00:00:00
توقيت بغداد
2025ديسمبر07
الأحد
25 °C
بغداد، 25°
الرئيسية أخبار نشاطات الندوات إتصل بنا

ترجمة: المعهد العراقي للحوار

ماذا سيفعل البريطانيون في سباق تسلح نووي جديد؟

يبدو أن من حسن الحظ أن «ساعة يوم القيامة» لا تُعدّل سوى مرة واحدة في السنة. فهذه الساعة، التي تقيس مستوى الخطر الوجودي على البشرية، تقدمت ثانية واحدة نحو منتصف الليل في نهاية عام 2024، لتصبح 59 ثانية قبل النهاية. وقد كان السبب الرئيس في ذلك هو الحرب في أوكرانيا، والمخاطر الحقيقية التي قد تؤدي إلى مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا قد تتطور إلى حرب نووية.

ومع اقتراب نهاية عام 2025، يُرجّح أن يتحرك عقرب الساعة ثانيةً أخرى نحو منتصف الليل. والمفارقة الساخرة أن الأزمة الأخيرة تبدو نتيجة لتصريحات غير محسوبة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

تصريحات ترامب تشعل أزمة جديدة

أثناء عودته من كوريا الجنوبية بعد قمة جمعته بالرئيس الصيني شي جين بينغ على هامش مؤتمر «آبيك» في 30 تشرين الأول/أكتوبر، أعلن ترامب أنه «بسبب برامج التجارب النووية لدول أخرى»، أمر وزارة الدفاع الأميركية بإعادة تفعيل عملية اختبار الأسلحة النووية «على أساس المساواة»، وقال إن «العملية ستبدأ فوراً».

وجاء هذا الإعلان بعد تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن اختبار صاروخ «بوريفيستنيك» الجديد الذي يعمل بالطاقة النووية، تلاه إعلان آخر حول اختبار الطوربيد النووي «بوسايدون».

ورغم أن كلا السلاحين قادران على حمل رؤوس نووية، فإنهما ليسا أسلحة نووية بحدّ ذاتهما، إذ إن روسيا لم تجرِ أي اختبار نووي منذ نهاية الحرب الباردة، وكذلك الصين التي تُعدّ ثالث أكبر قوة نووية بعد الولايات المتحدة وروسيا.

موسكو تردّ وقلق من العودة إلى الحرب الباردة

ردّ بوتين سريعاً بإعلان استئناف بلاده التجارب النووية، مستشهداً بتصريحات ترامب وبرنامج التحديث النووي الأميركي المستمر. لكن في الوقت نفسه، يجري دبلوماسيون روس محادثات مع نظرائهم الأميركيين لتوضيح نوايا واشنطن، في ظل امتناع البيت الأبيض ووزارة الخارجية عن تقديم رد واضح.

ويعيد هذا المشهد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة، حين كانت السيطرة على توازن الرعب بين قوتين قادرتين على تدمير الكوكب بالكامل تحتاج إلى حذر بالغ.

بريطانيا في مرمى النار

توم فوغان، المحاضر في الأمن الدولي بجامعة ليدز، يشير إلى أن بريطانيا تمضي قدمًا في شراء طائرات الشبح «إف-35» القادرة على حمل قنابل نووية، لكنها لا تستطيع استخدامها من دون إذن أميركي. كما يعتمد نظام الردع النووي البريطاني «ترايدنت» على الدعم والصيانة الأميركية.

ويقول فوغان إن ذلك يجعل المملكة المتحدة «هدفًا محتملاً في أي حرب نووية قد تنشب بين قوتين غير متوقعتين وعنيفتين».

هذه المخاوف تُعيد إلى الأذهان أجواء سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حين شعر العالم أنه اقترب من الكارثة قبل أن ينجح قادة مثل رونالد ريغان وميخائيل غورباتشوف في إبعاده عن الهاوية، ومع سقوط جدار برلين ونهاية الحرب الباردة، بدا وكأن تلك الأيام ولّت إلى الأبد.

