المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

هل تساعد القنابل العنقودية أوكرانيا في الصراع مع روسيا

يبدو أن الحرب الروسية الأوكرانية مقدمة على فصل جديد، بعدما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن مساء الجمعة تزويد أوكرانيا بالذخائر العنقودية، في قرار وصفه بأنه كان صعبًا للغاية.

وقال بايدن إنه ناقش تزويد أوكرانيا بالذخائر العنقودية مع حلفاء واشنطن ومع الكونغرس، وفي النهاية اتخذ قراره بالموافقة بالنظر إلى أن ذخيرة الأوكرانيين آخذة في النفاد، على حد تعبيره.

وكانت ألمانيا عبرت عن معارضتها إرسال ذخائر عنقودية لأوكرانيا، وقال وزير الدفاع الألماني إن ذلك ليس خيارًا لبرلين. في حين قالت وزيرة الخارجية الألمانية إن بلادها تعارض ذلك أيضا بصفتها من بين 111 عضوًا في اتفاقية حظر استخدام الذخائر العنقودية.

بعد 500 يوم على بدء الحرب الأوكرانية، ورغم امتناع واشنطن مبدئيا عن إرسال قنابل عنقودية لتستخدمها كييف ضد القوات الروسية، إلا أنها وافقت، الجمعة، على ذلك وسط انتقادات من منظمات إنسانية.

الولايات المتحدة أرسلت أسلحة وذخائر بمليارات الدولارات ركزت فيها على تمكين كييف من الدفاع عن نفسها، ولكنها هذه المرة ترسل لها ذخائر تساعدها في تطهير بلداتها التي تحتلها القوات الروسية.

الرئيس الأميركي، جو بايدن، الجمعة، وصف تزويد أوكرانيا بالذخائر العنقودية بـ “القرار الصعب”، موضحا في مقابلة مع شبكة “سي أن أن” أن قناعته تشكلت في إرسال القنابل المثيرة للجدل، لأن كييف بحاجة إليها في هجومها المضاد لروسيا.

وأشار البيت الأبيض، الجمعة، إلى أن هذه الخطوة تشكل عتبة مهمة في نوع التسليح المقدم إلى كييف لمواجهة الغزو الروسي، وهي “الصواب” الذي يجب القيام به.

وكان مسؤول في وزارة الدفاع “البنتاغون قدد كشف لقناة “الحرة” الجمعة أن الذخائر العنقودية ستصل أوكرانيا في غضون أسبوعين.

ويشير مصطلح “الذخائر العنقودية” إلى أي نظام من نظم أسلحة تطلق بمجموعة من الذخائر المتفجرة الأصغر حجما على هدف معين، وهي مصممة للانفجار قبل الارتطام أو عنده أو بعده. ويمكن إطلاق هذه الذخائر بواسطة القذائف أو المدفعية وحتى من قنابل من الطائرات.

ويمكن أن يراوح عدد القنابل في هذه الذخائر بين العشرات والمئات.

فما سر توقيت الموافقة على إرسال القنابل العنقودية في هذا الوقت؟

لأكثر من عام أرسلت الولايات المتحدة أكثر من مليوني طلقة ذخيرة من عيار 155 التي تستخدمها مدافع هاوتزر، كما قدم الحلفاء الغربيون مئات الآلاف من هذه الذخيرة أيضا.

الذخائر التي تطلقها مدافع هاوتزر يمكنها إصابة الأهداف المتمركزة على بعد يتراوح بين 24 إلى 32 كلم، ولهذا كانت من الذخائر الأكثر تفضيلا للقوات البرية الأوكرانية.

رايان بروبست، باحث من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، قال إن القنابل العنقودية ستكون خيارا “جذابا لأنها ستساعد أوكرانيا على تدمير المزيد من الأهداف بعدد أقل من الطلقات”.

وأضاف لوكالة أسوشيتد برس أن الولايات المتحدة “لم تستخدم ذخيرتها من القنابل العنقودية منذ الحرب في العراق، ولهذا لديها كميات كبيرة مخزنة يمكنها الوصول إليها بسرعة”.

وأشار بروبست إلى أن “الذخائر العنقودية أكثر فعالية من المدفعية، لأنها تلحق الضرر بمناطق واسعة”، هذا مهم لأوكرانيا التي تخوض هجوما مضادا لاستعادة أراضيها، خاصة وهي تسعى “لتطهير بلداتها من القوات الروسية”.

كما أن توفير الذخائر العنقودية يمكن أن يعوض النقص الحاصل في مخزون قذائف المدفعية التي تحتاجها أوكرانيا، بحسب بروبست.

عضور البرلمان الأوكراني، يهور تشيرنييف، كان قد كشف في تصريحات سابقة أن كييف تحتاج إلى ما بين 7 إلى 9 آلاف طلقة ذخيرة مدفعية يوميا في قتالها المضاد ضد روسيا، وهو ما يعني أن توفير هذا العدد يعني وضع الكثير من الضغط على حلفاء أوكرانيا.

وكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قد دعا الدول الغربية مجددا لإمداده بأسلحة بعيدة المدى، محذرا من أن عدم توفيرها يبطئ الهجوم المضاد على القوات الروسية الذي باشرته القوات الأوكرانية منذ شهر.

ومنذ مارس الماضي، أرسلت رسالة من أعضاء في الكونغرس الأميركي لإدارة بايدن تدعوها لإرسال ذخائر القنابل العنقودية ضمن المساعدات العسكرية الأميركية للتخفيف على الإمدادات التي تحتاجها الحرب، خاصة في ظل توفر نحو 3 ملايين قنبلة عنقودية في المستودعات الأميركية.

وقال مستشار الأمن القومي، جايك سوليفان، إن الخطوة “قرار صعب، وأرجأناه” لفترة من الزمن، مشددا على أن الإقدام عليه في الوقت الراهن هو “الصواب”.

وأكد أن الأوكرانيين قدموا ضمانات “خطية” حول كيفية استخدام هذه الأسلحة للتقليل من “الأخطار التي تشكلها على المدنيين”.

وأثار الإعلان الأميركي غضب المنظمات الإنسانية التي أعادت التذكير بالأثر الكارثي لهذه الأسلحة على المدنيين.

هل استخدام القنابل العنقودية يمثل جريمة حرب؟

استخدام القنابل العنقودية لا ينتهك القانون الدولي، ولكن استهداف المدنيين بها يعتبر انتهاكا، كما هو الحال في أي ضربة عسكرية، يتطلب تحديد ما إذا كانت جريمة حرب أولا النظر فيما إذا كان الهدف مشروعا، وما إذا اتخذت الاحتياطات لتجنب وقوع إصابات بين صفوف المدنيين.

مارك هيزناي، من هيومن رايتس ووتش قال لوكالة أسوشيتد برس إن “الأمر يرتبط ما إذا كانت الهجمات التي تستهدف المدنيين عشوائية أم لا.. لذلك لا يتعلق الأمر بالضرورة بالأسلحة المستخدمة، ولكن بطريقة استخدامها”.

وانضمت أكثر من 120 دولة حول العالم إلى اتفاقية تحظر استخدام القنابل العنقودية، والتي وافقت على عدم استخدامها أو إنتاجها أو تخزينها والتخلص من المخزون المتواجد لديها، فيما لم توقع الولايات المتحدة أو روسيا أو أوكرانيا عليها.

هل استخدمت القنابل العنقودية سابقا في أوكرانيا؟

استخدمت القوات الروسية القنابل العنقودية في أوكرانيا في عدة مرات، بحسب ما أكد مسؤولون أوكرانيون ومراقبون من منظمات حقوق الإنسان، فيما قالت بعض المنظمات أن كييف استخدمتها أيضا ضد القوات الروسية.

وخلال الأيام الأولى للحرب، كانت هناك دلائل متكررة رصدتها هيومن رايتس ووتش على استخدام روسيا للقنابل العنقودية، مثل تلك التي ضربة مدرسة للأطفال في مدينة أوختيركا في شمال شرقي أوكرانيا.

كما رصدت هجمات عنقودية متعددة وقعت في مدينة خاركيف، ثاني أكبر مدينة أوكرانية.

وفي مارس الماضي، شهدت مناطق في باخموت وكوستنثيكا قصفا بصواريخ من طراز “أس 300” وذخائر صواريخ عنقودية.

والخميس، دعت منظمة هيومن رايتس ووتش القوات الروسية والأوكرانية إلى التوقف عن استخدام ذخائر عنقودية تقتل مدنيين أوكرانيين.

حزمة مساعدات أميركية جديدة

وستندرج الذخائر العنقودية ضمن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 800 مليون دولار، ما يرفع إجمالي المساعدات العسكرية التي قدمتها واشنطن إلى كييف منذ بدء الغزو الروسي إلى أكثر من 41 مليار دولار.

وتشمل المساعدة مدرعات وذخائر مدفعية وأسلحة مضادة للدبابات وغيرها.

وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض إن الخطوة ضرورية نظرا إلى “الخطر الهائل الذي يتهدد المدنيين في حال تجاوزت القوات والدبابات الروسية المواقع الأوكرانية واستولت على مزيد من الأراضي الأوكرانية وأخضعت مزيدا من المدنيين بسبب عدم امتلاك أوكرانيا ما يكفي من المدفعية”.

من جانبه، قال مساعد وزير الدفاع الأميركي، كولين كاهل، إن أوكرانيا تعهدت بعدم استخدام هذه القنابل في مناطق مأهولة، وستوثّق أماكن استخدامها لتسهيل عملية إزالتها في مرحلة ما بعد الحرب.

وشدد على أن واشنطن لن تزود أوكرانيا يذخائر ذات “معدل فشل” يتجاوز 2.35 بالمئة، مشيرا إلى أن روسيا تستخدم، في المقابل، ذخائر عنقودية يراوح “معدل فشلها” ما بين 30 و40 بالمئة.

و”معدل الفشل” هو نسبة القنابل التي لا تنفجر لدى الارتطام بعد إطلاقها.

اترك تعليقا