المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

ما هو السبب الحقيقي لزيارة بوتين لطهران؟

ترجمة خاصة ـ المعهد العراقي للحوار

يتوجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان إلى إيران في 19 تموز/ يوليو الجاري، لعقد اجتماع ثلاثي حول سوريا يعرف باسم “عملية أستانا”.

كانت آخر مرة كان فيها الرئيسان في طهران لحضور اجتماع سوريا في أيلول/سبتمبر 2018، وكانت هذه آخر زيارة لبوتين إلى إيران، لكن أردوغان قام برحلة أخرى إلى طهران في أبريل 2021.

وكانت هذه الدول الثلاث على طرفي نقيض في الحرب السورية، وتدعم طهران وموسكو الرئيس السوري بشار الأسد وأنقرة تدعم المتمردين.

هذا الاجتماع رفيع المستوى هو أول اجتماع دولي للقادة يعقد في إيران منذ تولى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي منصبه في أغسطس 2021.

وقد يكون هذا الاجتماع حول سوريا، لكنه يدور حول أكثر من ذلك بكثير، خصوصاً وإنه يأتي بالتزامن مع جولة يقوم بها الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى منطقة الشرق الأوسط شملت إسرائيل والسعودية.

العلاقات مع بوتين

من المفترض أن يكون هذا الاجتماع اجتماعًا ثلاثيًا، لكن بوتين ومحادثاته الفردية مع الرئيس إبراهيم رئيسي هي التي جذبت انتباه وسائل الإعلام الإيرانية، كما سيلتقي مع علي خامنئي، زعيم الجمهورية الإسلامية.

وهذه هي ثاني زيارة لبوتين خارج روسيا منذ الأمر بغزو أوكرانيا في 24 من فبراير/شباط الماضي، وتقول إيران إنها تعارض هذه الحرب لكنها لم تدينها، بل حملت الولايات المتحدة والدول الغربية مسؤولية هذا الهجوم بسبب توسع الناتو.

وتضع الحرب القمة في سياق مثير للاهتمام: تستخدم أوكرانيا ترسانة من الطائرات بدون طيار تركية الصنع لصد القوات الروسية، فيما تقول الولايات المتحدة إن إيران تخطط لتزويد روسيا بطائرات بدون طيار.

وقالت إيران في بيان لها الاسبوع الماضي إن تعاونها مع روسيا “يعود إلى ما قبل الحرب” وأنه “لم تحدث تطورات جديدة مهمة”.

ويعتقد المحافظون في إيران أن إمداد روسيا بالطائرات بدون طيار يشير إلى تقدم إيران العسكري، لكن المنتقدين يعتقدون أن التدخل في هذه الحرب لن يفيد طهران.

وأصرت صحيفة “جوان”، المقربة من الحرس الثوري، على أن الطائرات الإيرانية بدون طيار يمكن أن تساعد في معالجة “نقاط الضعف” في هجوم روسيا على أوكرانيا.

ومع ذلك، قال جلال ميرزائي، المحلل السياسي، إنه إذا قامت إيران بتسليح روسيا، فإنها “ستنضم إلى لعبة خاسرة بالفعل”.

وبغض النظر عما إذا كانت إيران ستزود روسيا بطائرات بدون طيار أم لا، تظل الحقيقة أن كلا البلدين أصبحا أقرب منذ أن تولى رئيسي منصبه، والتقى بوتين مرتين هذا العام وحده – في فبراير في موسكو وفي يونيو في العاصمة عشق أباد.

وتأتي زيارة الرئيس الروسي بعد ثلاثة أيام فقط من انتهاء زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للشرق الأوسط، بينما يخطط بايدن لمناقشة تشكيل اتفاق دفاع جوي لمحاربة الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية، وقد يتطلع بوتين إلى توسيع نفوذ روسيا في غرب آسيا عبر إيران.

وقال عبد الرضا فراجي، سفير إيران السابق في النرويج، لصحيفة “شرق” التابعة للإصلاحيين الإيرانيين: “بعد الحرب في أوكرانيا، توقف النفوذ الجيوسياسي لروسيا في أوروبا والولايات المتحدة وبعض دول شرق آسيا … عمليا، وتتطلع روسيا الآن إلى توسيع نفوذها في الشرق الأوسط مع جعل إيران مركزها”.

ووسط تقارير عن انسحاب القوات الروسية من سوريا لتعزيز جهودها الحربية في أوكرانيا، هناك مخاوف من تدخل إيران لملء الفراغ.

مخاوف تركيا

ستكون زيارة أردوغان لطهران هي أول زيارة له بعد تولي رئيسي منصبه، وفي غضون ذلك، نفذت القوات التركية هجمات متكررة بطائرات بدون طيار عبر الحدود على المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا في الأشهر الأخيرة، وأكدت أنقرة على خططها لاستئناف العمليات في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد السوريون.

هل تهاجم تركيا شمال سوريا؟

وتقول طهران إنها “تتفهم مخاوف تركيا” وشددت على أن الحوار يمكن أن يحل الخلافات بين أنقرة ودمشق، وزار وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان تركيا في أواخر حزيران/ يونيو الماضي، ونقل “مخاوف أنقرة الأمنية” إلى سوريا في 3 تموز/ يوليو الجاري.

واعتبر ناصر كناني، المتحدث باسم وزارة الخارجية، استضافة إيران لهذا الاجتماع إنجازًا دبلوماسيًا، وقال إن طهران أصبحت “عاصمة دبلوماسية نشطة” بسبب الزيارات المتكررة للمسؤولين الأجانب.

وقالت صحيفة “فرهيختغان” المحافظة إن إحدى “نقاط القوة” الإيرانية هي “لعب دور فعال في القضايا الأمنية” ودعمت المفاوضات ليس فقط لتحقيق نتائج دبلوماسية بل اقتصادية أيضًا.

وهذا الاجتماع ذو أهمية إعلامية، ولكن ربما تكون هذه الاجتماعات الجانبية هي التي ستنعكس نتائجها خارج المنطقة.

اترك تعليقا