المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

لعبة حرب افتراضية تحاكي مهاجمة الصين لتايوان في 2026

في الوقت الذي أجرت فيه الصين تدريبات عسكرية مكثفة قبالة تايوان الأسبوع الماضي، فإن مجموعة من خبراء الدفاع الأمريكيين في واشنطن ركزوا على محاكاتهم الخاصة لحرب نهائية- لكن افتراضية تماماً في الوقت الحالي- بين الولايات المتحدة والصين على الجزيرة.

تجري لعبة “ماذا لو؟” غير الرسمية في الطابق الخامس من مبنى إداري ليس بعيداً عن البيت الأبيض، وهي تفترض رد فعل عسكرياً أمريكياً على غزو صيني مفترض لتايوان في عام 2026.

على الرغم من أنَّ المشاركين يجلبون وجهة نظر أمريكية، لكنهم يجدون أنَّ انتصار الولايات المتحدة وتايوان، إذا كان هناك فوز، يمكن أن يأتي بتكلفة باهظة.

يمكن لتايوان أن تصد الغزو ولكن!
من جانبه، قال مارك كانسيان، كبير المستشارين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، حيث تقام المناورات الحربية، إن النتائج “تُظهر أنه في ظل معظم السيناريوهات- وليس كلها- يمكن لتايوان أن تصد غزواً. ومع ذلك، فإنَّ التكلفة ستكون باهظة للغاية بالنسبة للبنية التحتية والاقتصاد التايواني والقوات الأمريكية في المحيط الهادئ”.

في الجلسات التي ستستمر حتى سبتمبر/أيلول المقبل، يعكف الجنرالات الأمريكيون المتقاعدون وضباط البحرية ومسؤولو البنتاغون السابقون على أجهزة الحواسيب اللوحية، جنباً إلى جنب مع محللين من مركز أبحاث مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

الأمر يبدو كرقعة شطرنج يحرك خلالها أولئك الجنرالات قواتهم من خلال مربعات زرقاء وحمراء ومربعات خشبية صغيرة فوق خرائط غرب المحيط الهادئ وتايوان. ومن المقرر نشر النتائج للجمهور في ديسمبر/كانون الأول نهاية العام الجاري.

سيناريوهات بدون أسلحة نووية

يتمحور الافتراض المحتمل المستخدم في معظم السيناريوهات؛ حول أن: الصين تغزو تايوان وتوحيد الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي بالقوة إليها، بينما تقرر الولايات المتحدة التدخل بجيشها.

وهناك افتراض آخر لكنه بعيد عن اليقين؛ وهو أنَّ اليابان ستمنح حقوق استخدام موسعة للقواعد الأمريكية الموجودة على أراضيها، بينما تتوقف عن التدخل المباشر ما لم تتعرض الأراضي اليابانية للهجوم.

ومع ذلك، ففي كل السيناريوهات لا تُستخدَم الأسلحة النووية، بل تعتمد الأسلحة المتاحة على القدرات التي أظهرتها الدول أو لديها خطط ملموسة لنشرها بحلول عام 2026.

كان اختبار الصين لإطلاق الصواريخ في الأيام الأخيرة رداً على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان؛ قد أكد القدرة الصينية التي افتُرِضَت بالفعل في لعبة الحرب.

وفقاً لما ذكره كانسيان، وهو محلل سابق لميزانية الدفاع في البيت الأبيض، ومتقاعد من قوات مشاة البحرية الأمريكية، في 18 جولة من 22 جولة من اللعبة، التي أجريت حتى هذه اللحظة، “أغرقت الصواريخ الصينية جزءاً كبيراً من الأسطول السطحي الأمريكي والياباني ودمرت مئات الطائرات على الأرض”. 

لكن مع ذلك، “دكّت الهجمات المضادة الجوية والبحرية للحلفاء الأسطول البرمائي والسطحي الصيني المكشوف؛ مما أدى في النهاية إلى غرق حوالي 150 سفينة”، حسب اللعبة.

القوات الأمريكية والصينية قد تتصادم بسبب تايوان 

وقال كانسيان: “سبب الخسائر الأمريكية الكبيرة هو أنَّ الولايات المتحدة لا تستطيع شن حملة منهجية لإسقاط الدفاعات الصينية قبل الاقتراب منها”.

