفضل الحالات بالنسبة لواشنطن، يُرغم مادورو على التنحي دون قتال، وتستلم المعارضة بقيادة ماريا كورينا ماتشادو السلطة، لتبدأ مرحلة "ديمقراطية جديدة" تقلل من تدفق المهاجرين والمخدرات إلى الولايات المتحدة — كما يأمل البيت الأبيض.

غير أن تاريخ الولايات المتحدة الطويل في محاولات تغيير الأنظمة في أمريكا اللاتينية لا يبشر بنتائج وردية. فواشنطن فشلت مراراً في تحويل الأنظمة السلطوية إلى ديمقراطيات مستقرة، وغالباً ما انتهت تدخلاتها إلى مستنقعات دامية وحروب لا تنتهي.

تعليقات الزوار