المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

بدعم روسي.. إيران تسعى لتكثيف هجماتها على القوات الأمريكية في سوريا

قالت صحيفة واشنطن بوست، إن إيران تسعى لتصعيد الهجمات القاتلة على الجنود الأمريكيين في سوريا في إطار استراتيجية تدعمها روسيا لإجبار أمريكا على تقليص وجودها في المنطقة.

وذكرت الصحيفة في تقرير لها، الخميس، إن التقارير الأمنية السرية المسربة والبيانات الصادرة عن العديد من مسؤولي المخابرات هي مصدر هذا التقرير الحصري للواشنطن بوست.

ويقول هذا التقرير إن إيران تسعى لمهاجمة القوات الأمريكية من خلال تعزيز الجماعات المسلحة، ويشمل ذلك تدريب وتجهيز الجماعات المتحالفة مع إيران لاستخدام قنابل أكثر قوة على جوانب الطرق لاستهداف المدرعات الأمريكية، على غرار تلك التي كانت تستخدمها الجماعات المسلحة المدعومة من إيران أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق.

وفي السابق، أسفرت هجمات الطائرات المسيرة على القوات الأمريكية في سوريا عن إصابة ستة جنود ومقتل متعاقد عسكري. ورداً على تلك الهجمات استهدفت أمريكا مقرات للقوات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني وقتلت العديد منها.

ونُشرت تقارير عن تخطيط إيران لتكثيف الهجمات على القوات الأمريكية مع تسارع التطورات الدبلوماسية في المنطقة، بما في ذلك تقديرات متضاربة لإمكانية التوصل إلى اتفاق مؤقت بشأن برنامج إيران النووي.

وعلى الرغم من عدم وجود ما يشير إلى دور موسكو المباشر في تخطيط وتنفيذ الهجوم العسكري على أهداف أمريكية في هذه التقارير، إلا أن هناك أدلة على الوجود النشط للمسؤولين الروس في توجيه الجهود المناهضة لأمريكا، والتي لم يتم الإبلاغ عن أبعادها وحدتها من قبل.

ووصف أحد التقارير السرية التي نقلتها صحيفة واشنطن بوست علاقة روسيا بإيران بأنها “العلاقة المتبادلة” ومصدر للخلاف بين البلدين. المفاوضات مع تركيا حول مستقبل سوريا، وكذلك صمت روسيا في مواجهة الهجمات الإسرائيلية المستمرة، هي محاور التمايز بين سياسات البلدين تجاه سوريا.

وقيمت الواشنطن بوست استخدام القنابل المتطورة المزروعة على جوانب الطرق بأنه “تكثيف لحملة إيران طويلة الأمد باستخدام الميليشيات بالوكالة” ضد الولايات المتحدة في سوريا.

وفي عام 2018، عندما اشتدت سلسلة هجمات المسلحين المدعومة من إيران في العراق ضد أهداف أمريكية، أمر دونالد ترامب باغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني.

وتقول صحيفة واشنطن بوست، بناء على تقرير استخباراتي عُثر عليه بين كتلة وثائق المخابرات الأمريكية، إن مسؤولين من فيلق القدس قادوا وقاموا بتقييم اختبار عبوة ناسفة في منطقة الضمير على أطراف دمشق في نهاية كانون الثاني، وفي هذا الاختبار نجحت العبوة الناسفة في كسر درع الدبابة.

ويبدو أن المعلومات الأمريكية حول تجربة تفجير عبوة ناسفة تم الحصول عليها من الاستماع إلى أحاديث الجماعات المسلحة السورية واللبنانية.

وذكر تقرير آخر أنه تم إحباط محاولة لاستخدام قنابل مماثلة في فبراير، حيث كشفت القوات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة ثلاث قنابل.

ونشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرًا أمنيًا آخر يتحدث عن توسع الجهود الاستراتيجية الروسية لطرد الولايات المتحدة من شمال شرق سوريا.

وبناءً على وثائق المسربة، خططت طهران ودمشق وموسكو لإثارة استياء شعبي وجماهيري ضد الوجود الأمريكي في شمال شرق سوريا، وقرر كبار مسؤولي المخابرات والجيش في الدول الثلاث في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي إنشاء “مركز تنسيق” واتفقا على توجيه هذه الحملة السياسية.

وذكر تقرير آخر أن إيران وحلفاءها سعوا لاستهداف مقرات القوات الأمريكية رداً على الهجمات الإسرائيلية المتتالية في سوريا.

ومع الهدف المعلن المتمثل في منع عودة داعش، نشرت الولايات المتحدة أقل من ألف من القوات العسكرية وعدة مئات من المتعاقدين العسكريين في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا.

وقال العديد من الخبراء والمحللين في الشؤون العسكرية والدولية لصحيفة واشنطن بوست إنه بسبب انهيار خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي مع إيران) وتدخل روسيا في حرب أوكرانيا، فإن تصعيد هجمات المسلحة المدعومة من إيران ضد الأمريكيين قد يؤدي إلى بداية حلقة خطيرة من التصعيد.

