ترجمة: المعهد العراقي للحوار
عودة النفط عبر جيهان.. اختبار للتقارب بين بغداد وواشنطن وأنقرة
أعدّ الباحثان نُعام رايدان وسونر شاغابتاي، من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، دراسة تحليلية تناولت الأبعاد الاقتصادية والسياسية لاستئناف ضخ النفط من إقليم كردستان العراق إلى ميناء جيهان التركي بعد توقف دام أكثر من عامين، معتبرين أن هذا التطور يمثل خطوة مهمة يمكن أن تسهم في إعادة التوازن للعلاقات الثلاثية بين الولايات المتحدة وتركيا والعراق، رغم ما تواجهه من تحديات بيروقراطية وأمنية وسياسية.
خلفية الاتفاق
استؤنفت صادرات النفط من شمال العراق أواخر سبتمبر بعد اتفاق بوساطة أمريكية بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان وشركات النفط الدولية العاملة في الإقليم. جاء هذا التطور بالتزامن مع اجتماع في البيت الأبيض جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث طلب ترامب من أنقرة التوقف عن استيراد النفط الروسي المخفض السعر.
ويرى التقرير أن واشنطن تسعى لاستخدام صادرات النفط العراقية أداة للضغط على موسكو في الوقت الذي تعمل فيه على تحسين بيئة الأعمال للشركات الأمريكية في العراق، بينما تسعى أنقرة إلى تعزيز مكانتها لدى واشنطن وتخفيف اعتمادها على الطاقة الروسية.
الزاوية التركية
تركيا تُعد من كبار مستوردي النفط الروسي، لكن بإمكانها تقليص هذا الاعتماد تدريجياً. فالنفط المستخرج من شمال العراق يتمتع بجودة قريبة من خام “الأورال” الروسي، ما يجعله بديلاً مناسباً لأنقرة التي تخشى تداعيات العقوبات الأوروبية على موسكو.
ويؤكد الباحثان أن واشنطن ينبغي أن تواصل جهودها لتثبيت الاتفاق بين بغداد وأربيل كي تبقى الإمدادات مستمرة وتدعم مشاريع “الطريق الإنمائي” الذي يربط العراق وتركيا بشبكة من الطرق والسكك والأنابيب.
سياسياً، ترى تركيا أن إعادة تشغيل خط الأنابيب جزء من استراتيجية تهدف إلى “استبدال النفوذ الإيراني بالأموال التركية”، من خلال تعميق التعاون الاقتصادي مع بغداد لتجنب فراغ أمني بعد الانسحاب الأمريكي التدريجي.
علاقات أنقرة بواشنطن
تحاول أنقرة في الوقت الراهن إعادة بناء علاقتها العسكرية مع الولايات المتحدة بعد سنوات من التوتر بسبب صفقة الصواريخ الروسية “S-400”. ويُتوقع أن يستخدم ترامب صلاحياته لمنح إعفاء من قانون العقوبات الأمريكي (CAATSA) لتمكين صفقة مقاتلات “F-35”، في مقابل خطوات تركية لبناء الثقة تشمل استئناف تدفق النفط العراقي عبر جيهان، وتقليص الاعتماد على الخام الروسي، وزيادة واردات الغاز المسال الأمريكي.
تفاصيل الاتفاق النفطي
ينص الاتفاق المؤقت على فترة اختبار تمتد لثلاثة أشهر لإعادة تشغيل خط الأنابيب، على أن تتولى شركة استشارية غربية مستقلة تقييم تكاليف الإنتاج والنقل وتسوية المستحقات المالية لشركات النفط الدولية. بعد نهاية ديسمبر، سيُراجع الاتفاق شهرياً.
