المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

صدر حديثاً.. كتاب “التعاون الصيني”

أصدرت دار النشر المستقبل الرقمي مؤلفا جديدا بعنوان “التعاون الصيني” لكاتبه، وزير الاقتصاد والمالية المغربي الأسبق، والخبير الاقتصادي، فتح الله ولعلو، يقع في 244 صفحة من الحجم المتوسط، بعد ترجمة قام بها د. محمد الحنفي، من اللغة الفرنسية إلى العربية.

وفكرة الكتاب الأساسية تدور حول التعاون الصيني الإفريقي والعربي، والذي يعتبره فتح الله ولعلو عاملا أساسيا لتجديد تعدية الأطراف وتعددية الأقطاب المتوازنة. كما أنه يحمل الصين مسؤولية العمل على جعل إفريقيا والعالم العربي والبحر الأبيض المتوسط محورا أساسيا في إعادة بناء العالم وتوازناته الاقتصادية والسياسية.

مرحلة جديدة تحتاج لتحولات جذرية

يشير الكتاب إلى أن العالم يعيش نقطة تحول تاريخية واستراتيجية، مباشرة بعد الأزمة الصحية العالمية الناتجة عن جائحة كوفيد 19، ودخل العالم في حالة من الركود الاقتصادي، إذ انقلب بأكمله رأسا على عقب، وبات من المؤكد أنه لم يتم الخروج من هذه الأزمة الكبرى بدون تحولات جذرية.

وذهب الكتاب إلى التأكيد صراحة أن المبادرة الصينية “الحزام والطريق” ستشكل أداة جديدة لإعادة تعريف العالم وتوازناته.

وتركز مضامين هذا الكتاب، انطلاقا من عنوانه ومتنه، على فهم الروابط التي تجمع الصين بالعالمين العربي والإفريقي معا، والتعاون القائم بين الأطراف على جميع الأصعدة، مع التأكيد على الوضع الجديد الحالي للصين التي أصبحت قوة عالمية تقود التقدم الاقتصادي والتكنولوجي العالمي، وترغب في تحقيق تقدم فيما يتعلق بمسار العولمة.

لماذا التعاون الصيني العربي الإفريقي؟

ويقول فتح الله ولعلو إن الأزمة الصحية الناتجة عن فيروس كورونا، وراء فكرة كتاب “التعاون الصيني”، وذلك لأن العالم أصبح، وفق كلامه، يمر بمنعطف تاريخي واستراتيجي فيما يتعلق بمسار العولمة، وأن هذا الوباء، يعد أكثر من مجرد أزمة صحية عابرة، فقد تسبب، أي الوباء، في أزمة عالمية لها تأثيرات اجتماعية واقتصادية ونفسية وسياسية مدمرة لبعض البلدان.

وأضاف أن النظام الاقتصادي الدولي كله يعاني من هذه الأزمة العالمية، وهي لن تمر دون إحداث تحولات جذرية تذكرنا بتلك التي عرفها العالم غداة خروجه من الحرب العالمية الثانية 1945، وما تبعها من انهيار الاتحاد السوفييتي وسقوط ألمانيا النازية وظهور ما يسمى بالقطبية الثنائية.

ويقدم الكتاب كذلك اقتراحا بإعادة النظر في علاقات الصين مع العالمين العربي والإفريقي، مع مراعاة الوضع الجديد للصين، التي أصبحت قوة عالمية تقود التقدم الاقتصادي والتكنولوجي العالمي، والتي ترغب في تحقيق تقدم فيما يتعلق بمسار العولمة من خلال مبادرة “الحزام والطريق” أو “طرق الحرير الجديدة”، المعروفة اختصارا بـ OBOR.

ومن بين ما يجمع الصين مع القارة الإفريقية والأقطار العربية، هي الجغرافيا والانتماء إلى ما كان يسمى “العالم الثالث”، أو دول الجنوب، وأن هذه الدول خضعت كلها في فترات متلاحقة للهيمنة الإمبريالية خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.

قوة التعاون مع الصين أين؟

وتكمن قوة الصين في ثلاثة محددات، يعرضها الكتاب بتفاصيل أكثر، أولها؛ الحقيقة الصينية نفسها، وذلك بناءََ على حجم سكانها وقوة حضارتها، بعد أن شيدت الصين تنميتها الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية بسلاسة وأصبحت إحدى القوى العظمى في القرن الحادي والعشرين.

ثاني مؤشر على قوة الصين، هو تحقيقها الإنجاز الأول في قرن واحد فقط، من عام 1921، العام الذي أسس فيه الحزب الشيوعي الصيني حتى اليوم. وثالث مؤشر، هو انتماء الصين الجغرافي، مثل العالمين العربي والإفريقي إلى نصف الكرة الأرضية، أي الجنوب.

مسؤولية الصين..

باعتبارها قوة عالمية، يذهب فتح الله ولعلو إلى القول بأن الصين تتحمل مسؤولية المشاركة في إصلاح عالم أصبح غارقا في العولمة، ولكنه ظل طريقه بعد حربين عالميتين وسط اشتداد الخصومات الأيديولوجية.

ويرى الخبير الاقتصادي، فتح الله ولعلو، أن الصين تتمتع اليوم بالقدرة على على التأثير في إعادة تشكيل العالم، ويمكن أن يساهم تعاونها مع إفريقيا والعالم العربي في إعادة الدور الفاعل للبحر الأبيض المتوسط ليصبح محورا لأقطاب جديدة، وتعزيز التعددية وخلق نموذج متعدد الأقطاب.

أجزاء الكتاب

ينقسم الكتاب إلى خمسة أجزاء، عنون الجزء الأول بـ”الصين: من حضارة قديمة إلى قوة عالمية”، ويعرض فيه الكاتب، التاريخ والثقافة كنقطتين انطلاق لظهور الصين قوة عالمية؛ اقتصادية وتكنولوجية واستراتيجية، أيضا الحديث على مبادرة الحزام والطريق.

فيما يعرض الجزء الثاني استجابته الصين للتحديات العالمية الكبرى، من تغير المناخ العالمي والقضايا البيئية، وأيضا مقاربتها لتحدي الفقر وتصديها لجائحة كوفيد 19. أما الجزء الثالث، فقد خصص لتناول علاقات الصين مع العالمين العربي والإفريقي، حضاريا وثقافيا، وأيضا عسكريا، من خلال الغزوات البرتغالية والعلاقات الصينية العربية، وأيضا في موضوع مناهضة الإمبريالية.

ويعرض الجزء الرابع من الكتاب موضوع التعاون الصيني والإفريقي في قلب التحديات الكبرى في القرن الحادي والعشرين، ومراحل العلاقات والتبادل التجاري بين الطرفين، علاوة على الموارد الطبيعية والتقنية التي تزخر بها الأطراف.

أما الجزء الأخير، فقد تطرق للتعاون العربي الصيني، ضمن استراتيجية “الحزام والطريق”، والاستثمارات الصينية في الدول العربية، والتعاون بين الطرفين في المجالات الاجتماعية والثقافية، ومجال الصحة والبيئة، وفي مجال السلم والأمن.

اترك تعليقا