إسرائيل ومعضلة مواجهة الحوثييـن

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تقريراً للكتاب دوف ليبر وكاري كيلر لين وصالح البطاطي تناول التحديات الأمنية المتزايدة التي تواجهها إسرائيل في التعامل مع جماعة الحوثيين في اليمن والسعي لتحجيم تاثيرهم الكبير على البحر الأحمر .

منذ  السابع من أكتوبر 2023 التي نفذتها المقاومة الفلسطينية دخلت إسرائيل في مواجهة مع العديد من الأطراف في المنطقة وعبر عدة جبهات منها لبنان وفلسطين إلا أنها وجدت نفسها في مأزق جديد مع استمرار الحوثيين في استهدافها بالصواريخ بشكل متكرر من اليمن.

الضربات الجوية التي نفذتها إسرائيل ضد مواقع الحوثيين لم تؤد إلى وقف الهجمات بل ساهمت في تعزيز الدعم الشعبي للحوثيين داخل اليمن وتوسيع تأثيرهم مما يعكس محدودية فعالية هذا النهج كما أن بُعد المسافة الجغرافية بين اليمن وإسرائيل وغياب معلومات استخباراتية دقيقة عن مواقع القيادة الحوثية يجعل من الصعب تحقيق نتائج يطمح لها نتنياهو. 

وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس صرح في ديسمبر الماضي أن إسرائيل ستواصل استهداف قادة الحوثيين ولكن حتى الآن لم ينجح هذا التوجه في إيقاف الهجمات بل أدى إلى تفاقم التوتر في البحر الأحمر حيث تتعرض حركة الملاحة الدولية للتهديد المستمر. 

وبهذا السياق يتصاعد الجدل داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية حول جدوى التركيز على استهداف الحوثيين مقابل التركيز على إيران باعتبارها الهدف الاهم في المنطقة بيني غانتس الوزير السابق في الحكومة دعا مؤخرا إلى تبني نهج مباشر يستهدف إيران نفسها باعتبار أن ضرب الحوثيين وحدهم لن يكون كافيا لإضعافهم طالما إيران موجودة. 

رغم هذه الدعوات فإن إسرائيل تجد نفسها أمام معضلة استراتيجية معقدة فاستهداف إيران مباشرة قد يؤدي إلى تصعيد عسكري إقليمي واسع يصعب احتواؤه في حين أن مواصلة استهداف الحوثيين فقط لم يؤد حتى الآن إلى تحقيق نتائج ملموسة بل زاد من تعقيد الوضع الأمني.

الحوثيون الذين يسيطرون على مناطق محدودة شمال غرب اليمن أثبتوا قدرتهم على تطوير أساليب دفاعية متقدمة مثل بناء مجمعات قيادة تحت الأرض وتغيير مواقعهم باستمرار مما يجعل محاولات استهدافهم أقل فاعلية كما أن استمرار تلقيهم الدعم المالي والتسليحي من إيران يعزز قدرتهم على مواصلة الهجمات.

طرح بعض المحللين فكرة تشكيل تحالف إقليمي يضم دول الخليج بقيادة الولايات المتحدة لمواجهة الحوثيين لكن هذا الخيار يواجه عقبات سياسية حيث قد يتطلب تقديم إسرائيل تنازلات سياسية مثل استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين الأمر الذي ترفضه الحكومة الإسرائيلية الحالية.

المأزق الإسرائيلي الحالي يكشف عن معضلة عسكرية واستراتيجية عميقة فلا الضربات الجوية وحدها أثبتت فعاليتها ولا تجاهل إيران يبدو خياراً ممكناَ دون تصعيد أوسع مما يضع إسرائيل في موقف حساس وعاجز عن إيجاد حلول جذرية للتحديات الأمنية المتصاعدة.