ويُنتج الإقليم نفطه حالياً من ثمانية حقول تديرها شركات أمريكية بينها “HKN Energy” و“Hunt Oil”، وتبلغ استثماراتها مجتمعة أكثر من 5 مليارات دولار. من المقرر تسليم نحو 180 إلى 190 ألف برميل يومياً إلى شركة تسويق النفط العراقية (سومو)، التي ستتولى حصراً بيع النفط في الأسواق العالمية.
ومع ذلك، لن تعود الكميات إلى مستويات ما قبل عام 2023، حين كان الخط ينقل نحو 400 ألف برميل يومياً قبل أن يتوقف بسبب حكم تحكيم دولي ألزم أنقرة بدفع 1.5 مليار دولار لبغداد.
مقارنة مع الواردات الروسية
قبل توقف الخط، كانت وجهات النفط الكردي تشمل إيطاليا واليونان وإسرائيل وكرواتيا وتركيا. وتشير بيانات شركة “Kpler” إلى أن المصافي التركية قد تكون المستفيد الأكبر من استئناف التدفق العراقي، خصوصاً مع دخول الحظر الأوروبي الكامل على المنتجات المشتقة من النفط الروسي حيز التنفيذ عام 2026.
وخلال الأشهر التسعة الأولى من 2025، استوردت تركيا نحو 309 آلاف برميل يومياً من النفط الروسي عبر شركتي “توبراش” و“SOCAR”، ما يجعل الخام العراقي بديلاً محتملاً في المرحلة المقبلة.
تداعيات على السياسة الأمريكية
يواجه الاتفاق تحديات متعددة، منها الخلافات الإدارية والمالية بين أربيل وبغداد، والحاجة إلى وضع آلية شاملة لتنظيم الإنتاج والتصدير، إضافة إلى التهديدات الأمنية، بعد أن تعرضت بعض الحقول الكردية في وقت سابق لهجمات بطائرات مسيرة نُسبت إلى فصائل موالية لإيران.
مع ذلك، ترى الدراسة أن الفوائد تفوق التحديات: فاستئناف التصدير سيعزز دخل العراق، ويفتح مجالاً للشركات الأمريكية، ويوفر لواشنطن وسيلة ضغط إضافية على روسيا عبر تقليص اعتماد تركيا على النفط الروسي. كما أن دعم الاستقرار السياسي والاقتصادي في العراق، ثاني أكبر منتج في أوبك، يصب في مصلحة السوق العالمية للطاقة.
ويشير الباحثان إلى أن استمرار انخراط واشنطن في رعاية الحوار بين بغداد وأربيل أمر حيوي، سواء لتأمين بيئة مستقرة لاستثماراتها في قطاع الطاقة أو لتحقيق توازن بين النفوذ الإيراني والتركي داخل العراق.
خلاصة التقرير
استئناف ضخ النفط عبر خط العراق–تركيا لا يمثل مجرد صفقة اقتصادية، بل خطوة استراتيجية لإعادة ترتيب موازين القوى في المنطقة. نجاح الاتفاق يعني فتح فصل جديد في التعاون بين واشنطن وأنقرة وبغداد، وتأكيداً على أن النفط ما زال أداة مركزية في صياغة التحالفات والسياسات في الشرق الأوسط.
المعهد العراقي للحوار الراعي اللوجستي لمعرض بغداد الدولي للكتاب يفتتح جناحه الخاص في المعرض
المعهد العراقي للحوار يصدر "الحقيبة الدبلوماسية" للدكتور كرار البديري
Official agreement between Iraqi Institute for Dialogue and the Iraqi Media Network to sponsor The Seventh Annual International Conference of “Baghdad Dialogue” 2025
استكتاب خاص بمؤتمر حوار بغداد الدولي السابع لكتابة أوراق بحثية
دعوة استكتاب في العدد (79) من مجلة "حوار الفكر"
إشادات بحوار بغداد الدولي: تعزيز دور العراق المحوري ونقطة التقاء للرؤى
رئيس الوزراء: طريق التنمية سيجعل العراق قوة اقليمية سياسة واقتصادية
تعليقات الزوار