00:00:00
توقيت بغداد
2025ديسمبر05
الجمعة
22 °C
بغداد، 22°
الرئيسية أخبار نشاطات الندوات إتصل بنا

ترجمة: المعهد العراقي للحوار

لقاء ترامب – محمد بن سلمان يثير الحديث عن وساطة سعودية مع إيران

أثار زيارة ولي العهد السعودي رفيعة المستوى إلى واشنطن جدلاً داخل إيران، خصوصاً أن الرحلة جاءت بعد رسالة من طهران إلى الرياض. كما غذّى الجدل تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه “يريد صفقة” مع إيران، ما أعاد إحياء التكهنات حول احتمال لعب المملكة دور الوسيط بين طهران وواشنطن.

وأثناء ظهوره مع الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض في 18 تشرين الثاني/نوفمبر، قال ترامب إن إيران “تريد اتفاقاً وبشدة”، وإنه “منفتح تماماً” على ذلك. وأضاف: “نحن نتحدث إليهم، وبدأنا عملية”. ولم يتضح فوراً ما إذا كان يشير إلى جولات الحوار غير المباشر الخمس التي جرت في وقت سابق من العام قبل توقفها عقب الهجوم الأميركي–الإسرائيلي على إيران في حزيران/يونيو.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان قد اطلع على حالة الدبلوماسية الإيرانية–الأمريكية وكيف قد تؤثر على المصالح الأمنية السعودية، قال محمد بن سلمان: “نحن حلفاء مقربون ونعمل معاً بشكل وثيق في هذا الملف. سنبذل قصارى جهدنا للمساعدة في الوصول إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران”.

وأضاف: “نعتقد أنه من الجيد لمستقبل إيران أن يكون لديها اتفاق يلبي تطلعات المنطقة والعالم والولايات المتحدة، وسنعمل بكل طاقتنا لرؤية ذلك يتحقق”.

وبرزت في الزيارة محاولة البيت الأبيض إبراز “تعزيز” الشراكة الاستراتيجية مع المملكة، معلناً التوصل إلى اتفاق أولي لتبادل التكنولوجيا النووية المدنية. إلا أن الغموض ما زال يحيط بما إذا كان الاتفاق يشمل قدرات تخصيب اليورانيوم، وهي القضية المحورية في خلاف واشنطن مع طهران، والتي امتنعت الولايات المتحدة حتى الآن عن بيعها للرياض.

وقد رفض المسؤولون الإيرانيون بشدة فكرة وجود أي مفاوضات جارية مع الولايات المتحدة.

ففي 19 تشرين الثاني/نوفمبر، نفى المتحدث باسم الخارجية إسماعيل بقائي تصريحات ترامب مؤكداً أنه “لا توجد عملية تفاوض”. واتهم الولايات المتحدة بأنها خرقت التزاماتها مراراً وتسعى لفرض شروط أي اتفاق مستقبلي.

وأوضح بقائي أن رسالة الرئيس مسعود پزشکیان إلى محمد بن سلمان، والتي سُلّمت قبل زيارة الأخير إلى واشنطن، اقتصرت على العلاقات الثنائية، بما فيها شكر الرياض على تعاونها خلال موسم الحج لهذا العام.

زيادة التكهنات حول الوساطة

وقد ساهمت رسالة بزشکیان في زيادة التكهنات حول احتمال لعب السعودية دور الوسيط بين إيران وإدارة ترامب. وعلى الرغم من النفي الرسمي، تناولت الصحف الإصلاحية سيناريو الوساطة السعودية المحتملة.

فقد كتبت صحيفة شرق أن توقيت الرسالة “يحمل وزناً سياسياً” حتى لو كانت رسمياً تتعلق بشؤون الحج. أما صحيفة اعتماد فوصفت الرسالة بأنها “تطور مهم” في ظل الجهود الأوسع لإحياء الدبلوماسية النووية.

وذهبت صحيفة آرمان امروز إلى طرح سيناريوهات يمكن للسعودية من خلالها الضغط على الطرفين للعودة إلى طاولة المفاوضات.

من جهة أخرى، شكّكت وسيلة إعلام مقربة من علي شمخاني—المساعد البارز للمرشد الأعلى علي خامنئي—في احتمال الوساطة السعودية.

إذ وصفت تصريحات ترامب بأنها “ثرثرة مكررة”، ونقلت عن مسؤول مطلع قوله إن عمان وقطر—وليس السعودية—هما القناتان الدائمتان للاتصال غير المباشر بين طهران وواشنطن.

وعلى شبكات التواصل الاجتماعي الإيرانية، تركّزت ردود الفعل الأولية على حالة الغموض التي أثارها تصريح ترامب عن وجود “اتصال مستمر” مع إيران.

فقد انتقد المعلق مصطفى كرجي غياب الشفافية متسائلاً لماذا يسمع الإيرانيون مثل هذه الأخبار “من الآخرين”.

