المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

استراتيجية بايدن تجاه حرب غزة: هل اقتربت من نقطة التحول؟

عملت إدارة بايدن منذ هجمات السابع من أكتوبر 2023 على دعم إسرائيل، سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً. وسارع الرئيس بايدن شخصياً إلى زيارة إسرائيل عقب الهجمات مباشرة، وإرسال وزير خارجيته إلى إسرائيل والمنطقة عدة مرات خلال الأشهر الستة الماضية، على أمل أن يؤدي هذا الدعم العلني إلى زيادة النفوذ الأمريكي على الحكومة الإسرائيلية خلف الكواليس. وفي غضون ذلك صادق البيت الأبيض على أكثر من 100 حزمة مبيعات من الأسلحة إلى إسرائيل، إضافة إلى توفير الغطاء الدبلوماسي للحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على غزة في مجلس الأمن الدولي من خلال استخدام حق النقض ضد عدد من مشاريع القرارات التي كانت تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار. 

وبالرغم من كل هذا الدعم لإسرائيل غير أنه ليس لدى إدارة بايدن اليوم الكثير من النفوذ على تل أبيب. ولا تُبدي القيادة اليمينية المتطرفة في إسرائيل أي شعور بالامتنان للدعم الأمريكي، فمن يقود إسرائيل سياسي تَتَمَثَّل فرصته الوحيدة للبقاء في السلطة في مواصلة الحرب في تحدٍ للنصائح الأمريكية بتبني استراتيجية أفضل. ولعل من الصعب تفادي الانطباع بأن الشراكة الإسرائيلية-الأمريكية وصلت إلى نقطة تَحوُّل بعد مقتل أكثر من 32,000 فلسطيني، والتدمير شبه الكامل لغزة. كما أن ما ينطوي على أهمية مماثلة يَتَمَثَّلُ في حقيقة أن الرأي العام الأمريكي بدأ بالتحول ضد إسرائيل في سنة انتخابية. فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “جالوب” مؤخراً أن أغلبية الأمريكيين يعارضون حالياً الطريقة التي تتعامل بها إسرائيل مع الحرب في غزة، إذ يعارض 55% من الأمريكيين حالياً الأفعال الإسرائيلية، في حين يتفق 36% فقط مع هذه الأفعال. وهذا ليس بالأمر المفاجئ في الوقت الذي تغص فيها قنوات التلفزة الأمريكية بصور الغزيين الذين يواجهون مجاعةً وكارثة إنسانية.

وترى إدارة بايدن أن نقطة الضعف الرئيسة في استراتيجية إسرائيل الحالية تَتَمَثَّل في أنها تهدف إلى دحر “حماس” عسكرياً دون التعامل مع المظالم الإنسانية المشروعة للفلسطينيين، وعدم إيلاء اهتمام كافٍ بالرأي العام العالمي. ويعتقد البيت الأبيض أن أساليب إسرائيل تعمل على تحويل غزة إلى منطقة مدمرة غير قابلة للحكم، وتتطلب عودة الاحتلال الإسرائيلي، وإنتاج مزيد من الجماعات الإرهابية على مدى سنوات قادمة. وحدث التغيير الأساسي في سياسة الإدارة الأمريكية تجاه إسرائيل في نهاية فبراير الماضي في أعقاب مقتل أكثر من 100 مدني فلسطيني بعد وصول قافلة شاحنات تحمل المساعدات الإنسانية إلى دوار الكويت بمدينة غزة. 

وعمل بايدن بشكل ثابت على زيادة الضغط على حكومة نتنياهو للسماح بدخول مزيد من المساعدات، وكبح جماح هجومها في قطاع غزة. واشتمل هذا الضغط على انتقاد علني لإسرائيل، والامتناع مؤخراً عن التصويت في مجلس الأمن الدولي، والذي سمح بالمصادقة في 25 مارس على قرار وقف إطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان. ومع تعمُّق الهوة بين واشنطن وتل أبيب، عمد بايدن إلى دعم تصريحات أطلقها زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، الذي يُعَدُّ أرفع مسؤول يهودي منتخب في الولايات المتحدة، والتي قال فيها شومر بأن نتنياهو عقبة أمام السلام، وحثَّ الإسرائيليين على إجراء انتخابات لاستبداله.

واعترض الرئيس الأمريكي بشكل علني وتدريجي على أساليب إسرائيل العسكرية في غزة، مُشيراً إلى أن وقوع المزيد من الإصابات في صفوف المدنيين في حال قيام إسرائيل بعملية في رفح، التي لجأ إليها نحو 1.4 مليون فلسطيني، يُمثل خطاً أحمر. وجرت نقاشات عسكرية رفيعة المستوى خلال الأسابيع القليلة الماضية بين مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين لمناقشة عملية رفح والبدائل التي تطرحها الولايات المتحدة على إسرائيل.