سباق تسلح ينعكس في الثقافة الشعبية

لم يغب هذا التصعيد الدبلوماسي المتسارع عن صُنّاع السينما أيضًا؛ فقد أطلقت المخرجة الأميركية كاثرين بيغلو – صاحبة أفلام «خزانة الألم» و«زيرو دارك ثيرتي» – فيلمًا جديدًا على «نتفليكس» بعنوان منزل من الديناميت، يتناول كيف يمكن أن يتصرف المسؤولون الأميركيون إذا بدا أن هجومًا نوويًا وشيكًا سيقع.

مارك لايسي، أستاذ الفلسفة بجامعة إسكس، يرى أن الفيلم يقدم تصويرًا خياليًا معبّرًا عن الارتباك والتعقيد في مثل هذا الموقف، خاصة في ظل المخاطر المتزايدة لهجمات إلكترونية قد تعطل الاتصالات في لحظات حاسمة.

ويضيف لايسي أنه لحسن الحظ، ما زال هذا مجرد خيال، لكن تبادل التصريحات بين ترامب وبوتين يجعل السيناريو يبدو أقل استحالة.

مامداني: السياسي الذي يُحسن الإصغاء

الخبر الأميركي الكبير الآخر هذا الأسبوع جاء من نيويورك، حيث فاز زهـران مامداني، السياسي الاشتراكي الديمقراطي، في انتخابات رئاسة بلدية نيويورك، متغلبًا على الحاكم السابق أندرو كومو (الذي حصل على 41.6% من الأصوات) والجمهوري كيرتس سلويا (بنحو 7%).

يُعد مامداني أول رئيس بلدية مسلم في تاريخ نيويورك، وأصغر من يتولى المنصب منذ عام 1892، وأول عمدة وُلد في إفريقيا. خاض حملته الانتخابية تحت شعار تخفيض تكاليف المعيشة، وفرض ضوابط على الإيجارات، وتوفير النقل العام المجاني ورعاية الأطفال للجميع، عبر فرض ضرائب أعلى على الأثرياء.

وكالعادة، هاجمه ترامب واصفًا إياه بـ«الشيوعي»، وقال إنه سيوقف تمويل المدينة (رغم أنه لا يملك الصلاحية الدستورية لذلك)، فيما وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه «بوق دعاية لحماس». لكن معظم سكان نيويورك لم يبالوا بهذه الانتقادات.

سياسة تقوم على الاستماع

يقول دانيال هاتون فيريس، أستاذ النظرية السياسية في جامعة نيوكاسل، إن أحد أهم أسباب نجاح مامداني هو قدرته على الاستماع للآخرين، حتى لمعارضيه، مشيرًا إلى أنه كان يحرص خلال جولاته الانتخابية على سؤال الناس عن آرائهم.

ويضيف أن هذا النهج ليس مجرد لباقة سياسية، بل تكتيك فعّال في ظل نظام التصويت التفضيلي في نيويورك، حيث يختار الناخبون ترتيب المرشحين بحسب الأفضلية بدلاً من التصويت لمرشح واحد فقط. هذا النظام يعاقب المرشحين ذوي الخطاب المتطرف ويكافئ أولئك الذين يسعون لتوسيع قاعدة تأييدهم بالحوار.

تحولات سياسية أمريكية

ولم يكن مامداني الفائز الوحيد يوم الثلاثاء؛ إذ حقق الحزب الديمقراطي انتصارات في ولايتين على مستوى حكام الولايات، كما أقرّ الناخبون في كاليفورنيا «المقترح 50» الذي يسمح بإعادة ترسيم الدوائر الانتخابية – خطوة قد تمنح الديمقراطيين خمسة مقاعد إضافية في انتخابات منتصف 2026.

ويرى أندرو غوورثروب، الخبير في السياسة الأميركية بجامعة لايدن، أن هذه النتائج تشير إلى احتمال تفكك التحالف الانتخابي الذي أوصل ترامب إلى البيت الأبيض عام 2024، حيث أظهرت التحليلات أن شرائح من الناخبين اللاتينيين والعائلات في الضواحي الذين دعموا ترامب سابقًا بدأوا بالعودة إلى الديمقراطيين.

ويحذر غوورثروب من التسرع في استنتاج نتائج الانتخابات المقبلة، لكنه يرى أن ما يسمى بـ«الرئيس الجمهوري الأعلى شعبية في التاريخ» قد لا يكون في الواقع بهذه الشعبية التي يزعمها لنفسه.

تعليقات الزوار