في حين عبّر المحلل السياسي رحمان قهرمان‌ بور عن شكوكه، قائلاً إنه “لم يحدث شيء جوهري” يبرر تحولاً دبلوماسياً كبيراً، مؤكداً ضرورة “الفصل بين الأمنيات والوقائع”، ومشيراً إلى أن “الظروف غير مهيأة” لاتفاق في الوقت الراهن.

وليست التكهنات حول احتمال وساطة سعودية جديدة لإطلاق حوار إيراني–أميركي أمراً مستجداً.

ففي شباط/فبراير الماضي، قال مصدر إيراني رفيع لـموقع "آماج ميديا"، إن لدى طهران “شعوراً إيجابياً” تجاه فكرة وساطة سعودية بعد تقارير تفيد بأن الرياض طرحت مثل هذا الاقتراح.

في ذلك الوقت، رحبت بعض الصحف الإصلاحية بالفكرة مشيرة إلى أن علاقة محمد بن سلمان الجيدة بترامب قد تمكّنه من لعب دور بنّاء. بينما أكد معارضون أن وسطاء تقليديين مثل سلطنة عمان وقطر يمتلكون قنوات أكثر ثباتاً وموثوقية.

وتأتي موجة التكهنات الجديدة في وقت يرفض فيه المرشد الأعلى أي حديث عن التفاوض مع واشنطن.

فقد أكد المرشد السيد علي خامنئي الشهر الماضي معارضته للمحادثات، معتبراً أن مفهوم الصفقة لدى إدارة ترامب هو “الإملاء” وليس التفاوض. كما شدّد على أن القدرات الصاروخية الإيرانية “ما زالت سليمة”، ورفض ادعاء ترامب بأن الولايات المتحدة “أبادت” البرنامج النووي الإيراني.

في المقابل، أعربت شخصيات مقربة من خامنئي عن انفتاح مشروط على التفاوض. فقد قال كمال خرازي، رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية ومستشار المرشد، في 16 تشرين الثاني/نوفمبر إن إيران “أظهرت دائماً استعداداً للتفاوض” بشرط أن يكون الحوار قائماً على الندية والاحترام المتبادل، مؤكداً أن على الولايات المتحدة أن “تتخذ الخطوة الأولى” وتتخلى عن سياسة الضغوط.

ويرتبط أي دور سعودي محتمل في تيسير الحوار بين طهران وواشنطن بتعزز موقع المملكة الدبلوماسي، وتنامي علاقتها بكل من إيران والولايات المتحدة، إضافة إلى رغبتها في تجنب تداعيات أي حرب جديدة على إيران.

وقد سعت السعودية طويلاً للحصول على تكنولوجيا نووية أميركية، لكنها واجهت معارضة داخل واشنطن لمنحها قدرات تخصيب اليورانيوم. كما أن التطبيع مع إسرائيل كان مطروحاً كشرط محتمل لهذا التعاون. ويبدو أن تغير الظروف الإقليمية بفعل حرب غزة ساهم في إزالة بعض العوائق أمام حصول الرياض على هذه التكنولوجيا.

وقد حذّر بعض المحللين الأميركيين من أن تخفيف واشنطن قيودها على نقل قدرات التخصيب للرياض قد يجعل من الأصعب إقناع إيران بالحد من طموحاتها النووية.

وأشار الخبير الإيراني–الأمريكي فرزان ثابت إلى أن التعاون النووي السعودي–الأميركي قد يعيد تشكيل ديناميكيات الدبلوماسية النووية بين طهران وواشنطن، من خلال منح الرياض “نقطة نهاية” جديدة قد تؤثر على موقف إيران التفاوضي.

المستقبل:

لا يزال غير واضح ما إذا كانت السعودية تسعى بالفعل—فضلاً عن إمكانية نجاحها—في لعب دور وساطة نشط.

لكن المكانة الدبلوماسية المتنامية للرياض، وصلاتها المتقدمة بكل من طهران وواشنطن، ورغبتها في استقرار المنطقة، تجعل من غير المرجح أن تتلاشى التكهنات حول دورها المحتمل.

وإذا كانت طهران وواشنطن تبحثان عن “مخرج” من حالة التوتر، فقد يكون لدور السعودية أثر مهم—خاصة إذا كان ترامب منفتحاً على إطار إقليمي للبرنامج النووي الإيراني.

وقد يتضمن سيناريو “كونسورتيوم” خيارات متعددة، بينها توزيع مراحل دورة الوقود النووي بين عدة دول، أو السماح لكل من إيران والسعودية بعمليات تخصيب “رمزية” داخل حدودها.

وقد ترتبط عمليات تخصيب على مستوى المختبر داخل المملكة بالاتفاق النووي الناشئ مع الولايات المتحدة، خصوصاً أن إدارة ترامب أعطت مؤخراً الضوء الأخضر لكوريا الجنوبية للشروع في برنامج غواصات نووية—من دون توضيح كيفية تزويدها بالوقود عالي التخصيب الذي تحتاجه عادةً.

تعليقات الزوار