00:00:00
توقيت بغداد
2025ديسمبر05
الجمعة
22 °C
بغداد، 22°
الرئيسية أخبار نشاطات الندوات إتصل بنا

الكاتب والصحفي الإيراني أحمد زيد آبادي - ترجمة المعهد العراقي للحوار

أوضاع لبنان وسياسة حزب الله

أعاد اغتيال السيد هيثم علي طباطبائي، رئيس أركان قوات حزب الله اللبناني، وعدد من مرافقيه في ضاحية بيروت على يد الجيش الإسرائيلي، البلاد إلى حالة من التوتر الحاد. فقد مرّ عام على اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، لكن خلال هذه الفترة استهدفت إسرائيل مئات العناصر من الحزب داخل الأراضي اللبنانية. ويعتبر حزب الله هذه الهجمات خرقاً واضحاً للاتفاق، فيما تتهمه إسرائيل بالمماطلة في تفكيك قواعده جنوب نهر الليطاني، وبالتخطيط لإعادة بناء قدرته العسكرية.

فعلياً، استمرت الحرب طوال عام كامل بشكل محدود ومن طرف واحد، عبر هجمات إسرائيلية على أهداف داخل لبنان من دون أي رد عسكري من حزب الله. ومع اغتيال أعلى مسؤول عسكري في الحزب، اتسع النقاش في بيروت وعدد من العواصم العربية حول طبيعة رد الحزب.

تدّعي حكومة نتنياهو أن هيثم علي كان يقود التيار الداعم لإعادة بناء القوة العسكرية داخل حزب الله، ولذلك تم استهدافه، على أمل أن يؤدي اغتياله إلى تعزيز نفوذ التيارات الأكثر مرونة داخل الحزب.

وحتى الآن، تشير المعطيات إلى أنّ التيار الداعي إلى رد دبلوماسي على الاغتيال بات أكثر وزناً من دعاة الرد العسكري داخل حزب الله، ما أدى إلى تراجع حدّة التوتر. لكن القاعدة الشعبية للحزب تضغط بقوة على قيادته للرد عسكرياً على إسرائيل، ما يزيد من صعوبة اتخاذ القرار.

ما بعد وقف إطلاق النار: مطلب نزع السلاح

تركّزت المفاوضات الخاصة بوقف إطلاق النار على انسحاب حزب الله من جنوب الليطاني، لكن لاحقاً أصبح نزع السلاح الكامل للحزب شرطاً رئيسياً تطرحه الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول العربية، إضافة إلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء اللبنانيين.

ورغم أن الحكومة اللبنانية تشدد على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، فإنها ترى أن التنفيذ يجب أن يتم تدريجياً، ويتضمن انسحاب إسرائيل من خمسة مواقع عسكرية داخل لبنان. غير أن إسرائيل وحلفاءها يمارسون ضغطاً شديداً على حكومة نواف سلام للإسراع في نزع سلاح الحزب من دون شروط.

ووفق هذه الضغوط، فإن لبنان لن يحصل على أي مساعدات دولية لإعادة الإعمار ما لم يُنزع سلاح الحزب، كما سيُفسح المجال أمام إسرائيل وربما حكومة أحمد الشرع في سوريا لشن عمليات عسكرية داخل لبنان.

بالتالي، يواجه حزب الله ضغوطاً من كل اتجاه للتوصل سريعاً إلى صيغة للتخلي عن سلاحه، فيما تتسبب الضربات الإسرائيلية وعمليات الاغتيال بتصاعد غضب أنصاره ودفعهم نحو المطالبة برد عسكري.

حرب غير مرغوبة وخيارات أكثر تعقيداً

بعد تجربة الحرب الأخيرة، لا يرى معظم الأطراف، سواء داخل الدولة اللبنانية أو خارجها، أن الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل يصب في مصلحة لبنان. لذلك فإن قاعدة حزب الله الشعبية هي الجهة الوحيدة تقريبًا التي تؤيد خيار الحرب.

وعندما يكون خيار الحرب مستبعداً، يتبقى خياران لا ثالث لهما:

1. استمرار الوضع الراهن (الصبر الاستراتيجي)

لكن إسرائيل جعلت هذا الخيار مكلفاً للغاية، مع تكثيف هجماتها على مخازن السلاح والقيادات والعناصر القتالية التابعة للحزب، إضافة إلى استهداف منشآت مدنية، من دون أي رد من الجانب اللبناني.

2. الدخول في مسار دبلوماسي للتخلي عن السلاح

وهو تطبيق للشعار الذي يرفعه الرئيس ورئيس الوزراء وكثير من القيادات اللبنانية: "دولة واحدة، حكومة واحدة، جيش واحد".

لكن هذا الخيار يعني تغييراً جذرياً في عقيدة حزب الله واستراتيجيته، وهو أمر يبدو – في الظروف الحالية – غير قابل للتحمل بالنسبة للحزب ولدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية الداعمة له.

ومع ذلك، ترى معظم الأوساط اللبنانية أن هذا التحول ضروري لحماية لبنان من العدوان الإسرائيلي. وتتهم بعض هذه الأطراف إيران بأنها العقبة الأساسية أمام تحول حزب الله إلى حزب سياسي بالكامل. لكن المسؤولين الإيرانيين ينفون ذلك، ويعتبرون الحزب مستقلًا، رغم تأكيدهم أن سلاحه خط أحمر.

بعد اغتيال هيثم علي، انصب اهتمام الإعلام الإقليمي والدولي على كيفية ردّ طهران وتوصيتها لحزب الله. وقد جاءت المواقف الإيرانية حذرة وملتبسة، بما في ذلك تصريحات علي لاريجاني، أمين مجلس الأمن القومي، التي فسّرها البعض بأنها دعوة لرد عسكري، رغم أن نصّ بيانه لم يتضمّن هذا بشكل واضح.

في كل الأحوال، يبدو أن أزمة سلاح حزب الله وصلت إلى مداها الأقصى. استمرار الوضع الراهن لم يعد ممكنًا، ولا يبدو أن هناك مخرجاً آخر غير أحد الخيارين: اللجوء إلى الحرب أو وضع السلاح جانباً.

تعليقات الزوار