المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

هل يتخلى الغرب عن أوكرانيا؟

مجلّة “فورين أفيرز” تتناول الحرب المستمرة في أوكرانيا، وترى أنه لا يمكن ضمان استمرار الالتزام الغربي تجاه دعمها بالسلاح، بعد أن بدأ التفاؤل بشأن نجاح كييف يتلاشى في إثر الهجوم المضاد، وعدم الارتياح إزاء احتمال اندلاع حرب كبرى مفتوحة في الأراضي الأوروبية.

تساءلت مجلّة “فورين أفيرز” الأميركية، في تقرير، بشأن احتمال تخلي الغرب عن أوكرانيا، مشيرةً إلى أنه يتعين على كييف أن تستعدّ لتغيير محتمل في موقف كل من الولايات المتحدة وأوروبا.

وذكرت المجلة أنّ التحالف، الذي يضم “أغنى دول العالم وأكثرها تقدماً من الناحية التكنولوجية”، يمنح أوكرانيا ميزة بنيوية كبرى.

ومع ذلك، فإنّ الدعم العسكري الغربي يأتي بمخاطره وتحدياته الخاصة، وأوله اعتماد أوكرانيا الشديد على المساعدات العسكرية والمالية الغربية.

وبسببه، تحول الجيش الأوكراني بعيداً عن البنية الأساسية القديمة والمبادئ التي ميزته، خلال حقبة ما بعد الاتحاد السوفياتي، وأصبح يعتمد، بصورة كبيرة، على المعدات الغربية والتخطيط الاستراتيجي، بحسب “فورين أفيرز”.

ومن ناحية أخرى، تشن روسيا حرباً على الاقتصاد الأوكراني، الذي سيعاني من أجل أداء وظيفته من دون مساعدة دولية.

ورأت المجلة الأميركية أنه لا يمكن ضمان استمرار الالتزام الغربي تجاه أوكرانيا. ولفتت إلى تساؤلات الدوائر السياسية في أوروبا والولايات المتحدة بشأن الدعم طويل الأمد لأوكرانيا، بينما يظل ترويج وجهات النظر، المؤيدة لروسيا والمعادية لأوكرانيا، بصورة علنية، “أمراً نادراً”، على المستوى السياسي.

وبدلاً من ذلك، تميل الشكوك إلى ظهور المناقشات السياسية الداخلية المستمرة منذ فترة طويلة. 

أمّا في الولايات المتحدة، فأصبحت الحرب في أوكرانيا أحدث نقطة اشتعال في الصراع الدائر بشأن مدى اهتمام الأميركيين بدعم الشركاء والحلفاء في الخارج، والإنفاق عليهم.

أما في أوروبا، ففرضت جائحة “كوفيد-19″، والتضخم المرتفع في أعقاب الحرب، ضغوطاً اقتصادية. وبدأ التفاؤل بشأن نجاح أوكرانيا يتلاشى، الأمر الذي أدّى إلى الشعور بعدم الارتياح إزاء اندلاع حرب كبرى مفتوحة على الأراضي الأوروبية.

وتابعت المجلة الأميركية ـنّ التطورات في الخطوط الأمامية، في الوقت نفسه – وخصوصاً الوتيرة البطيئة نسبياً، والمكاسب المتواضعة للهجوم المضاد، الذي أطلقته أوكرانيا في وقت سابق من هذا الصيف – شجعت المتشككين في الدعم الغربي لكييف. وحتى لو اشتد الهجوم المضاد، فإنه لن ينهي الحرب في أي وقت قريب. 

وقالت “فورين أفيرز” إنّ أنصار أوكرانيا لا يملكون نظرية واضحة ومتفقاً عليها لتحقيق النصر، الأمر الذي يشكل عائقاً سياسياً. وخارج أوكرانيا، تهيمن الآن قصص أخرى غير الحرب على الأخبار. وكلما طال أمد الصراع، تراجع الصراع إلى الخلفية، الأمر الذي يغذي تصوراً بعدم الجدوى، ويعزز الدعوات إلى إيجاد حل تجميلي على الأقل.

ووفق المجلة، فإنّ الخطر الرئيس، الذي يواجه أوكرانيا، لا يتمثل بحدوث تحول سياسي مفاجئ في الغرب، بقدر ما يتمثل بالتفكك البطيء لشبكة المساعدات الأجنبية المنسوجة بعناية. ومع ذلك، إذا حدث تحول مفاجئ، فسوف يبدأ في الولايات المتحدة، بحيث سيتم طرح الاتجاه الأساسي للسياسة الخارجية الأميركية على ورقة الاقتراع في تشرين الثاني/نوفمبر 2024. 

وقبل يومين، أفادت صحيفة “برلينر تسايتونغ” الألمانية، في تقرير، بأنّ القوات الأوكرانية تتكبّد خسائر فادحة  خلال الهجوم المضاد، على رغم أنّ روسيا لم تستخدم كامل قوتها العسكرية، مشيرةً إلى أنّ قدرات القوات المسلحة الأوكرانية تَضعف يومياً، في مختلف المدن والمناطق، تحت وطأة الضربات العسكرية الروسية.

ونشرت مجلة “إيكونوميست” البريطانية تقريراً تضمّن تقويم وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية للوضع الميداني، الذي تشهده أوكرانيا، بعد ثلاثة أشهر من الهجوم المضاد. وبرز فيه تحليل للأسباب الأساسية، التي أدّت إلى تعثّر الهجوم وتأخر تحقيق أي إنجازات حقيقية حتى الآن، وتوقعات بشأن المرحلة المقبلة. وأكدت استخبارات البنتاغون أنّها فشلت في تقدير عمق الدفاعات الروسية.

اترك تعليقا