هل ثمة مشروطية على المساعدات العسكرية؟

تُقدِّم الولايات المتحدة لإسرائيل نحو 4 مليارات دولار سنوياً معظمها على شَكك مساعدات عسكرية. وشهدت المبيعات العسكرية الأمريكية إلى إسرائيل ارتفاعاً حاداً منذ هجمات السابع من أكتوبر 2023. ويبدو أن الديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ الآن على استعداد لوضع شروط على هذه المساعدات العسكرية. وأصبحت المساعدات إلى إسرائيل قضية حزبية، لأن الجمهوريين في مجلس النواب يفضلون زيادة الدعم إلى إسرائيل من خلال حزمة بقيمة 17.6 مليار دولار، بانتظار مصادقة مجلس الشيوخ عليها. ويطالب الديمقراطيون في المجلسين إدارةَ بايدن بدلاً من ذلك الالتزام بـ “قانون المساعدات الخارجية”، ووقف المساعدات العسكرية في حال مواصلة إسرائيل منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

واشترط البيت الأبيض تحت ضغط أعضاء الكونجرس الديمقراطيين من الوكالات الحكومية الأمريكية “الحصول على ضمانات خطية جديرة بالثقة” من الحكومات الأجنبية حول استخدام الأسلحة الأمريكية بما يتماشى مع القانون الدولي والإنساني. وقدمت إسرائيل مؤخراً ضمانات بأنها تتصرف بمسؤولية في توفير المساعدات الإنسانية إلى غزة. ويتعين على البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية بحلول مطلع شهر مايو المقبل تقديم تقييم رسمي لهذه الضمانات وإبلاغ الكونجرس بذلك. وفي حال ثبوت أن هذه الضمانات ليست “جديرة بالثقة”، فإن أمام بايدن خيار تعليق مبيعات الأسلحة في المستقبل.

وبالرغم من الضغط المتزايد فإن الدعم العسكري الأمريكي يتواصل من دون انقطاع. وأشارت صحيفة “واشنطن بوست” في 29 مارس الماضي إلى تفويض البيت الأبيض مبيعات أسلحة إلى إسرائيل بقيمة مليارات الدولارات، اشتملت على أكثر من 1,800 قنبلة “أم كيه 84″، زنة الواحدة منها 2,000 رطل، و500 قنبلة أخرى “أم كيه 82″، زنة الواحدة منها 500 رطل. كما اشتملت هذه الحزمة على 25 طائرة مقاتلة من طراز “أف-35 أيه”، ومحركات بقيمة نحو 2.5 مليار دولار. لكنْ تجدر الإشارة إلى أن هذه المبيعات حصلت على مصادقة الكونجرس قبل أكثر من عقد من الزمن، ما يعني عدم وجود حاجة إلى إخطار الكونجرس بها مرة أخرى.

وتعمل الولايات المتحدة على تزويد إسرائيل بأنظمة الأسلحة والعتاد لأغراض الردع، وخوض الحرب على حد سواء. وتُعَدُّ استراتيجية وضع شروط على الأنظمة الدفاعية، مثل منظومة “القبة الحديدية” للدفاع الصاروخي، محفوفة بالمخاطر؛ ففي الوقت الذي قُلِّصَت فيه قدرات “حماس” على إطلاق الصواريخ، فإن “حزب الله” اللبناني يمتلك نحو 120,000-200,000 صاروخ وأنظمة أخرى للمواجهة يمكنها استهداف إسرائيل، ومن المرجح أن تطغى على قدرات إسرائيل في مجال الدفاع الجوي.

لكن هناك طريقة أخرى تنطوي على مخاطر أقل لاشتراط المساعدة العسكرية إذا ما قرر بايدن التركيز على أنواع محددة من أنظمة الأسلحة الهجومية، مثل القنابل التي تغطي مساحات كبيرة، والقنابل المُخترِقة للتحصينات، وسلسلة من القنابل الدقيقة الموجهة. وبالرغم من اعتبار البيت الأبيض للاجتياح البري لرفح الذي سيؤدي إلى حدوث خسائر كبيرة بين المدنيين خطاً أحمر، غير أنه لا يوجد أي إشارة واضحة حالياً بأن بايدن يفكر جدياً بتقليص المساعدات العسكرية إلى إسرائيل. ويبدو أن هناك اتفاقاً ضمنياً بين واشنطن وتل أبيب حول تأجيل نتنياهو خطط غزو رفح حتى مايو المقبل.

