المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

ما دلالات توقيت الهجمات الدامية في موسكو؟

الليلة الدامية الأخيرة التي شهدتها العاصمة الروسية موسكو وراح ضحيتها قرابة 115 قتيلاً حتى الآن، تعيد بنا الذاكرة إلى ما قبل انتخابات العام 2000، حين قتل 300 روسي بتفجيرات بعدة مناطق من البلاد واتهمت المعارضة بوتين بتدبير الهجمات لرفع شعبيته عقب تحركه بشكل سريع ضد الشيشان، والفوز برئاسة روسيا بانتخابات ذات العام.

 وفي العام 1999، عاشت روسيا تقلبات سياسية غير مسبوقة، حيث عانى الرئيس الروسي حينها بوريس يلتسن من مشاكل صحية، أجبرته على الراحة لمرات عديدة، بينما لم يتردد في خضم الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أثرت على البلاد، في إحداث تغييرات حكومية متكررة عمد خلالها لإقالة العديد من رؤساء الوزراء قبل أن يعين بنهاية المطاف فلاديمير بوتين بهذا المنصب.

ترجيحات

اللافت في هذا الهجوم الأخير الذي تبناه تنظيم “داعش خراسان” جاء بعد أقل من أسبوع على فوز بوتين بولاية رئاسية جديدة لمدة 6 سنوات، ففي الوقت الحالي على الأقل لا يحتاج بويتن إلى شعبية، الأمر الذي دفع خبراء ومحللين للترجيح بأن المعارضة دخلت خط التخريب مجددًا لمحاولة ضرب نتائج الانتخابات وإرباك الوسط الروسي الذي لا يزال يعيش الأجواء الانتخابات.

 وفي التفاصيل، شهدت روسيا بين، يومي 4 و16 سبتمبر 1999، مجموعة من الهجمات الدامية طالت عددًا من الوحدات السكنية في البلاد، وفي 4 سبتمبر 1999، شهدت بوينكساك بمنطقة داغستان، أولى هذه الهجمات حيث انفجر عدد من العبوات الناسفة قرب عدد من الوحدات السكنية. وبعدها بأيام، شهدت العاصمة الروسية موسكو يومي 9 و13 من الشهر نفسه هجمات مماثلة ضد مواقع سكنية.، ويوم 16 سبتمبر 1999، شهدت مدينة فولغودونسك تفجيرًا آخر أسفر عن تدمير عدد كبير من الوحدات السكنية وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا.

 ووفق تقارير روسية رسمية صدرت في تلك الفترة، أسفرت الهجمات على المدن الروسية، ما بين يومي 4 و16 سبتمبر 1999، عن مقتل 307 أشخاص، وإصابة ما يزيد على 1400 آخرين بجراح متفاوتة الخطورة.

 وأعلن ما بين يومي 22 و23 من الشهر نفسه عن كشف قنبلة معدة للتفجير، وبالتزامن مع ذلك ألقت الشرطة المحلية القبض على 3 أفراد من أعضاء جهاز الأمن الفيدرالي واتهمتهم بمحاولة تفجير منطقة سكنية، حيث حاول مجلس الدوما الروسي فتح تحقيق محايد بالحادث. وفي الأثناء، اصطدمت محاولاته بعراقيل عديدة أجبرته على إيقاف الأبحاث.

 تحذير أمريكي

 وتأتي هذه التطورات على الساحة الروسية بعد عدة تحذيرات من هجمات دامية ستجوب البلاد في مقدمتها الأمريكية قبل أيام  مفادها أن “متطرفين” يعتزمون شن هجوم في موسكو قريبًا، وجاء التحذير الأمريكي بعد ساعات من إعلان جهاز الأمن الاتحادي الروسي إحباط هجوم على كنيس يهودي في موسكو نفذته خلية تابعة لتنظيم داعش، وبعد أيام من إعادة انتخاب بوتين، لولاية جديدة في وقت تخوض فيه البلاد عملية عسكرية في أوكرانيا.

هجوم موسكو يسلط الضوء على طموح “داعش خراسان”

ترى صحيفة الغارديان، أن هجوم موسكو يثير تساؤلات حول التدابير الأمنية والتوترات الجيوسياسية في روسيا وخارجها، ويسلط الضوء على التهديد المتزايد من تنظيم داعش – ولاية خراسان وطموحه، خاصة بعد سلسلة من الهجمات الدامية خصوصا في إيران.

وقالت الصحيفة في تقرير إن الحادث يؤكد على أهمية التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب ومعالجة الصراعات الإقليمية، ويسلط الضوء على المستمر الذي يمثله تنظيم داعش – ولاية خراسان، وتركيزه المتطور على استهداف روسيا.

ويقول التقرير إن وكالات المخابرات الأمريكية تشير إلى تركيز المجموعة المتزايد على روسيا منذ الانسحاب الأمريكي من أفغانستان في عام 2021، مبينا أن أن الهجوم سيخلف تداعيات سياسية كبيرة سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي.

وأوضح أن تنظيم داعش المتمركز بشكل أساسي في أفغانستان، أثبت قدرته على شن هجمات كبيرة، بما في ذلك التفجيرات الأخيرة في إيران.

وشدد قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال مايكل كوريلا، على إصرار تنظيم داعش في ولاية خراسان وطموحاته العالمية، مشيرًا إلى قدرته على تنفيذ هجمات خارج أفغانستان.

وبحسب الصحيفة، كشف جهاز الأمن الفيدرالي الروسي أيضًا عن إحباط هجوم مسلح خطط له تنظيم داعش على كنيس يهودي في منطقة كالوغا.

وتشير التحذيرات الصادرة عن السفارة الأمريكية في موسكو إلى معلومات استخباراتية مسبقة تشير إلى وجود تهديد للتجمعات الكبيرة، بما في ذلك الحفلات الموسيقية في المدينة.

وقالت الصحيفة إنه بالرغم من ادعاءات بعض المسؤولين الروس التي تشير إلى تورط أوكرانيا، فقد نفت السلطات الأوكرانية بشدة أي صلة لها بالهجوم، مؤكدة رفض كييف للتكتيكات الإرهابية.

اترك تعليقا