ترجمة: المعهد العراقي للحوار
تقرير فرنسي: الملكية لن تعود إلى إيران
نشرت صحيفة لوموند الفرنسية مؤخراً تقريراً ترفض فيه الادعاءات حول وجود مكانة اجتماعية لرضا بهلوي حفيد الملك المخلوع محمد رضا بهلوي. وكتبت الصحيفة "محيطه يستشهد بعدد المشاهدات والإعجابات في شبكات التواصل لإثبات شعبيته، لكن في عصر الديب فايك والروبوتات الإلكترونية، هذه المعايير غير موثوقة. بعض الدبلوماسيين الأوروبيين، خصوصاً في فرنسا، يرون أن رضا بهلوي مجرد ورقة في لعبة استخباراتية إسرائيلية تهدف إلى زعزعة استقرار طهران".
وبحسب الصحيفة، فإن اسم رضا بهلوي ظهر خلال السنوات الأخيرة أكثر من أي وقت مضى في الأوساط السياسية والإعلامية داخل إيران وخارجها؛ أحياناً بوصفه رمزاً لنوستالجيا ما قبل الثورة، وأحياناً أخرى كخيار يراهن عليه بعض معارضي الجمهورية الإسلامية باعتباره “بديلاً محتملاً”. لكن الواقع السياسي الإيراني والبيئة الدولية يرويان قصة مختلفة تماماً: احتمال عودة الملكية إلى إيران أو وصول رضا بهلوي إلى الحكم يكاد يكون معدوماً.
تحليل هذا الواقع لا يتم من زاوية الرغبات أو الميول، بل من زاوية “ميزان القوة” محلياً ودولياً.
النظم السياسية — خصوصاً في الدول التي شهدت ثورات وتحولات عميقة — تعتمد على ركيزتين أساسيتين للبقاء: البُنى الداخلية للقوة، وتوازنات القوى الخارجية.
رضا بهلوي لا يمتلك قاعدة حقيقية في أي من المجالين.
أولاً: القوى المؤثرة داخل إيران
1. المؤسسات العسكرية والأمنية
تُعدّ القوات المسلحة — الجيش والحرس الثوري — العمود الفقري للسلطة في إيران اليوم. وتجربة الدول التي مرت بأزمات وانهيارات سياسية تُظهر بوضوح أنه من دون دعم هذه المؤسسات لا يمكن لأي نظام بديل أن يتشكل.
رضا بهلوي لا يملك أي قاعدة أو نفوذ داخل هذه المؤسسات، لا في القيادة العسكرية ولا في الأجهزة الأمنية.
2. البيروقراطية الإدارية
طبقة واسعة من المسؤولين والمديرين والموظفين في مؤسسات الدولة — من المحافظين إلى رؤساء البلديات — تعتمد في وجودها ووظيفتها على استمرار النظام القائم. هذه الطبقة، بغضّ النظر عن آرائها الشخصية، لا تنظر بإيجابية إلى فكرة إعادة الملكية.
3. المجتمع الإيراني اليوم
المجتمع الإيراني المعاصر يختلف جذرياً عن مجتمع قبل نصف قرن. الشباب والنساء والطبقة الوسطى الجديدة لديهم هوية سياسية أكثر حداثة وفردانية، ولا ينظرون باهتمام إلى الأنظمة الوراثية.
إذا كان مفهوم “الملك” في ستينيات القرن الماضي يرمز للنظام والاستقرار، فإنه اليوم يرتبط في أذهان الجيل الجديد بالماضي والغياب عن حقّ الاختيار.
4. القوى السياسية المحلية
الجمهوريون العلمانيون، القوميون، اليسار، الإصلاحيون—all هذه التيارات، رغم معارضتها الجمهورية الإسلامية، لا تدعم عودة الملكية.
وبالتالي، حتى لو سقط النظام الحالي، لا يوجد ائتلاف محلي واسع يمكن أن ينقل السلطة إلى رضا بهلوي.
ثانياً: الوضع الدولي
1. الولايات المتحدة
بعد تجارب العراق وأفغانستان، تخلّت واشنطن عن مشاريع “تغيير الأنظمة”. هدفها اليوم هو إدارة الأزمة والتفاوض المرحلي—not إعادة الملكية. رضا بهلوي بالنسبة للأميركيين شخصية إعلامية، لكنه ليس خياراً سياسياً موثوقاً.
