استراتيجية التنظيم الإرهابي بين الذئاب المنفردة والترويج السيبراني
نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريراً تناول تبني تنظيم داعش للهجوم الإرهابي في نيو أورلينز، ما أثار تساؤلات حول استراتيجيات التنظيم الدعائية والتهديدات الأمنية المستمرة،. حيث يرى خبراء الأمن أن هذا الإعلان ليس فقط محاولة لإثبات الوجود، بل أيضاً جزء من استراتيجية مدروسة لتعزيز الحضور الإعلامي للتنظيم رغم خسائره الميدانية.
ويرى المحلل الأمني جوناثان سميث أن داعش بات يعتمد بشكل متزايد على تبني هجمات فردية ينفذها متعاطفون معه دون توجيه مباشر، وذلك بهدف الإيحاء بأنه لا يزال قادراً على التأثير عالمياً. وأوضح أن التنظيم يركز حالياً على خلق حالة من الخوف وعدم الاستقرار من خلال هجمات يمكن تنفيذها بأدوات بسيطة، مما يربك السلطات الأمنية ويصعب من جهود المواجهة.
من جهتها، أكدت الباحثة في شؤون الإرهاب ليزا جونز أن التنظيم يسعى من خلال تبني هذا النوع من الهجمات إلى تحقيق مكاسب دعائية، مستغلًا المنصات الإعلامية لنشر رسائل تؤكد استمرار قوته. وأوضحت أن التنظيم يستفيد من هذه الدعاية لتعزيز عملية التجنيد، حيث يسعى إلى استقطاب أفراد يتأثرون بهذه الرسائل ويرون فيها دعوة للانضمام أو تنفيذ عمليات مشابهة.
أما الخبير في شؤون الشرق الأوسط ديفيد ميلر، فقد أشار إلى أن هذا التبني يمثل جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى إثارة التوتر في المجتمعات المستهدفة. وأوضح أن التنظيم يسعى إلى خلق حالة من الانقسام والاستقطاب داخل الدول الغربية، مستغلاً أي توترات سياسية أو اجتماعية قد تنشأ عقب الهجمات.
وتطرقت الباحثة في شؤون الجماعات المتطرفة سارة كونور إلى قدرة داعش على التكيف مع الضغوط الأمنية من خلال التركيز على الدعاية الرقمية. وأشارت إلى أن التنظيم، رغم فقدانه للسيطرة الجغرافية، لا يزال يمتلك أدوات فعالة للتأثير النفسي، مستغلاً منصات التواصل الاجتماعي لنشر دعايته بسرعة والوصول إلى جمهور أوسع.
وأكد خبير الأمن السيبراني مايكل جونز أن التنظيم يعتمد بشكل كبير على الفضاء الإلكتروني لنشر بيانات تبني الهجمات، حيث يتيح له ذلك الوصول السريع لجمهور عالمي، كما يساهم في نشر الخوف عبر تضخيم تأثير الهجمات إعلامياً. كما أشار إلى أن البنية التحتية الرقمية للتنظيم أصبحت أكثر تعقيداً، ما يصعب تعقب مصادر المعلومات ومن يقف خلف نشرها.
فيما يرى الخبراء أن تبني داعش لهجوم نيو أورلينز يبرز تحولاً في استراتيجيات التنظيم، إذ يعتمد بشكل متزايد على الدعاية الإعلامية لتعويض خسائره الميدانية، مع التركيز على الهجمات الفردية واستغلال المنصات الرقمية لتضخيم تأثير عملياته، ما يستدعي تعزيز التعاون الدولي في مجال الأمن السيبراني ومكافحة التطرف الرقمي.
تعليقات الزوار