00:00:00
توقيت بغداد
2025ديسمبر07
الأحد
25 °C
بغداد، 25°
الرئيسية أخبار نشاطات الندوات إتصل بنا

بقلم ستيفاني هاوسهير علي وكرانستون كلاين - ترجمة المعهد العراقي للحوار

الصفقة الكبرى مع إيران.. حلم ترامب الأخير؟

أدى القتال القصير الذي دام اثني عشر يوماً بين إسرائيل (بدعم من الولايات المتحدة) وإيران في يونيو الماضي، إلى جانب اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين إسرائيل وحماس، إلى طرح تساؤلات جديدة حول ما إذا كان من الممكن الآن التوصل إلى صفقة مع طهران.

يُظهر وقف إطلاق النار في غزة أنه عندما يتدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شخصياً ويوظف كل أدوات الضغط الأمريكية وقدرته التفاوضية "الإبداعية"، يصبح المستحيل ممكناً. ورغم أن الطريق لا يزال طويلاً لضمان عدم تجدد الصراع، إلا أن إدارة ترامب قد تسعى إلى البناء على هذا الزخم لتحقيق صفقة أوسع تشمل إيران، كما لمح ترامب في خطابه الأخير أمام الكنيست الإسرائيلي.

تُطرح اليوم أمام واشنطن وطهران مساران محتملان:

اتفاق تفاوضي شامل قد يحقق تسوية طويلة الأمد.

أو هدنة هشة تتخللها جولات متقطعة من الصراع.

السيناريو الأول: صفقة "كبرى"

تحقيق ما وصفه ترامب بـ"الصفقة الكبرى والجميلة" يتطلب من الولايات المتحدة منح إيران مساراً نحو رفع العقوبات ودمجها اقتصادياً في مشاريع التنمية الإقليمية، إضافة إلى ضمانات بعدم تعرضها لهجوم إسرائيلي جديد.

ورغم الصعوبات الكبيرة أمام هذا المسار، إلا أنه قد يعود بفوائد استراتيجية على جميع الأطراف — وربما يمنح ترامب جائزة نوبل للسلام كما يطمح أنصاره.

ويرى كل من ستيفن هادلي، مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق، وفالي نصر، الخبير في الشؤون الإيرانية، أن مثل هذا الاتفاق قد يؤثر في النقاش الداخلي داخل إيران حول مستقبلها، خاصة بعد أن كشفت الحرب الأخيرة عن هشاشتها العسكرية، وربما يوافق المرشد الأعلى على هذه الشروط.

وفي المقابل، ستُطالَب إيران بـخفض تخصيب اليورانيوم إلى 3.6% لأغراض مدنية، والسماح بـعمليات تفتيش واسعة النطاق من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ومن غير المرجح أن توقف إيران برنامجها المحلي، لكن يمكن إيجاد حل وسط عبر مشروع مشترك خارج أراضيها (مثل عُمان)، بحيث يُخصَّب اليورانيوم هناك بإشراف إقليمي ثم يُعاد لاستخدامه في محطات الطاقة داخل إيران.

كما سيُطلب من طهران الحد من برنامجها الصاروخي وتقليص دعمها لحلفائها الإقليميين مثل حزب الله والحوثيين وحماس والفصائل العراقية — وهي قضايا لم تُعالج في اتفاق 2015 (الاتفاق النووي).

ولكي ينجح هذا السيناريو، يجب أن ترى طهران أن الصفقة أفضل من البدائل المطروحة. إذ تعتبر برنامجها النووي مصدر فخر ووسيلة ردع لا يمكن التخلي عنها دون مقابل سياسي واضح. وسيواجه أي مفاوض إيراني ضغوطاً من الحرس الثوري والتيار المحافظ للحفاظ على القدرات العسكرية الأساسية للنظام.

من جانبها، تحتاج الولايات المتحدة إلى استعادة الثقة مع طهران، وتقديم ضمانات بعدم الانسحاب مجددًا من الاتفاق، إلى جانب صيغة تمنع إسرائيل من شن هجمات مستقبلية على إيران مقابل التزامات إيرانية بعدم تطوير برنامج نووي سري أو تسليح الميليشيات.

ولتشجيع إسرائيل على القبول، قد تقدم واشنطن صفقات دفاعية مغرية أو وساطة لوقف هجمات الحوثيين على السفن الإسرائيلية.

السيناريو الثاني: "الجمود السام"

وفي السيناريو الثاني، تبقى الأوضاع في حالة جمود مضطرب: لا اتفاق حقيقي ولا حرب شاملة، بل توتر مزمن واحتمال دائم للانفجار.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مؤخراً إن بلاده والولايات المتحدة تتبادلان الرسائل عبر وسطاء، وإن إيران "ستدرس أي مقترح معقول ومتوازن"، لكنها لن تتخلى عن حقها في تخصيب اليورانيوم — وهو ما ترفضه واشنطن حالياً.

هذا السيناريو يحمل مخاطر جمة:

احتمال قيام إسرائيل بهجمات جديدة داخل إيران إذا تجاوزت طهران "الخطوط الحمراء"، مثل إعادة تشغيل منشآت التخصيب أو دعم الفصائل مجدداً.

استنزاف الدفاعات الإسرائيلية من صواريخ الاعتراض باهظة الثمن، خاصة إذا شاركت الولايات المتحدة في أي مواجهة.

خطر انهيار اقتصادي وسياسي داخلي في إسرائيل نتيجة الحروب المتكررة.

في المقابل، قد تسعى إيران إلى ردع أكثر شدة عبر عمليات انتقامية، هجمات إلكترونية، أو استهداف مصالح أمريكية في المنطقة.

وفي حال تجدد الصراع، قد ينهار النظام الإيراني أو يتشدد أكثر، ما يزيد عدم الاستقرار الإقليمي.

الخلاصة:

إن الصفقة الشاملة تبقى الخيار الأفضل لجميع الأطراف، لكنها الأصعب تحقيقاً بسبب انعدام الثقة، وتضارب المصالح، والتعقيدات الأمنية والسياسية.

أما استمرار الوضع الحالي، فيهدد بتحول المنطقة إلى حالة من "الجمود السام"، تتخللها انفجارات متقطعة من العنف.

ومع ذلك، يأمل بعض المراقبين أن يتمكن ترامب ومستشاروه المقربون، مثل ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، من استثمار نجاح وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس لبناء صفقة أوسع مع إيران تُحوّل مسار المواجهة نحو شرق أوسط أكثر استقراراً وازدهاراً.

تعليقات الزوار