2. أوروبا
أولويات الأوروبيين هي الاستقرار الإقليمي، ومنع موجات الهجرة، والسيطرة على الملف النووي. ومن وجهة نظرهم، التغيير المفاجئ للنظام الإيراني لا يحقق الاستقرار بل يشكل خطراً أمنياً.
3. دول الخليج
رغم خلافاتها مع طهران، تخشى هذه الدول عودة “القومية البهلوية” وشعارات “إيران الكبرى”. هذا القلق حاضر لدى الرياض وأبوظبي.
4. روسيا والصين
تفضّل موسكو وبكين شريكاً يمكن التنبؤ به والاستفادة منه، وهو ما تمثله الجمهورية الإسلامية، لا مشروع ملكي غربّي الهوى مثل رضا بهلوي.
5. إسرائيل
حتى تل أبيب، رغم عدائها الشديد لطهران، تنظر إلى رضا بهلوي كأداة ضغط لا أكثر، لا كخيار فعلي لقيادة إيران المستقبلية.
فرضية سقوط النظام
حتى إذا سقطت الجمهورية الإسلامية نتيجة أزمة داخلية أو تدخل خارجي، فليس واضحاً أن الطريق سيفتح أمام رضا بهلوي.
في مثل هذه الظروف، تتسابق القوى المسلحة والمحلية والسياسية لملء فراغ السلطة، وليس الشخصيات الرمزية. وغالباً ما تتولى الجيوش أو الفصائل المسلحة إدارة المرحلة الانتقالية، لا العائلات الملكية السابقة.
رضا بهلوي يحتاج إلى ثلاثة عناصر ليصل إلى الحكم: دعم القوى الداخلية، قبول اجتماعي واسع، دعم خارجي منسق. ولا واحد من هذه الشروط متوفر له اليوم.
الملكية كنوستالجيا… لا كخيار سياسي
يحضر رضا بهلوي في الخطاب العام أكثر كـ رمز تاريخي منه كمرشح حقيقي لقيادة مستقبل إيران. جزء كبير من حضوره في الإعلام — خاصة في شبكات التواصل — هو انعكاس لنوستالجيا بعض الفئات تجاه الماضي، وليس نتيجة قوة سياسية منظمة.
أما العمل السياسي الحقيقي فيحتاج إلى: تنظيم، ائتلافات، شرعية، وهي عناصر تفتقر إليها الحركة الملكية الحالية.
حتى لو تغيّر النظام، فالاتجاه المرجّح لإيران سيكون نحو نظام جمهوري علماني أو مجلس انتقالي، بما يتماشى مع تطلعات المجتمع ومع مصالح القوى الدولية.
الخلاصة
رضا بهلوي ربما يحتفظ بمكانة رمزية لدى شريحة من الإيرانيين، لكن السياسة لا تُدار بالرموز والذكريات.
القوة التنظيمية، والدعم الاجتماعي العريض، والغطاء الدولي هي العناصر الحاسمة—وليس أي منها بجانبه حالياً.
حتى مزاعم “الدعم الشعبي” الذي يروّج له أنصاره لا تظهر في الواقع، والدليل أن دعواته المتكررة للتظاهر خلال السنوات الأخيرة لم تلقَ استجابة تُذكر.
في كل الأحوال، حتى لو انهار النظام الحالي، فإن عودة الملكية ستكون عودة إلى ماضٍ استبدادي أبوي لا يتناسب مع المجتمع الإيراني الحديث المتكوّن من أفراد مستقلين وواعين، وهو ما يجعل من فكرة “إحياء الملكية” أقرب إلى الخيال السياسي الطفولي منها إلى سيناريو واقعي.
المعهد العراقي للحوار الراعي اللوجستي لمعرض بغداد الدولي للكتاب يفتتح جناحه الخاص في المعرض
المعهد العراقي للحوار يصدر "الحقيبة الدبلوماسية" للدكتور كرار البديري
Official agreement between Iraqi Institute for Dialogue and the Iraqi Media Network to sponsor The Seventh Annual International Conference of “Baghdad Dialogue” 2025
استكتاب خاص بمؤتمر حوار بغداد الدولي السابع لكتابة أوراق بحثية
دعوة استكتاب في العدد (79) من مجلة "حوار الفكر"
إشادات بحوار بغداد الدولي: تعزيز دور العراق المحوري ونقطة التقاء للرؤى
رئيس الوزراء: طريق التنمية سيجعل العراق قوة اقليمية سياسة واقتصادية
تعليقات الزوار