المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

مرحلة خطيرة من “حرب الظل” بين إيران وإسرائيل

يأخذ التصعيد بين إيران وحلفائها في سوريا ولبنان واليمن وإسرائيل منحى آخر، بعد استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، في ضربة هي الأقوى، منذ اندلاع حرب غزة.

وعُدت ضربة الإثنين التي دمرت ملحق القنصلية الإيرانية الواقعة في حي المزة بدمشق، وخلفت 13 شهيداً، 7 منهم إيرانيين، هي الأقسى على كاهل الجمهورية الإيرانية، ما حملها على التهديد بالرد فوراً. 

وأكّد السفير الايراني في سوريا حسين أكبري، أن بلاده “سترد بشكل حاسم على القصف  الذي طال قائدين كبيرين في الحرس الثوري، هما العميد محمد رضا زاهدي والعميد محمد هادي حاجي رحيمي”. 

ويرى الخبراء، أن الهجوم الأخير، قد يكون أخطر تصعيد خارج غزة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على القطاع الفلسطيني قبل ما يقرب من 6 أشهر.

كما أن الهجوم هو الأحدث في سلسلة الضربات الإسرائيلية غير المعلنة على مواقع الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في سوريا ولبنان. 

وتقول شبكة “سي أن أن” الأمريكية في تحليل لها، “حتى الآن، لم تثر الهجمات رد فعل خارج نطاق المناوشات المستمرة منذ أشهر على حدود إسرائيل مع لبنان، على الرغم من التهديدات المتكررة من قبل إيران وقيادة حزب الله بالرد المماثل، لكن هجوم القنصلية قد يكون القشة الأخيرة، فمن الناحية الفنية، تعتبر القنصلية الإيرانية أرضاً ذات سيادة إيرانية، مما يجعل هذا الهجوم الأكثر علنية على الأراضي الإيرانية منذ سنوات،  والعميد زاهدي هو الهدف الأكثر شهرة منذ أن أمر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بقتل الجنرال البارز في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في بغداد في يناير (كانون الثاني) 2020”. 

حرج كبير 

وكتب المحلل الإيراني محمد علي شعباني، على منصة إكس، إن “الأحداث الأخيرة في دمشق تضع المرشد الإيراني علي خامنئي في حرج كبير أمام الحرس الثوري، وتحديداً فيلق القدس، الذي سيواجه صعوبة متزايدة في تبرير تردد خامنئي تجاه حلفاء إيران الإقليميين”.

وتؤكد الشبكة، أنه من الصعب تصور رد إيراني بدون تدخل من حليفها الأبرز في المنطقة، حزب الله، المنخرط في اشتباكات متقطعة مع الجيش الإسرائيلي منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أسفرت عن وقوع قتلى على الجانبين، لكن وبحكم التصعيد الأخير، يصبح من الصعب على الميليشيا اللبنانية، حصر مجال نيرانها في إطار الحدود المشتركة بين لبنان وإسرائيل، والالتزام بقواعد الاشتباك القائمة منذ الرصاصة الأولى قبل 6 أشهر.

وعلّت مساندة حليفي إيران الأبرز، حزب الله، وحركة أنصار الله الحوثي المحدودة لقطاع غزة المستهدف بقصف إسرائيلي مدمر منذ قرابة 6 أشهر، من شعبية الجماعتين، مستفيدتان من تنامي الدعم الشعبي في اليمن ولبنان، لكن صمتهما عن الهجوم الأخير ضد القنصلية الإيرانية، قد يكون موقفاً لا يمكن الدفاع عنه بعد اليوم، بحسب الخبراء. 

حرب الظل خطيرة

وصلت “حرب الظل” بين إيران وإسرائيل إلى مرحلة جديدة وخطيرة، وذلك إثر الهجوم الذي استهدف قنصلية طهران في دمشق، واتُهمت إسرائيل بالوقوف وراءه، بحسب تقرير لوكالة بلومبيرغ الأمريكية.

وأشارت “بلومبيرغ” إلى أن صراعاً يسود بين إسرائيل وإيران منذ فترة طويلة، وقد هاجم الطرفان بعضهما بعضا، بطريقة غير مباشرة، في عدة مناسبات، بينما استخدمت طهران وكلاءها في المنطقة لضرب إسرائيل، وهو ما قد يتصاعد أكثر في غمرة حرب غزة.

وقالت الوكالة إنه مع استمرار الحرب وانضمام الجماعات المسلحة الأخرى المدعومة من إيران إلى المعركة، فقد دخلت ما وصفتها الوكالة بـ “حرب الظل” مرحلة جديدة خطيرة.

وكان الهجوم الأخير الذي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق، مجرد حلقة أخرى من بين عدة حلقات من الصراع بين تل أبيب وطهران لا سيما في الأشهر الأخيرة.

وتعتبر إسرائيل قدرة إيران على صنع أسلحة نووية بمثابة تهديد لوجودها، ويُعتقد أنها تقف وراء حملة تخريبية ضد البرنامج النووي للبلاد.

ويقول زعماء إيران إنه ليس لديهم أي طموح لصنع أسلحة نووية، بينما يشير إسرائيليون إلى أن وثائق حصل عليها عملاؤها من إيران في عام 2018 تؤكد خلاف ذلك.

وقد أشار مسؤولون إسرائيليون مرارا إلى أنه إذا وصلت إيران إلى حافة القدرة على صنع أسلحة نووية، فإنها سوف تهاجم برنامجها النووي باستخدام القوة الجوية، كما فعلت في العراق في عام 1981 وفي سوريا في عام 2007.

ويعد لبنان أقدم جبهة في المعركة بين إسرائيل وإيران، لكن الصراع الآن امتد لسوريا وحتى البحر الأحمر.

وبحسب وسائل الإعلام، كثفت إسرائيل بعد 7 أكتوبر، ضرباتها ضد الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا بعد أن اقتربت من الحدود الإسرائيلية.

وعلى جانب آخر من حرب الظل، هناك الهجمات الانتقامية على السفن التجارية في البحر، والتي بدأت في عام 2019.

وعلى الرغم من أن إسرائيل وإيران لم تقبلا المسؤولية عن الهجمات على السفن المتصلة بهما، إلا أنه يعتقد على نطاق واسع أنهما تقفان وراءها.

وفي تصعيد للهجمات في البحر، منذ 7 أكتوبر، حاول الحوثيون، والذين سيطروا على شمال غرب اليمن منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2014، ضرب إسرائيل بالصواريخ والطائرات دون طيار وهاجموا بشكل متكرر السفن في البحر الأحمر.
على الرغم من أن إيران استوعبت في الغالب الضربات الإسرائيلية على مصالحها في سوريا، إلا أن قواتها هناك أطلقت في عام 2018 وابلًا من الصواريخ باتجاه المواقع الإسرائيلية في مرتفعات الجولان، وهي هضبة سورية تحتلها إسرائيل منذ عام 1967.

في المقابل، يُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تقف وراء اغتيال خمسة علماء نوويين إيرانيين في طهران منذ عام 2010 وعدة هجمات على مواقع نووية داخل إيران.

اترك تعليقا