المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

ما هي مجموعة “فاغنر” الروسية؟ وما دورها في الحرب الأوكرانية؟

منذ عدة أسابيع، كانت وسائل الإعلام الروسية والمدونون المؤيدون للحرب تتحدث عن التوترات المتزايدة بين قوات مجموعة فاغنر والشركات العسكرية الخاصة التابعة لشركة غازبروم الروسية العملاقة للنفط.

وأكد يفغيني بريغوجين مدير مجموعة فاغنر العسكرية في نهاية أبريل، وجود ثلاث مجموعات اسمها Flame و Stream و Torch.

ومنذ بداية هذا العام، شكلت غازبروم جيشها الخاص. وفي 21 أبريل من هذا العام، نشرت قناة Telegram “Call Sign Bros”، التي يملكها ألكسندر سيمونوف، موظف في وكالة الأنباء الفيدرالية الروسية، مقابلة مع يفغيني بريغوزين. في تلك المقابلة، اشتكى مؤسس فاغنر من شركات عسكرية خاصة أخرى متورطة في الحرب في أوكرانيا.

وقال بريغوجين الغاضب بشكل واضح: “يعتقد الأشخاص الذين يملكون المال أنها فكرة جيدة أن نؤسس شركتنا العسكرية الخاصة، هكذا ولدت الشركات، وأصبحت غازبروم مالكة شركة ستريم وأصبح أندريه بوكاروف [الملياردير] مالكًا لشركة ريدوت”.

وفي المقابلة، روى كيف تم إرسال مقاتلين من الشركات العسكرية لتغطية أجزاء من الخطوط الأمامية لمعركة باخموت، حيث كان فاغنر يتقدم، لكنهم تخلوا عن مواقعهم بسبب نقص التدريب وسوء الإمدادات.

وقال “إنهم يريدون أن يظهروا للكرملين كم هم رائعون لأنهم بنوا جيشهم الخاص. لكن ليس لديهم قوة جوية ولا مدفعية ولا معدات حرب إلكترونية ولا مخابرات عسكرية. ليس لديهم ذخيرة أو طائرات بدون طيار أو قوات إغاثة. هذه ليست سوى نصف المشكلة. تبدأ المشكلة الرئيسية عندما يدركون أنه ليس لديهم سيطرة على ما صنعوه، أنت بحاجة إلى قيادة تكتيكية للقتال بشكل صحيح.”

ووفقًا لبريغوجين، يتم دفع أجور مرتزقة ستريم بشكل جيد، وقال”الثمن جيد جدًا لدرجة أنه سيرضيك”.

وفي مقطع فيديو سجله سيمونوف، ألقى بريغوجين باللوم على مجموعة من المرتزقة العسكريين المجهولين لتخليهم عن مواقعهم العسكرية في باخموت، حيث قُتل العديد من جنود فاغنر. وتشكو القوات العسكرية للشركات الخاصة من ضعف الاتصال ونقص الذخيرة والارتباك القيادي.

كيف بدأت مجموعة فاغنر؟

وقالت المخابرات العسكرية البريطانية إن نحو ألف مرتزق من الشركة العسكرية الروسية الخاصة، مجموعة فاغنر، نُشروا في شرق أوكرانيا.

وقد نشطت المجموعة على مدى السنوات الثماني الماضية في كل من أوكرانيا وسوريا وعدد من الدول الأفريقية، واتُهمت مرارا بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان.

وأشار تحقيق أجرته بي بي سي بشأن مجموعة فاغنر، إلى انخراط محتمل لضابط الجيش الروسي السابق، دميتري أوتكين، البالغ من العمر 51 عاما، في بدايات نشاط الشركة إذ يُعتقد أنه أسس شركة “فاغنر” وأعطاها اسمها – تيمنا بلقبه أو اسمه الحركي السابق حين كان ضابطا.

وأوتكين من قدامى المحاربين في حروب الشيشان، وضابط سابق في القوات الخاصة وكذلك في المخابرات العسكرية الروسية.

بدأت مجموعة فاغنر العمل لأول مرة أثناء ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014، كما تقول تريسي جيرمان، أستاذة الصراعات والأمن في جامعة كينغز كوليدج بلندن.

ويقول صموئيل راماني، الزميل المشارك في معهد رويال يونايتد سيرفيسز: “تُجند فاغنر بشكل أساسي قدامى المحاربين الذين يحتاجون إلى سداد الديون وتغطية تكاليف الحياة..إنهم يأتون من مناطق ريفية حيث توجد فرص أخرى قليلة أمامهم لكسب المال”.

تقول تريسي جيرمان: “إن إدارة جيش من المرتزقة يتعارض مع الدستور الروسي..ولكن رغم ذلك فإن فاغنر توفر للحكومة قوة تستطيع إنكارها والتنصل منها.. إذ يمكن أن تتدخل فاغنر في الخارج ويمكن للكرملين أن يقول ببساطة: لا علاقة لنا بالأمر”.