ما الذي تريده واشنطن؟

يتعلق السؤال المهم بما الذي ستحصل عليه واشنطن من إسرائيل مقابل هذا الدعم العسكري. بعبارة أخرى، في الوقت الذي يمتنع فيه بايدن عن استخدام أقوى أدوات نفوذه –وضع شروط على المساعدات الأمريكية لإسرائيل– فهل توجد مطالب واضحة من تل أبيب؟ هناك الكثير من النقاشات العسكرية والدبلوماسية رفيعة المستوى بين واشنطن وتل أبيب. وحتى عندما ألغى نتنياهو زيارة كان من المفترض أن يقوم بها وفد رفيع المستوى إلى واشنطن بعد امتناع الأخيرة عن استخدام حق النقض في مجلس الأمن ضد مشروع قانون يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار وإخلاء سبيل الرهائن الإسرائيليين لدى “حماس” دون قيد أو شرط، كان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في العاصمة الأمريكية لإجراء محادثات مع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن. 

وأصبح من الواضح الآن أن إدارة بايدن تُعارض عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح. وفي هذا الإطار يبدو أن هناك وضوحاً أكبر حول ما لا ترغب واشنطن في حدوثه. وهناك اعتراف واضح بأن أربع كتائب لحركة “حماس” ما زالت موجودة في رفح، لكنَّ هذه القوات إما موجودة تحت الأرض أو منتشرة بين نحو 1.4 مليون فلسطيني. ويعتقد بايدن أن هذا يجب أن يمنع حدوث غزو بري أو ضربات جوية واسعة النطاق أدت لغاية الآن إلى مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين في بقية أنحاء غزة. ولم يعد البيت الأبيض على استعداد لتحمُّل وقوع مذابح في صفوف الفلسطينيين خلال سنة الانتخابات الرئاسية. وبالرغم من إصرار نتنياهو بأنه لا يمكن تحقيق هدف “النصر الكامل” ضد “حماس” دون غزو رفح، فإن إدارة بايدن تناشد إسرائيل البحث عن بديل “لاقتحام رفح”

وتتمثل إحدى الاستراتيجيات البديلة التي جرى مناقشتها في واشنطن بقيام إسرائيل بحملة محدودة دون توجيه ضربات جوية مدمرة؛ أي المزيد من عمليات القوات الخاصة والقليل من الضربات الجوية، ما يعني قتال عناصر “حماس” بضراوة وإصابات أقل في صفوف المدنيين. وعمدت إسرائيل بالفعل إلى إجراء مثل هذا التعديل إلى حد ما، حيث أعلنت في يناير الماضي التحول إلى استراتيجية أكثر دقة. وأشارت تقديرات المسؤولين الأمريكيين آنذاك إلى قيام إسرائيل بخفض عدد القوات الإسرائيلية في شمال غزة إلى أقل من نصف عدد القوات التي كانت موجودة هناك في ديسمبر وهو 50,000 جندي. ومع ذلك، ما زالت الأساليب الإسرائيلية تعتمد بكثافة على الضربات الجوية التي تؤدي إلى مقتل الكثير من المدنيين للوصول إلى عنصر واحد من “حماس”.

وأبلغ كبار المسؤولين الأمريكيين نظراءهم الإسرائيليين بأن إدارة بايدن ستدعم استراتيجية في مجال مكافحة الإرهاب تشتمل على قيام إسرائيل بملاحقة أهداف عالية القيمة في “حماس” في رفح، سواء فوق الأرض أو تحتها، طالما عملت إسرائيل على تجنب القيام باجتياح واسع النطاق. كما ترغب واشنطن -إلى جانب تعديل الأساليب وقواعد الاشتباك– من إسرائيل تبني استراتيجية سياسية سليمة في حربها. وهناك أربعة مطالب أمريكية رئيسة من إسرائيل، هي: الحد من الإصابات في صفوف المدنيين، وإقامة منطقة آمنة للسكان المدنيين، وزيادة المساعدات الإنسانية، والمضي قُدُمَاً في طريق التوصل إلى حل سياسي بعيد الأمد.

عملية سلام شاملة ومتكاملة

يُعَدُّ هذا العنصر الأخير مهماً للغاية بالنسبة لاستراتيجية إدارة بايدن تجاه مستقبل قطاع غزة والصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والديناميات الإقليمية الأوسع. بعبارة أخرى، واشنطن بحاجة إلى موافقة نتنياهو على صفقة لوقف إطلاق النار في غزة بالتزامن مع إخلاء سبيل المحتجزين الإسرائيليين، من أجل استراتيجيته الطموحة في إطلاق “عملية سلام شاملة ومتكاملة”، تهدف في نهاية المطاف إلى تطبيق حل الدولتين.

