المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

بوتين يسعى لإقامة تحالف مناهض للغرب في إيران

يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال زيارته المقررة لإيران اليوم الثلاثاء، إلى إقامة تحالف جديد مناهض للغرب، حيث سيبحث الزعيم الروسي، منذ غزو أوكرانيا، عن أصدقاء جدد.

وتحت عنوان ”يطير إلى المكان الصحيح“، سلطت صحيفة ”التايمز“ البريطانية الضوء في تقرير لها على أوجه التشابه بين البلدين، وقالت إن ”كليهما يخضع لعقوبات دولية هائلة، ويحكمهما رجال يتمتعون بسلطات شبه غير محدودة، وينظر كلاهما إلى الغرب على أنه قوة شريرة ومفسدة“.

وذكرت الصحيفة أن بوتين سيجد الكثير مما هو مألوف بالنسبة له فور وصوله إلى العاصمة الإيرانية طهران، لإجراء محادثات تهدف إلى تعزيز العلاقات بين البلدين على وقع الحرب في أوكرانيا.

علاقات وثيقة

وفي رحلته الثانية خارج البلاد منذ بدء الحرب في أوكرانيا، قالت الصحيفة البريطانية إن ”بوتين سيلتقي بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي“، مشيرة إلى أن الدولتين تربطهما علاقات وثيقة منذ سنوات عديدة، لكن موسكو كانت مترددة في تشكيل تحالف صريح مع طهران، لأنها تخشى الإضرار بعلاقاتها الاقتصادية المربحة مع الغرب.

وأضافت الصحيفة أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، تعني أن مثل هذه المخاوف أصبحت الآن غير ذات صلة إلى حد كبير، حيث قال أندري كورتونوف، رئيس مجلس الشؤون الدولية الروسي، الذي يقدم المشورة لوزارة الخارجية: ”هذه زيارة مهمة لبوتين شخصيًا. الكرملين لا يريد أن يسمح لنفسه بالعزلة دوليًا“.

وكانت واشنطن حذرت الأسبوع الماضي، من أن إيران تستعد لتزويد روسيا بمئات الطائرات دون طيار لتعزيز قواتها المسلحة في أوكرانيا.

وقال البيت الأبيض إن وفداً روسياً زار مطاراً بوسط إيران يومي 5 و8 يوليو/تموز الجاري، لفحص الطائرات المسيرة المعنية.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الكرملين لا يزال يصر على أنه لن تتم مناقشة المشتريات العسكرية خلال محادثات الثلاثاء، لكن إيران لم تنف صراحة التقرير الأمريكي.

ووفقاً لـ“التايمز“، وصفت صحيفة ”جافان“ الإيرانية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، قدرات الطائرات المسيرة، قائلة إنها ”يمكن أن تستخدمها روسيا لتوجيه نيران المدفعية، وتدمير المعدات العسكرية الأوكرانية“. واقترحت أن توافق طهران على تسليمها مقابل مساعدة عسكرية غير محددة“.

وفي موسكو، نقلت الصحيفة البريطانية عن خبير عسكري قوله إن ”القوات المسلحة الروسية سترحب بالطائرات دون طيار الإيرانية لتجديد مواردها وسط الصراع الطاحن في أوكرانيا“.

وأضاف: ”حتى لو أخذنا في الاعتبار أن لدينا إنتاجنا الخاص، فإننا بحاجة إلى المزيد من الطائرات دون طيار. كلما كان لدينا أكثر، كان ذلك أفضل“.

تحالف مناهض للغرب

وأشارت الصحيفة إلى أنه يتم الترويج للزيارة في الداخل الروسي على أنها تهدف إلى إنشاء تحالف جديد مناهض للغرب.

ونقلت عن يفغيني بوبوف، مذيع التلفزيون الحكومي الروسي، قوله إن ”الدولتين ستشكلان محور الخير، في إشارة ساخرة إلى وصف الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش في عام 2002 لإيران والعراق وكوريا الشمالية بـ ”محور الشر“.

وقالت الصحيفة إنه ”لطالما روجت الأصوات الموالية لإيران في المنطقة لفكرة أن تحالف الاستقرار – البلدان التي تركز على الاستقرار الداخلي على حساب حقوق الإنسان أو الحريات الشخصية – ستصبح ممكنة فقط إذا انهار الغرب“.

وأوضحت أن هذا التحالف سيضم روسيا وإيران وحلفاءها في المنطقة، مثل جماعة ”حزب الله“ اللبنانية.

وكانت إيران تقدمت مؤخرًا بطلب للانضمام رسمياً إلى ”مجموعة بريكس التجارية“ التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.

وأشارت الصحيفة إلى أنه تم الترويج لهذه الخطوة في موسكو على أنها دليل على فشل المحاولات الغربية لعزل روسيا، حيث يمثل الأعضاء الحاليون أكثر من 40% من سكان العالم وحوالي 25% من الاقتصاد العالمي.

نقاط الخلاف وتضرر إيران

وفي هذا الصدد، سلطت صحيفة ”التايمز“ الضوء على بعض نقاط الخلاف حول التحالف المزعوم، وقالت، إنه ”لا يخلو من التوترات“.

وأوضحت أن ”المتشددين الدينيين“ في إيران يعارضون الاقتراب الشديد من ”روسيا العلمانية“، وعلى الجانب الآخر، فإن الطموح الجيوسياسي الرئيسي لإيران؛ أي ”تدمير إسرائيل“، لا تؤيده موسكو وبكين، بشكل علني على الأقل.

وقالت الصحيفة: ”والأهم من ذلك، يُعتقد أن إيران تضررت اقتصاديًا بعد أن تخلت الصين والهند عن نفطها لصالح الصادرات الروسية المخفضة الأسعار“، حيث قالت مصادر إيرانية إن صادرات البلاد إلى آسيا تراجعت إلى ما يقدر بنحو 700 ألف برميل يوميًا، وهو نصف حجم الصادرات التي تعتمد عليها الدولة في ميزانيتها السنوية.

وأضافت: ”ومع ذلك، قد تكون إيران في وضع يمكنها من سد الفجوة التي خلفها الحظر المفروض على النفط الروسي في السوق الغربية، إذا تم تخفيف العقوبات التي فرضها عليها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في عام 2018.“

في غضون ذلك، قالت ”التايمز“ إن محادثات طهران ستأتي في إطار اجتماعات منتظمة بين روسيا وإيران وتركيا لبحث الحرب في سوريا، مشيرة إلى أنه من المقرر أن يجري بوتين محادثات منفصلة مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، في ما سيكون أول لقاء بينهما منذ بدء الحرب.

وأضافت الصحيفة: ”يُعتقد أن تركيا – العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) – تسعى للحصول على موافقة طهران وموسكو لشن غزو جديد في شمال سوريا ضد المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم إرهابيين“.

ونقلت عن المحلل الروسي فلاديمير سوتنيكوف، قوله إن ”توقيت القمة ليس صدفة، حيث تريد تركيا إجراء عملية عسكرية خاصة في سوريا مثلما تنفذ روسيا عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا“.

اترك تعليقا