ولم تعلق وزارة الدفاع الأمريكية على هذه التقارير المسربة، لكن مسؤولان حاليان ومسؤول سابق بالحكومة الأمريكية لهما إمكانية الوصول إلى معلومات حساسة أكدا في مقابلة مع هذه الصحيفة أن إيران تكثف جهودها لمهاجمة أهداف أمريكية.

صواعق التفجير “

أحد محاور تركيز تقرير الواشنطن بوست هو جيل متقدم من القنابل المزروعة على جوانب الطرق يسمى “صواعق التفجير القابلة للتشكيل”. وهذه الأشكال من العبوات الناسفة أكثر تطوراً من العبوات الناسفة التقليدية، وعادة ما يتم تنشيطها بواسطة جهاز تحكم عن بعد وتنفجر المقذوفات المعدنية بسرعة عالية جدًا نحو الهدف.

وتصنع هذه المقذوفات من صفائح معدنية رفيعة ومرنة تتشوه بفعل ضغط الانفجار وتصبح حجم انشقاق مثل رأس الحربة أو رصاصة. هذا الشكل المدبب، بالإضافة إلى صهر المعدن، يزيد من قدرته التدميرية.

وفي الوقت نفسه، نظرًا لاستخدام الألواح المعدنية المسطحة، يمكن إخفاء هذا النوع من القنبلة بسهولة أكبر.

وتسبب الاستخدام الواسع لهذا النوع من القنابل المزروعة على جوانب الطرق خلال احتلال العراق في خسائر فادحة للقوات الأمريكية.

ويقول أحد التقارير المسربة التي استشهدت بها صحيفة واشنطن بوست أن صانع قنابل تابع لحزب الله اللبناني في سوريا أجرى اختبارات على هذه القنابل في أواخر كانون الثاني (يناير).

ويبلغ قطر هذه العبوة الناسفة حوالي 12 سم ووزن متفجراتها أقل من كيلوغرام ونصف، وتم استخدام المتفجرات العسكرية C4 في بنائه.

وفي اختبارين، تمكنت هذه القنبلة من كسر جسم مدرع لدبابة قطرها 7 سم من مسافة 22 مترًا. وفشل اختبار ثالث للجهاز. والمشاركون في اختبار هذا الجهاز قيموه بأنه قوي و “قابل للتمويه”.

وبحسب تقرير سري نقلته صحيفة واشنطن بوست، فإن مسؤولين من فيلق القدس شاركوا في تصميم هذه القنبلة وقدموا نصائح حول كيفية استخدامها.

وفي هذا التقرير، ذُكر ضابط في فيلق القدس يُدعى “صادق أميد زاده” بأنه حدد عربات همفي وكوغار الأمريكية كأهداف مناسبة لهذه القنبلة، وقيل إنه يرسل عملاء للتعرف على طرق نقل القوات الأمريكية وتصويرها.

وسبق أن ورد اسم صادق عميد زاده من قبل منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة على أنه عضو في فيلق الحرس الثوري الذي اختطفته المعارضة السورية المسلحة في بداية الحرب الأهلية السورية، وفي ذلك الوقت قدمت إيران هؤلاء الأشخاص على أنهم زوار، ونفى حسين أمير عبد اللهين، وزير الخارجية الحالي، هويتهم العسكرية، لكن فيما بعد، قال علي أكبر صالحي، وزير الخارجية آنذاك، إن بعضهم “متقاعد من الحرس الثوري الإيراني”.

التطورات الدبلوماسية وتأخر إحياء الاتفاق النووي

ونشر التقرير عن خطة إيران لتصعيد الهجمات على أمريكا، فيما أثارت سلسلة من التطورات الدولية في الأسابيع الماضية خيار “اتفاق مؤقت” للحد من برنامج إيران النووي في بعض الدوائر الدبلوماسية.

ومن بين هذه التطورات زيارة سلطان عمان لإيران وتقارير حل الغموض الذي يكتنف موقع مريوان النووي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقال موقع أكسيوس الإلكتروني الأمريكي، إن بريت ماكغورك، مستشار جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط، سافر إلى عمان قبل بضعة أسابيع لمناقشة الحلول الدبلوماسية الممكنة للحد من برنامج إيران النووي.

وفي وقت سابق، ذكرت مصادر دبلوماسية أوروبية وإسرائيلية أن الولايات المتحدة قد أطلعتهم على خطتها لاتفاق مؤقت.

ونقل الموقع الأمريكي عن مسؤول إسرائيلي كبير ومسؤول أوروبي رفيع المستوى، “أن أمريكا تريد إيجاد حل مؤقت لبرنامج إيران النووي من خلال وساطة عمان”.

لكن جون كيربي، المتحدث باسم الأمن القومي للبيت الأبيض، قال أمس إن إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة ليس من أولويات إدارة بايدن. لكنه أضاف أن الحل الدبلوماسي لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي أفضل من الخيارات الأخرى. وقال إن إيران لم تظهر “حسن نية” في المفاوضات السابقة.

اترك تعليقا