ويقول المسؤولون الأمريكيون بأنهم يقتربون من التوصل إلى اتفاق مع السعودية ومصر والأردن لعرض حزمة اتفاق على إسرائيل لحل الوضع في غزة من أجل التوصل إلى الهدف النهائي بإقامة الدولة الفلسطينية. وتشتمل هذه الحزمة على خطة حول كيفية إدارة غزة، وإعادة إعمار المناطق المدمرة، وتقديم ضمانات من جانب الدول العربية لأمن إسرائيل. كما ستقوم السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، والتي تُمَثِّلُ خطوة كبيرة في علاقات إسرائيل مع المنطقة. ويتعين على القادة الإسرائيليين في المقابل الموافقة على حل الدولتين، وخطوات أخرى لتعزيز شرعية السلطة الوطنية الفلسطينية التي طالما سخر منها نتنياهو. وقال بايدن في 28 مارس الماضي، خلال إحدى فعاليات حملته الانتخابية في نيويورك، إن الدول العربية، بما في ذلك السعودية، مستعدة “للاعتراف الكامل بإسرائيل” من أجل التوصل إلى مثل هذه الصفقة.

وتُعَدُّ هذه الخطة المفرطة بالطموح للتوصل إلى حل نهائي للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، جهداً غير واقعي للغاية حالياً، وبخاصة في ظل التوجهات السياسية المتطرفة للحكومة الإسرائيلية الحالية، لذلك تعتمد الخطة كثيراً على تشكيل حكومة جديدة في تل أبيب. ويصر البيت الأبيض بأن طرح رؤيته السياسية أمر مهم لأنها توفر بديلاً عن مسار الدمار الحالي، ونقطةً مرجعية محتملة للمعارضة والرأي العام في إسرائيل. ويأمل المسؤولون الأمريكيون من خلال تشكيل هذه الرؤية بأن يتمكنوا من طرح الخطة خلال صفقة وقف إطلاق النار وإخلاء سبيل الرهائن التي ما زالت قيد التفاوض بين إسرائيل و”حماس” عبر الوسطاء القطريين والمصريين والأمريكيين. وفي الوقت الذي يخوض وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنز مفاوضات من أجل التوصل إلى صفقة لوقف لإطلاق النار وتحرير المحتجزين الإسرائيليين وسجناء فلسطينيين، يقود بريت ماكغيرك، منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأمريكي، جهداً دبلوماسياً للتوصل إلى “صفقة كبرى” تُفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية، والتطبيع بين السعودية وإسرائيل. 

الاستنتاجات

بعد مرور ستة أشهر على الحرب بين إسرائيل و”حماس” هناك إمكانية حقيقة لتوسع الحرب إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط، وبخاصة في حال حدوث تصعيد في الاشتباكات بين إسرائيل و”حزب الله” وإيران على الحدود مع لبنان وسورية. وحقيقة مصرع ثلاثة قادة بارزين على الأقل وأربعة ضباط يشرفون على عمليات إيران السرية في الشرق الأوسط في الأول من أبريل الجاري، بعد قيام طائرات حربية إسرائيلية بمهاجمة مبنى في العاصمة السورية دمشق تابع لمجمع السفارة الإيرانية هناك، لا تبشر بخير بالنسبة لجهود تفادي حدوث تصعيد عسكري في الشرق الأوسط. 

ويدل مثل هذا التصعيد على أن بديل الحلول الدبلوماسية والسياسية هو اندلاع حرب واسعة النطاق. وبالرغم من عدم واقعية التوصل حالياً إلى صفقة بين السعودية والولايات المتحدة حول التطبيع بين الرياض وتل أبيب، غير أن الطرف الأمريكي متحمس للتوصل إلى هذه الصفقة قبل موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية، إذ ستمثل مثل هذه الصفقة نصراً دبلوماسياً كبيراً لرئيسٍ يُعاني سجله في مجال السياسة الخارجية من إدارة الأزمات، ابتداءً بأفغانستان، ومروراً بأوكرانيا، وانتهاءً بالشرق الأوسط.

لقد جاءت معظم الانفراجات الدبلوماسية المهمة في الشرق الأوسط في أعقاب حروب، بما في ذلك معاهدة “كامب ديفيد” عام 1978 التي عملت على تطبيع العلاقات بين إسرائيل ومصر في أعقاب حرب عام 1973، واتفاق أوسلو عام 1993 الذي أسس للرؤية المتعلقة بحل الدولتين بعد الانتفاضة الأولى وحرب الخليج الأولى عام 1991. لكنَّ التوصل إلى أي اتفاق نهائي أو “صفقة كبرى” في الشرق الأوسط خلال سنة انتخابية في الولايات المتحدة ضمن جدول زمني مستعجل قبيل موعد الانتخابات الأمريكية، ووجود أكثر دورات الكونجرس اختلالاً في التاريخ الحديث، قد يكون مهمة مستحيلة. لكنَّ البديل الأكثر واقعية يَتَمَثَّلُ في إعلان بايدن عن الخطوط العريضة لصفقة كبرى كخارطة طريق خلال ربيع العام الجاري في إطار حملة إعادة انتخابه. وحتى لمثل هذا الاحتمال فإن بايدن بحاجة إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار.

اترك تعليقا