00:00:00
توقيت بغداد
2025ديسمبر15
الاثنين
12 °C
بغداد، 12°
الرئيسية أخبار نشاطات الندوات إتصل بنا

هارشيت براجاباتي باحثة في مركز الدراسات الهندية

هل تُشعل سيول سباق الغواصات النووية

في قرار يُعدّ علامة فارقة، وافقت الولايات المتحدة على خطة كوريا الجنوبية لبناء غواصات تعمل بالطاقة النووية. وجاء الإعلان عقب اجتماع بين رئيسَي البلدين على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (APEC) في كوريا الجنوبية. وسيسمح هذا التحرك لكوريا الجنوبية بالانضمام إلى مجموعة الدول المالكة لغواصات SSN، وهي: الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا، والهند.

لكن السماح لكوريا الجنوبية ببناء غواصات نووية سيخلق سابقة خطيرة أمام الدول الساعية لامتلاك القدرات النووية، وسيشكّل ضغطاً على نظام حظر الانتشار النووي العالمي.

لقد أدّى تنامي الترسانة النووية لكوريا الشمالية، التي أعلنت نفسها «دولة نووية لا رجعة عنها»، إلى تصاعد المطالب داخل كوريا الجنوبية بامتلاك قدرة ردع نووي. ورغم أنّ أكثر من 70٪ من الرأي العام يدعم خيار التسلح النووي، فإن غالبية النخب لا تزال غير مؤيدة له، رغم وجود نسبة معتبرة تميل إلى خيار الوصول إلى العتبة النووية.

العتبة النووية تعني أن تمتلك دولة كل القدرات اللازمة (تكنولوجيا وبنى تحتية وخبرات) لإنتاج أسلحة نووية من دون أن تفعل ذلك فعلياً. أي أنها قادرة على تصنيع سلاح نووي خلال أشهر معدودة.

كوريا الجنوبية قد تحتاج سنوات لبناء سلاح نووي حالياً، لكن امتلاكها للعتبة النووية سيجعلها قادرة على إنتاجه خلال أشهر، ما يقلل الكلفة السياسية والدبلوماسية (عقوبات، عزلة دولية، خسارة الضمانة الأمنية الأمريكية) ويمنحها واقعاً مفروضاً. وتمتلك سيول جميع عناصر العتبة النووية باستثناء المواد الانشطارية؛ ويمنحها مشروع الغواصات النووية فرصة للحصول على هذه المواد.

حتى الآن، الدول الخمس النووية الموقعة على معاهدة عدم الانتشار (NPT) إضافة إلى الهند – غير الموقعة – هي وحدها التي تمتلك غواصات نووية هجومية. لكن كوريا الجنوبية دولة غير نووية موقعة على المعاهدة، ويمكنها استغلال ثغرة فيها: إذ تسمح المعاهدة للدول غير النووية بإخراج المواد الانشطارية المستخدمة في «أنشطة عسكرية غير محظورة» مثل المفاعلات البحرية من رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبالتالي يمكن لكوريا الجنوبية استخدام المواد الانشطارية في غواصاتها النووية لإنتاج أسلحة نووية.

صحيح أن أستراليا أيضاً ستبني غواصات نووية ضمن اتفاق AUKUS، لكنها لا تمتلك الدوافع ولا الوسائل لبناء سلاح نووي، وهو ما يفسّر سماح واشنطن ولندن لها بذلك. لكن كوريا الجنوبية تمتلك نية وقدرة محتملة، ومع امتلاكها غواصات نووية ستتمكن من الحصول على العنصر الناقص: المواد الانشطارية.

هناك طريقتان يمكن للولايات المتحدة من خلالهما مساعدة كوريا الجنوبية على بناء الغواصات النووية:

أولاً: أن تزوّدها باليورانيوم منخفض التخصيب (20٪) لتشغيل المفاعلات البحرية. وهذا مشابه لما يحدث مع أستراليا، دون تعديل اتفاق التعاون النووي بين البلدين (اتفاق 123). لكن المشكلة أن هذا النوع من المفاعلات يحتاج إلى إعادة تزويد دورية، ما يعني احتمالاً كبيراً لتحويل جزء من المواد الانشطارية للوصول إلى يورانيوم عالي التخصيب (90٪) المستخدم في الأسلحة النووية.

ثانياً: أن تقوم واشنطن بتعديل اتفاق 123 مع سيول، بحيث يسمح لها بتخصيب ومعالجة الوقود النووي الأمريكي. وهذا سيتيح لها الحصول على المواد اللازمة لتطوير سلاح نووي. الولايات المتحدة منحت هذا الامتياز لليابان فقط، بسبب التزامها الصارم بمعايير عدم الانتشار ومبادئها الثلاثة: عدم امتلاك، وعدم تصنيع، وعدم إدخال أسلحة نووية. لذلك توصف اليابان بأنها «قنبلة في القبو»، إذ يمكنها إنتاج سلاح خلال أشهر، لكنها لا تفعل ذلك بسبب التزامها الشديد بالمعايير الدولية.

في كلا السيناريوهين، ستسمح واشنطن لكوريا الجنوبية فعلياً بالحصول على الإمكانات الكاملة لإنتاج سلاح نووي. وحتى لو لم تنوِ سيول تصنيع سلاح فعلياً واكتفت بالوصول إلى «العتبة»، فإن ذلك سيشكّل سابقة خطيرة يمكن لدول أخرى استغلالها لبناء أسلحة نووية تحت غطاء بناء غواصات نووية.

هناك دول مثل البرازيل (مشروع ألبارو ألبرتو) وتركيا (مشروع NUKDEN) تتقدم فعلاً في مسار بناء غواصات نووية. كما صرّحت شخصيات إيرانية في عدة مناسبات بأن إيران تسعى لامتلاك غواصات نووية – رغم عدم وجود مشروع نشط حالياً. وهذا يهدد بإضعاف نظام عدم الانتشار الذي قادته الولايات المتحدة بنجاح كبير لعقود في منع الدول غير النووية من إنتاج أسلحة نووية.

تعليقات الزوار