من يمول مجموعة فاغنر؟

يعتقد البعض أن وكالة الاستخبارات العسكرية الروسية (GRU)، تمول وتشرف سرا على مجموعة فاغنر.

وقد قالت مصادر من المجموعة لبي بي سي، إن قاعدتها التدريبية في مولكينو بجنوب روسيا، توجد جنبا إلى جنب مع قاعدة عسكرية روسية.

ونفت روسيا باستمرار أن يكون لفاغنر أي صلة بالدولة.

لكن التحقيق الذي أجرته بي بي سي والذي كشف عن صلات لأوتكين بمجموعة فاغنر، يربط أيضا بين المجموعة وأحد الأوليغارش الروس، ألا وهو يفغيني بريغوزين، المعروف باسم “طباخ بوتين”، ذاك اللقب الذي أطلق عليه لأن بداياته كانت كصاحب مطعم ومتعهد طعام للكرملين.

وتعمل شركة ايفرو بوليس التي يملكها بريغوزين في مجال خدمات الإطعام ومن بين زبائنها الجيش الروسي.

وتخضع العديد من شركات بريغوزين حاليا لعقوبات أمريكية بسبب ما تصفه واشنطن بـ “نفوذه السياسي والاقتصادي الخبيث في جميع أنحاء العالم”. لكن لطالما نفى بريغوزين أي صلة بمجموعة فاغنر.

أين تعمل مجموعة فاغنر؟

بدأت مجموعة فاغنر العمل في سوريا عام 2015، حيث قاتلت إلى جانب القوات الموالية للحكومة، وعملت أيضا على حراسة حقول النفط.

وتنشط المجموعة في ليبيا منذ 2016 وتدعم القوات الموالية للقائد العسكري خليفة حفتر. ويُعتقد أن ما يصل إلى ألف مرتزق من فاغنر شاركوا قوات حفتر في الهجوم الذي شنته على الحكومة الرسمية في طرابلس عام 2019.

ودعيت مجموعة فاغنر إلى جمهورية أفريقيا الوسطى عام 2017 لحراسة مناجم الماس، كما وردت تقارير إعلامية تفيد بأن المجموعة تنشط كذلك في السودان، حيث تعمل على حراسة مناجم الذهب.

قالت وزارة الخزانة الأمريكية في عام 2020 إن مجموعة فاغنر كانت “بمثابة غطاء” في هذه البلدان لشركات التعدين المملوكة لبريغوزين، مثل إم إنفست ولوبي إنفست، وجراء ذلك فرضت عليها العقوبات.

وفي الآونة الأخيرة دُعيت مجموعة فاغنر من قبل حكومة مالي في غرب أفريقيا لتوفير الأمن ضد الجماعات الإسلامية المتشددة. وقد كان لوصول المجموعة إلى مالي أثر على قرار فرنسا بسحب قواتها من البلاد عام 2021.

ويقول صموئيل راماني، الزميل المشارك في معهد رويال يونايتد سيرفيسز، إن مجموعة فاغنر لديها حوالي 5 آلاف مرتزق يعملون في جميع أنحاء العالم.

ما هي الجرائم التي يُزعم أن فاغنر قد ارتكبتها؟

اتهمت الأمم المتحدة والحكومة الفرنسية مرتزقة فاغنر بارتكاب عمليات اغتصاب وسطو ضد المدنيين في جمهورية أفريقيا الوسطى، وجراء ذلك فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليهم.

كما اتهم الجيش الأمريكي عام 2002 مرتزقة فاغنر بزرع ألغام أرضية وعبوات ناسفة أخرى في العاصمة الليبية طرابلس وفي محيطها.

وقالت الأدميرال هايدي بيرج، مديرة الاستخبارات في الجيش الأمريكي، فرع قيادة أفريقيا: “إن استخدام مجموعة فاغنر المتهور للألغام الأرضية والفخاخ المتفجرة يضر بالمدنيين الأبرياء”.

ماذا الدور الذي تلعبه مجموعة فاغنر في الحرب الأوكرانية الحالية؟

في الأسابيع التي سبقت الغزو الروسي لأوكرانيا، يُعتقد أن مرتزقة مجموعة فاغنر نفذوا هجمات متبعين استراتيجية “العلم الزائف” في شرق أوكرانيا، لإعطاء روسيا ذريعة للهجوم، حسب تريسي جيرمان، أستاذة الصراعات والأمن في جامعة كينغز كوليدج بلندن.

وقد ظهرت مؤخرا رسائل على وسائل التواصل الاجتماعي الروسية تُجنّد المرتزقة بدعوتهم إلى “نزهة في أوكرانيا”. لكن يبدو أن مجموعات المرتزقة باتت تذهب تحت أسماء أخرى مثل “الصقور”.

تقول كانديس روندو، أستاذة الدراسات الروسية والأوروبية الآسيوية والشرقية في جامعة ولاية أريزونا الأمريكية، إن هذا قد يمثل محاولة للابتعاد عن اسم فاغنر لأن “الاسم بات ملوثا”.

اترك تعليقا