00:00:00
توقيت بغداد
2025ديسمبر05
الجمعة
22 °C
بغداد، 22°
الرئيسية أخبار نشاطات الندوات إتصل بنا

ترجمة: المعهد العراقي للحوار

حرية الدين في سوريا تتأرجح وسط تغييرات سياسية وتصاعد التهديدات الطائفية

أصدرت منظمة مساعدة الكنيسة المحتاجة (ACN) النسخة لعام 2025 من تقريرها حول حرية الدين في العالم، الذي يغطي 196 دولة ويقيّم الأوضاع القانونية والاجتماعية المؤثرة على ممارسة الأديان.

ويستند التقرير إلى أبحاث ميدانية وشراكات مع منظمات محلية ووثائق عامة لتتبع تأثير الحكومات والفاعلين غير الحكوميين على الحياة الدينية، مع التركيز على الفترة بين يناير 2023 وديسمبر 2024.

يبرز التقرير تفاوت الحماية لحق الفكر والضمير والدين، مشيراً إلى أن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون في مناطق تشهد انتهاكات خطيرة أو شديدة لحرية الدين. كما يوضح التقرير كيفية تصنيف الدول بحسب درجة القيود المفروضة على الطوائف الدينية المعترف بها وغير المعترف بها.

تغييرات دستورية وتحولات سياسية تهدد الأقليات

يتناول التقرير أوضاع سوريا، مشيراً إلى أن الحريات الدينية في البلاد تواجه تهديدات مع التحولات السياسية السريعة، بما في ذلك الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر 2024 وظهور هيئة تحرير الشام (HTS) كقوة رئيسية خلف القيادة الانتقالية.

في مارس 2025، وقع الرئيس المؤقت أحمد الشراع إعلاناً دستورياً ينص على حرية المعتقد والمساواة على الورق، لكنه يحد من الاعتراف الرسمي بالأديان السماوية فقط ويجعل الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للتشريع، مما يثير مخاوف من تهميش المجتمعات غير الإبراهيمية وتفسير هذه النصوص بطريقة تمييزية.

ويشير التقرير إلى التوتر المستمر بين التصريحات الرسمية لضمان الحماية والاعتداءات المحلية المستمرة. إذ التقى كبار المسؤولين المسيحيين بممثلي السلطات الجديدة، لكن المخاوف بين المؤمنين العاديين لم تزُل بعد، حيث عبّر العديد عن خوفهم من إسلامية المجتمع وتقليص حقوقهم كمجتمع أقلية.

هجمات طائفية وثغرات قانونية وانتهاكات مسلحة

سجل التقرير حوادث عنف متكررة، من تخريب ونهب الكنائس إلى اختطاف المدنيين واعتداءات طائفية، مع الإشارة إلى حوادث في بيت زالين (القامشلي)، الساحل السوري، وحرق شجرة عيد الميلاد في همتو (حماة) على يد عناصر غير سورية من HTS، إضافة إلى ضغوط وعمليات إجبار على التحول الديني ضد اليزيديين في كفرين (عفرين).

كما أشار التقرير إلى أن القوانين لا تزال تقيّد حرية التحول عن الإسلام، وتفرض عقوبات على من يسيء إلى الدين، وتستمر قوانين الأحوال الشخصية في الحد من حقوق الأقليات الدينية في الزواج والأسرة.

تحديات أمنية وتزايد تهديدات الجماعات المسلحة

استعاد تنظيم داعش نشاطه في بعض المناطق، كما تنتشر عناصر أجنبية ضمن HTS، وتحدث مجازر طائفية متفرقة، كل ذلك يهدد بسرعة ضمانات التسامح الديني. ووقعت موجة من العنف الطائفي في أوائل 2025 امتدت إلى الساحل ودارمسوق (دمشق)، مسببة انتقام وقتل مدنيين، ما كشف عن حدود سلطة الحكومة الانتقالية في حماية الجميع.

مظاهر رمزية للحماية غير كافية

شهد التقرير بعض علامات التفاؤل المحدودة، مثل قدرة المجتمع اليهودي الصغير على الصلاة جماعياً لأول مرة منذ عقود، ووجود ممثلين عن الأقليات في الحكومة الانتقالية. وأكد التقرير أن حماية حقوق الأقليات الرمزية لا تعوض عن ضمانات قانونية حقيقية واستقلالية القضاء وإنفاذ القانون.

الصراع بين الإسلاموية والتعددية

يصف التقرير مستقبل سوريا بالصراع بين جهود لتكريس الإسلاموية في التشريعات وبين ضمانات التعددية المدعومة بصمود المجتمع المحلي والضغط الدولي. السلطات المركزية تعد بالحماية، لكن الجماعات المسلحة الموزعة تفرض قوانينها الخاصة.

ويخلص التقرير إلى أن تحقيق حرية دينية دائمة يتطلب التزاماً ملموساً من القيادة الانتقالية للسيطرة على الميليشيات وتحويل الوعود إلى حماية فعلية، وإلا سيبقى المزيج الديني في سوريا في خطر رغم تاريخه الطويل من التنوع والاختلاف.

تعليقات الزوار