ثورة الطاقة النظيفة تتسارع عالمياً بتقرير أممي جديد

في تقرير خاص جديد، استعرضت الأمم المتحدة التقدّم الكبير الذي أحرزته دول العالم في مجال التحوّل إلى مصادر الطاقة المتجددة منذ توقيع اتفاق باريس للمناخ في عام 2015، الذي أطلق ما يشبه ثورة في مجال الطاقة النظيفة.

التقرير الذي أعلنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، يشير إلى أن العالم بات أقرب من أي وقت مضى للتخلص من الاعتماد على الوقود الأحفوري، ويُظهر تقدماً ملموساً في الانتقال إلى الطاقة النظيفة من حيث السعة الإنتاجية، والنمو الاقتصادي، وفرص العمل.

الطاقة المتجددة تقترب من معادلة الوقود الأحفوري

وفي كلمته خلال الإعلان عن التقرير، قال غوتيريش: "الطاقة المتجددة أصبحت تقارب الوقود الأحفوري من حيث السعة المركّبة على مستوى العالم، وهذا ليس سوى البداية. ففي العام الماضي، جاء تقريباً كل ما أُضيف من قدرات توليد الكهرباء الجديدة من مصادر متجددة.

وشهدت كل قارات العالم نمواً في سعة الطاقة المتجددة يفوق تلك التي أُضيفت من الوقود الأحفوري. كما أصبحت مصادر الطاقة المتجددة توفّر ما يقرب من ثلث إجمالي الكهرباء المنتَجة عالمياً".

ويضيف التقرير أن القطاعات المرتبطة بالطاقة النظيفة ساهمت في عام 2023 وحده بنسبة 10% من النمو في الناتج المحلي الإجمالي العالمي. فعلى سبيل المثال، ساهمت هذه القطاعات بـ5% من النمو في الهند، و6% في الولايات المتحدة، و20% في الصين، الرائدة في مجال التحوّل الطاقي، في حين بلغت مساهمتها في الاتحاد الأوروبي نحو 33%.

فرص العمل: الطاقة النظيفة تتفوق على الأحفورية

وقد بلغ عدد العاملين في قطاعات الطاقة النظيفة نحو 35 مليون شخص حول العالم، ليتجاوز بذلك عدد العاملين في قطاعات الوقود الأحفوري، وهو تطور يعكس الأثر الاقتصادي والاجتماعي المتصاعد للتحوّل الطاقي. وقال غوتيريش في كلمته: "لماذا هذا التحوّل؟ لأنه ببساطة منطقي من الناحية الاقتصادية. إنها لحظة فرص: تسريع عصر الطاقة النظيفة".

المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ودورها في دعم التحول الطاقي

تلعب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) دوراً محورياً في دعم التحوّل العالمي نحو الطاقة النظيفة، من خلال مساعدة خدمات الأرصاد والهيدرولوجيا الوطنية على إنتاج وتطبيق معلومات الطقس والماء والمناخ لتسريع تطوير الطاقة النظيفة على المستوى الوطني.

وصرّحت روبرتا بوسكولو، قائدة برنامج المناخ والطاقة في المنظمة، قائلة: "مع تسارع السباق العالمي للتخلص من الوقود الأحفوري، علينا أيضاً الانتقال إلى أنظمة ذكية تعتمد على المعلومات المناخية والطقسية الدقيقة، كي تتأقلم وتتطور في ظل تغيّر المناخ المتسارع. إن خدمات الطقس والمناخ والمياه باتت ضرورة حيوية لضمان مستقبل طاقي نظيف وموثوق وعادل".

أهمية خدمات المناخ والمياه والطقس في دعم الطاقة المتجددة

تعتمد نظم الطاقة النظيفة - خصوصاً الشمسية والرياح والطاقة الكهرومائية - بشكل مباشر على العوامل المناخية والبيئية، ما يجعلها أكثر عرضة للتقلبات المناخية والظواهر القصوى. ووسط تصاعد هذه التحديات بفعل تغيّر المناخ، يصبح دمج بيانات المناخ في تخطيط الطاقة أمراً بالغ الأهمية لضمان أمن الطاقة ومرونتها واستدامتها.

أبرز مبادرات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لدعم الطاقة النظيفة

1. التقييم السنوي للمناخ والطاقة

بالشراكة مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)، تُصدر WMO تقييماً سنوياً يرصد التغيرات المناخية وأثرها على إمكانيات الطاقة المتجددة والطلب عليها. ويغطي التقرير لعام 2024 أداء طاقات الرياح والشمس والمياه مقابل خط الأساس المناخي للفترة 1991–2020. من المقرر نشر هذا التقرير في آب/أغسطس 2025.

2. بناء أطالس الطاقة المتجددة

بما أن العديد من الدول النامية تفتقر إلى بيانات محلية دقيقة لدعم تخطيط الطاقة، تعمل WMO على تطوير أطالس مخصصة وعالية الدقة لطاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية، باستخدام مزيج من بيانات إعادة التحليل الأوروبية ERA5، وصور الأقمار الصناعية، والملاحظات الأرضية، والنماذج العددية للتنبؤ بالطقس.

هذه الأطالس تساهم في سد الفجوة بين البيانات العالمية واحتياجات العمل المحلي، ما يعزز من فعالية خطط الطاقة النظيفة ويقوي الأمن الطاقي العالمي.

موارد ومبادرات إضافية من WMO

دليل الانتقال نحو الحياد الكربوني: دليل تقني يوضح كيفية دمج خدمات المناخ والطقس في مشاريع الطاقة المتجددة.

دورات تدريبية عبر الإنترنت لمتخصصي الطاقة والمناخ: دورات مرنة ومصممة ذاتياً تتيح للمشاركين تعلّم أدوات وتقنيات عملية، مدعومة بدراسات حالة واقعية لاستخدام البيانات المناخية في اتخاذ قرارات الطاقة.

بوابة الطاقة والأرصاد الجوية: منصة إلكترونية تدعم التعاون الدولي وتبادل المعرفة، وتضم ثلاثة أقسام رئيسية:

مشاركة المعرفة: تتضمن موارد للتوعية وبناء القدرات.

أدوات عملية: مثل "أطلس مرونة الطاقة العالمي"، الذي يدمج مؤشرات مخاطر المياه والمناخ، على أن تُضاف مؤشرات الطاقة الشمسية والرياح لاحقاً.

التواصل والشبكات: تسليط الضوء على الدول والمؤسسات التي تنفّذ مشاريع طاقة قائمة على المعلومات المناخية.

الخلاصة

تُظهر نتائج التقرير الأممي أن العالم يحرز تقدماً ملموساً في مجال الطاقة النظيفة، وأن هذا التحوّل لا يقتصر على حماية البيئة فحسب، بل يُعد فرصة اقتصادية كبرى ومصدر خلق وظائف. ومع تصاعد التهديدات المناخية، يبدو أن توظيف خدمات الطقس والمناخ والمياه سيصبح أحد أعمدة مستقبل الطاقة في العقود المقبلة.