المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

صدر حديثاً.. العقوبات السيبرانية بين التسييس والمشروعية في ضوء قواعد القانون الدولي

صدر عن مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية كراسة بعنوان “العقوبات السيبرانية بين التسييس والمشروعية” للدكتور عادل عبد الصادق مدير المركز العربي لابحاث الفضاء الالكتروني .

وتطرح الدراسة قضية جديدة تتعلق بتصاعد وتبلور نمط جديد من العقوبات الدولية، ظهر وبوضوح إبان الحرب الروسية- الأوكرانية، إلا وهو نمط العقوبات السيبرانية، والذي أصبح أكثر شمولاً وعمقاً وتأثيراً مقارنة بنمط العقوبات التقليدية، وتناول مدخل الدراسة تاثير المتغير التكنولوجي.

وتشير الدراسة إلى ان ما يزيد من وتيرة ووطأة تلك العقوبات الجديدة هي ارتباطها بالمجال السيبراني والذي بات يلعب دور استراتيجي وحيوي  في عمل البنية التحتية الكونية للمعلومات، وكوسيط لممارسة الأنشطة الإنسانية المختلفة على مستوى الفرد والدولة والمجتمع، وحالة التداخل الوظيفي بين المجال السيبراني مع كافة المجالات الدولية كالبر والبحر والجو والفضاء الخارجي.

وتتناول الدراسة إطاراً نظرياً آخر يرتبط بتعريف العقوبات السيبرانية وخصائصها وأهدافها، وطبيعة الفاعلين في توظيفها، والمستهدفين من فرضها سواء كانت دول ذات سيادة أو شركات عابرة للحدود أو أفراد، وتميز الدراسة بين العقوبات السيبرانية ومفهوم السيادة الرقمية، والعقوبات الاقتصادية، ثم تتناول أنماط العقوبات السيبرانية ومراحل ومستويات الإسناد لفرض العقوبات السيبرانية.

وتعرج الدراسة لحالة توظيف العقوبات السيبرانية في السياسة الخارجية الأمريكية وتطورها التاريخي، ومرتكزاتها وأنماط تطبيقها ومدى فاعليتها، وطبيعة الضغوط المتصاعدة بالولايات المتحدة لمراجعة برامج العقوبات السيبرانية، ثم تتناول حالة أخرى مرتبطة هي نظام العقوبات السيبرانية في السياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوربي، وطبيعته ومدى اختلافه أو تشابه مع نظيره الأمريكي، ومحددات وإشكاليات بناء نظام أوربي للعقوبات السيبرانية.

وبعد استعرض أحد أهم نموذجين لتطبيق العقوبات السيبرانية بحثت الدراسة في مدى مشروعية العقوبات السيبرانية وإشكاليات تطبيقها في ضوء مبادئ وقواعد القانون الدولي، وفي ضوء اتفاقيات حرية التجارة العالمية والاستثمار وطبيعة الإشكاليات القانونية في تطبيق العقوبات السيبرانية.

ثم تنتقل الدراسة إلى معالجة قضية تطبيق العقوبات السيبرانية على قضية راهنة وهي الحرب الروسية- الأوكرانية، وعلاقتها بحالة الصراع السيبراني بين روسيا والغرب من جهة وروسيا والولايات المتحدة من جهة أخرى، ورصدت الدراسة ملامح العقوبات السيبرانية المفروضة والاستجابة الروسية لها، ومدى فعاليتها، و تاثير العقوبات السيبرانية الأمريكية في زيادة التقارب الصيني ـ الروسي.

وترصد الدراسة ملامح تهديد العقوبات السيبرانية لمرتكزات المجال السيبراني كمجال مفتوح وحر امام الجميع وعلاقة ذلك بتهديد نموذج حوكمة الانترنت العالمي ، والتي برزت بشكل اكبر بعد وقائع الطلب الاوكراني بفصل روسيا عن شبكة الانترنت.

وتشير الدراسة الى محاولة امريكية لإنقاذ وحدة وعالمية شبكة الانترنت بالإعلان عن وثيقة مستقبل الانترنت والتحديات امام تفعيلها،وتؤكد الدراسة على اهمية جهود الأمم المتحدة لتبني اتفاقية دولية للجرائم السيبرانية للتواصل للتوافق الدولي العام حول مواجهة النشاط السيبراني العدائي وتوفير مظلة اممية للعقوبات السيبرانية.

وتتوقع الدراسة ان يكون لممارسة العقوبات السيبرانية تأثير في مستقبل النظام المالي العالمي في ظل ظهور العملات الرقمية والعملات المشفرة في التفاعلات الدولية، ودورها في توفير قنوات للتهرب من العقوبات، وتصاعد الاتجاه نحو بناء نظم مدفوعات وطنية رقمية ،وبناء نظام مالي دولي جديد خارج نطاق الرقابة الدولية الخاضعة للهيمنة الأمريكية. 

وترصد الدراسة طبيعة التحديات والفرص لبناء نظام دولي للعقوبات السيبرانية وان الممارسة الدولية لها  غلب عليها الطابع السياسي من جهة والطابع الاحادى من جانب الدول خارج مظلة الأمم المتحدة من جهة أخرى، وهو ما يحد من مشروعيتها ليس فقط لطبيعة موقف القانون الدولي واتفاقية التجارة العالمية بل كذلك بقدرتها على إحداث حالة من الاضطراب العالمي لا تنال فقط من النظم السياسية الحاكمة بل تنال كذلك من حياة ورفاهية الشعوب، وتمثل تحديا للمقولات الغربية حول سياسة انترنت شامل وحر ومفتوح للجميع.

وتكشف الدراسة أن هناك ثمة حالة من التلاعب بالعولمة من جانب الدول الغربية والذي وظف الشبكة لدعم القيم الليبرالية واقتصاد السوق ولكن عندما شكل الانترنت منصة لبروز قوى جديدة بدأ يتم ممارسة الحمائية الدولية والتي هي باب خلفي للعقوبات السيبرانية وتهديد لحرية التجارة العالمية والتغول في ممارسة مخاوف الأمن القومي لتمرير أجندة سياسية تتعلق بمحاولة الحفاظ على الأحادية القطبية في النظام الدولي.

اترك تعليقا