المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

هل تُبرم السعودية وأمريكا معاهدة “دفاع مشترك”؟

تجري المملكة العربية السعودية مباحثات مع الولايات المتحدة لإبرام معاهدة دفاع مشترك شبيهة بالتي وقعتها واشنطن مع كوريا الجنوبية واليابان، حسبما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

وفي المقابل تواصل واشنطن مساعيها لإقناع السعودية بتطبيع علاقاتها مع “إسرائيل”، التي أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية، الخميس 21 سبتمبر، أنها “مستمرة وتتقدم كل يوم”.

لكن سبق أن أشارت الصحيفة الأمريكية أن الرياض تريد تحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه الخطوة، بإبرام معاهدة دفاع مشترك، تضمن الرياض بموجبها تدخلاً أمريكياً عسكرياً في حال تعرضها لأي هجوم محتمل.

عنصر أكثر أهمية

وأبرمت الولايات المتحدة معاهدات دفاع مشترك منفصلة مع اليابان، عام 1951، بعد الحرب العالمية الثانية، ومع كوريا الجنوبية عام 1953.

ووفقاً لـ”نيويورك تايمز”، فإن المعاهدتين “صارمتان للغاية” من حيث الالتزام العسكري الأمريكي في حال الأعمال العدائية وإخضاع البلدين للردع النووي الأمريكي.

وفقاً لمسؤولين أمريكيين تحدثوا لصحيفة “نيويورك تايمز”، الأربعاء 20 سبتمبر، فإن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يعتبر “معاهدة الدفاع المشترك مع الولايات المتحدة تُمثِّل العنصر الأكثر أهمية في المحادثات مع إدارة بايدن بشأن إسرائيل”.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سعوديين قولهم: إن “اتفاقية الدفاع القوية ستساعد في ردع الهجمات المحتملة من قبل إيران أو شركائها المسلحين على المملكة، وذلك رغم إعادة العلاقات بين البلدين”.

ويذهب ولي العهد السعودي إلى مطالبة إدارة الرئيس بايدن -وفق الصحيفة- بمساعدة المملكة على تطوير برنامج نووي مدني إلا أن “نيويورك تايمز” قالت: إن “المسؤولين الأمريكيين يخشون أن يكون غطاءً لبرنامج أسلحة نووية سعودي في مواجهة إيران”.

وفي أول حواره الأول مع شبكة أمريكية منذ العام 2019، قال الأمير محمد بن سلمان لقناة “فوكس نيوز” الأمريكية: إنه “في حال حصلت إيران على سلاح نووي فلا بد للمملكة من أن تحصل عليه”.

لكن ولي العهد السعودي عاد لتأكيد أن “القضية الفلسطينية ستظل مهمة جداً فيما يتعلق بتطبيع العلاقات مع إسرائيل”.

حاجة ملحّة

ورجحت “نيويورك تايمز” أن تثير المعاهدة المحتملة بين أمريكا والسعودية جدلاً في الأوساط الأمريكية؛ كونها تعني زيادة تدخل الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، كما سيبعدها عن هدفها المتمثل في “ردع الصين”، كما أن المعاهدة قد تلقى اعتراضات قوية في الكونغرس الأمريكي.

وخلال الأشهر الماضية، قدم مسؤولو البيت الأبيض إحاطات حول المفاوضات مع الجانب السعودي للمشرعين الديمقراطيين، بهدف إقناعهم للموافقة على المعاهدة، وضمان الحصول على الأصوات الـ67 اللازمة في مجلس الشيوخ، أو ثلثي ذلك المجلس، وفقاً لـ”نيويورك تايمز”.

وبموجب المعاهدة المحتملة، تلتزم الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم الدعم العسكري اللازم إذا تعرضت السعودية لهجوم في المنطقة أو على الأراضي السعودية.

وحول هذه المعاهدة يقول البرلماني العراقي السابق والخبير في العلاقات الدولية، الدكتور عمر عبد الستار: إن “التوصل إلى هذه المعاهدة يمثل حاجة وضرورة للولايات المتحدة الأمريكية والسعودية على حد سواء”.