مضيفاً أن على الولايات المتحدة “إرسال قوات لمهاجمة الأسطول الصيني، وخاصة السفن البرمائية، قبل تحقيق التفوق الجوي أو البحري. وللتعرف على حجم الخسائر”. 

كما أضاف بالقول: “في آخر تكرار للعبتنا، خسرت الولايات المتحدة أكثر من 900 طائرة مقاتلة/هجومية في صراع استمر أربعة أسابيع. ويمثل هذا نحو نصف مخزون القوات البحرية والجوية”. 

كذلك أشار إلى أنَّ القوة الصاروخية الصينية “مدمرة طالما يستمر المخزون”؛ لذا فإنَّ الغواصات والقاذفات الأمريكية ذات الصواريخ بعيدة المدى “لها أهمية خاصة”. 

وتابع المحلل السابق: “بالنسبة للتايوانيين، فإنَّ الصواريخ المضادة للسفن مهمة، والسفن السطحية والطائرات أقل أهمية؛ لأنَّ السفن السطحية تواجه صعوبة في الصمود طالما أنَّ الصينيين تتوفر لديهم صواريخ بعيدة المدى”.

لا تقديرات بشأن عدد الضحايا

على صعيد آخر، لم يقدم القائمون على اللعبة أية تقديرات حتى الآن بشأن عدد الأرواح التي قد تُفقَد أو التأثير الاقتصادي الكاسح لمثل هذا الصراع بين الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادين في العالم.

وتمثل القدرات الدفاعية التايوانية جزءاً مهماً من الحسابات؛ لأنَّ قواتها ستكون مسؤولة عن إعاقة واحتواء عمليات الإنزال الصينية من الجنوب، ونُفِّذ هذا السيناريو في المحاكاة.

يقول كانسيان: “نجاح أو فشل الحرب البرية يعتمد كلياً على القوات التايوانية. في جميع تكرارات اللعبة حتى الآن، يمكن للصينيين إنشاء رأس جسر (وضعية دفاعية على أراضٍ ساحلية انتزعتها قوات الإنزال)، لكن في معظم الظروف لا يمكنها توسيعه”.

وأضاف: “ويَحِد استنزاف أسطولهم البرمائي من القوات التي يمكنهم نشرها ودعمها. وفي حالات قليلة، كان الصينيون قادرين على الاحتفاظ بجزء من الجزيرة لكنهم لم يتمكنوا من احتلال الجزيرة بأكملها”.

أفضل مواقع الإنزال في تايوان تحت دفاعات قوية

ستسهم الصواريخ المضادة للسفن “هاربون” أمريكية الصنع مع الأسلحة التايوانية الصنع التي تمتلكها الجزيرة الديمقراطية؛ بدور كبير في التدمير المبكر لقوة الإنزال البرمائية الصينية، بينما ستتعرض البحرية التايوانية ونصف سلاحها الجوي للتدمير في الأيام الأولى من الصراع، بحسب نمذجة الحرب حتى الآن.

بدوره، قال إريك هيغينبوثام، عالم الأبحاث الرئيسي في مركز الدراسات الدولية في كامبريدج التابع لمعهد ماساتشوستس التقني، الذي يشارك في اللعبة الحربية: “تايوان جزيرة كبيرة، وجيشها ليس صغيراً”.

واستدرك قائلاً: “لكن من وجهة نظر نوعية، فإنَّ جيش تايوان ليس كما ينبغي أن يكون على الإطلاق، وقد أدرجنا هذا في اللعبة. لقد فشلت عملية الانتقال إلى جيش من المتطوعين بالكامل، وعلى الرغم من أنَّ المجندين لا يزالون مكوناً مهماً، لكنهم يخدمون لأربعة أشهر فقط”.

ربما تكون أكثر النتائج المُستخلصة إزعاجاً لواشنطن؛ هي أنَّ التسلسلات عالية التكلفة التي أُجرِيَت حتى الآن، ليست حتى أكثر الافتراضات صعوبة.

وقد أوضح كانسيان: “لم ننفذ أكثر السيناريوهات تشاؤماً؛ حيث قد تغزو الصين الجزيرة بأكملها”.

وقال إنَّ الجولات الأربع المتبقية من المناورات الحربية “تستكشف بعض السيناريوهات البديلة- مثل تأخير الولايات المتحدة دعمها لتايوان، والحياد الياباني الصارم والسيناريو المتشائم الذي يمنح الصين مجموعة متنوعة من المزايا”.

اترك تعليقا