المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

هل يتحرك الثالوث النووي الروسي؟

رأى خبراء وباحثون روس أن التهديد الجديد للرئيس فلاديمير بوتين، باستخدام السلاح النووي، ترك الكرة في ملعب الغرب المتعطش “لهزيمة روسيا بأي ثمن”.

وقال الخبراء، إن الرسالة التي أراد أن يوصلها الرئيس الروسي مفادها أن “التجهيز الجيد للحرب يمنع حدوثها”.

وكان بوتين أشار خلال مقابلة مع وسائل إعلام روسية، إلى أن “موسكو تمتلك ثالوثا نوويا يعتبر الأحدث في العالم، وإذا أراد الغرب بدء حرب نووية فنحن جاهزون لها”، مؤكدًا استعداد بلاده استخدام السلاح النووي إن كان وجودها على المحك.

وعلى الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها بوتين عن إمكانية استخدام روسيا للسلاح النووي، لكن هذه التهديدات تأتي في ظل ارتفاع ملحوظ للحديث عن الحرب النووية المرتقبة، والتي شغلت منابر الساسة الغربيين في الأونة الأخيرة.

هل يتحرك الثالوث النووي الروسي؟

وعبّر الخبير في الشؤون الأمنية والإستراتجية يوري شبيليف، عن اعتقاده أن “بوتين ليس هو الشخص الذي بدأ في الحديث عن استخدام السلاح النووي”.

وأضاف شبيليف: “لكن ما قاله جاء ردًّا على تهديدات كثيرة يلوح لها الغرب كل يوم، سواء عبر المظلة النووية الأوروبية التي تتحدث عنها فرنسا وألمانيا، أو التجارب النووية التي قد تجريها الولايات المتحدة بأي لحظة”.

وتابع في حديث لـ”إرم نيوز”، أن “الكرة رماها فعلا بوتين في ملعب الغرب، وأتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت، فموسكو لن تكون السباقة باستخدام هذا السلاح، لكن إذا ما أراد الغرب أن يهدد الوجود الروسي فسيتم استخدامه”.

وأردف: “تهديد الوجود الروسي يعني مسح روسيا عن الخريطة، وهذا لا يتم إلا بالسلاح النووي فليس، لروسيا إلا أن ترد على هذا الخطر باستخدام أقذر سلاح عرفه التاريخ”.

وأضاف: “على الغرب أن يعود إلى التاريخ قليلا، ويوجه لنفسه سؤالا من استخدم السلاح النووي للمرة الأولى؟ وهل من استخدمه كان يواجه خطرا وجوديا؟”.

واستكمل حديثه: “للأسف الولايات المتحدة هي من فعلت ذلك، وروسيا ومنذ امتلاكها هذا السلاح لم توجهه لأي دولة؛ لأن هناك عقيدة واضحة تحكم الموضوع إذا هددت وجودي سأهدد وجودك”.

من الحرب الباردة إلى الحرب الفاترة

من جانه، رأى الباحث في النزاعات الدولية غينادي بانارين، أن “ارتفاع وتيرة الحديث حول السلاح النووي سواء في روسيا أو في الدول الغربية يأتي من باب الردع الأمني”.

واستبعد بانارين أن تقدم أي دولة على استخدام السلاح النووي بشكل مطلق.

وأضاف لـ”إرم نيوز”، أنه “لفهم ما يجري بالضبط يجب تقسيم المراحل التاريخية للصراعات العالمية، فالأولى كانت مرحلة الحرب العالمية الأولى والثانية، وحينها كنا في فترة الحرب الساخنة”.

وتابع: “فعليا تم استخدام السلاح النووي فيها لأول وآخر مرة، ومن بعدها تحولنا للحرب الباردة حيث تمثلت بتهديد ووعيد وسباق تسلح، أما الآن فالحرب أصبحت أكثر سخونة وتحولنا إلى مرحلة الحرب الفاترة”.

واستطرد بانارين قائلا: “ما يجري في أوكرانيا هي حرب في النهاية، لكن ليست بين موسكو وكييف، بل بين موسكو والغرب، ولهذه المرحلة قواعدها، قالجميع يتحدث عن السلاح النووي ولكن لا أحد يريد استخدامه”.

وذكر الباحث في النزاعات الدولية أن “فلاسفة السياسة والحروب توصلوا لمفهوم يقول التجهيز الجيد للحرب يمنع حدوثها، وهذا ما يجري حاليًّا باختصار”.

اتفاق عدم المبادرة

وحول الطرح الصيني حول ضرورة توقيع القوى النووية معاهدة تقضي بعدم المبادرة باستخدام الأسلحة النووية، أشار الخبير في الشؤون الأمنية والإستراتيجية يوري شبيليف: “ربما فعلا هذا ما سيحدث فكل المعاهدات وقعت تقريبا بعد أزمات”.

وأضاف: “بوتين كان واضحا عند سؤاله عن اتفاق روسي غربي لإنهاء الأزمة، حيث قال إن روسيا لا تثق بأحد ويجب أن يكون هناك ضمانات مكتوبة، وهذه المعاهدة إذا ما تم إبرامها بين القوى النووية ستخفف أو ستنهي هذا التوتر الحاصل وقد تكون جزءا من اتفاق غربي روسي مستقبلي”.

وأردف: “موسكو رحبت بهذه المبادرة وبهذه المعاهدة، وهذا دليل على أنها لا تريد أن تكون سباقة لاستخدام هذا السلاح، وعلى الغرب أيضا أن يخطو نحو هذا المسار”.

وكان المدير العام لإدارة الحد من الأسلحة في الخارجية الصينية سون شياوبو قد دعا في شهر فبراير/شباط الماضي، القوى النووية إلى التوقيع على معاهدة بشأن عدم الاستخدام المتبادل للأسلحة النووية.

وردت الخارجية الروسية على الاقتراح الصيني بالإيجاب، وأن روسيا تسعى للوقوف على موقف الغرب من هذا المقترح، لمعرفة ما إذا كانت الدول الغربية مستعدة “للنظر فيه أم لا”.

اترك تعليقا