وقال عبد الستار، في حديث لـ”الخليج أونلاين”: “المنطق الدولي يفرض أن يكون للسعودية علاقات مع أمريكا شبيهة بعلاقات واشنطن مع كوريا الجنوبية واليابان”.

ورجّح الخبير في العلاقات الدولية أن تنجح الرياض في انتزاع معاهدة دفاع مشترك مع الولايات المتحدة، مؤكداً أن “التطبيع بين المملكة وإسرائيل منطقي أيضاً لما فيه مصلحة المنطقة”، مؤكداً أن “المنطق الدولي يفرض ذلك”.

وأضاف: “يجب أن تسير الأمور بين الطرفين السعودي والأمريكي في هذا الاتجاه، ونفس الشيء مع إسرائيل، يجب أن تحمل نفسها على التنازل مثلما تحمل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها على التنازل مع السعودية، وتكون السعودية مثل اليابان وكوريا الجنوبية”.

ولفت إلى أنه “مثلما أن السعودية بحاجة لهذه المعاهدة فإن أمريكا بحاجة لها”، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة قد تضطر لأن تطرق أبواب السعودية في حال احتاجت لذلك، وهذه قاعدة في العلاقات بين الدول”.

وأشار إلى أن السعودية، في ظل الصراع الدولي، بحاجة إلى المعاهدة لتحمي نفسها، مذكراً باتفاقية النفط والأمن التي عقدها مؤسس المملكة عبد العزيز آل سعود مع الرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت، في فبراير 1945، التي عرفت باتفاقية “كوينسي”، لافتاً إلى أن “حاجة البلدين حالياً اختلفت كثيراً عما كانت عليه سابقاً، وهذا يتطلب اتفاقية أقوى وأمتن”.

الشرق الأوسط أيضاً

ليست المملكة وأمريكا من تحتاجان فقط لمثل هذه المعاهدة، بل الشرق الأوسط، وشرق آسيا أيضاً، ووفقاً للدكتور عمر عبد الستار، الذي أوضح أن “البوصلة الأمريكية الآن تتجه نحو الصين كعدو، وليس فقط إيران وروسيا”.

وقال: “لا نعرف ما الذي سيحدث في حال حصلت مواجهة محتملة بين الولايات المتحدة والصين، المنطق يقول إن التوصل إلى هذه المعاهدة من ضرورات الواقع الدولي اليوم”.

وأشار إلى أن “المنطقة بحاجة لمثل هذه المعاهدة؛ لأن هناك مليشيات إيرانية، ومحوراً إيرانياً، ووجوداً روسياً في سوريا”، متسائلاً: “فكيف ستواجه المملكة العربية السعودية إذا لم تكن محصنة أمنياً من الولايات المتحدة مثل هذه التحديات؟”.

وأضاف: “إيران لديها اليوم دبلوماسيات الطائرات المسيرة”، مشيراً إلى أن “هناك استعداداً لفترة صراع قادمة مع المحور الإيراني، والنظام الديني المسلح العابر للحدود، الموجود في طهران وأربع عواصم عربية”.

وحول موقف المشرعين الأمريكيين أشار عبد الستار لـ”الخليج أونلاين” إلى أن “المعاهدة ستواجه تأييداً ومعارضة في أمريكا”، لكنه أشار إلى أن “على المشرعين أن يعرفوا أنهم سيكسبون دولة مثل كوريا ومثل اليابان في المنطقة، اسمها السعودية”.

وأضاف: “هذا أكبر نصر للولايات المتحدة الأمريكية، إذا فقه المشرعون الديمقراطيون على وجه التحديد أن السعودية بهذه المرتبة”، مضيفاً: “أن يعيد الديمقراطيون السعودية إلى جانب الولايات المتحدة فهذا يعني نصراً لهم، كما أنه نصر للسعودية، والمنطق الدولي يفرض أن يعزز السعوديون والأمريكيون علاقاتهم في هذا الاتجاه”.

اترك تعليقا