المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

إيران.. شمخاني يترك منصبه فمن يخلفه؟

ترجمة خاصة لـ”المعهد العراقي للحوار”

أعلنت وسائل إعلام رسمية إيرانية، في وقت متأخر من مساء الأحد، إن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الأدميرال علي شمخاني ترك منصبه، فيما تحدث تقارير عن خليفته.

وقالت وكالة أنباء “نور نيوز” التابعة لمجلس الأمن القومي الإيراني، في تغريدة عبر “تويتر”، إن شمخاني غادر منصبه وأصبحت هذه القضية مؤكدة وقطعية”.

فيما غرد الأدميرال شمخاني عبر حسابه الرسمي على “تويتر” ليعلن عن مغادرته المنصب بعدما أشار إلى ذلك عبر أبيات شعر للشاعر محتشم الكاشاني هو من شعراء إيران في أوائل العصر الصفوي.

ولعله آخر ما ارتبط به اسم الأدميرال علي شمخاني هو توصله لاتفاق المصالحة بين إيران والمملكة العربية السعودية والذي جرى إبرامه والإعلان عنه بشكل رسمي في 10 من مارس/آذار الماضي في العاصمة الصينية بكين.

من هو علي شمخاني عراب التقارب العربي الإيراني؟

وقف ضد حكم الشاه قبل قيام الثورة الإسلامية وتصدّى لمعارضيها عند قيامها، وقاد القوات البحرية في الحرس الثوري الإيراني إبان الحرب العراقية- الايرانية. تولى وزارة الدفاع في عهد حكومة محمد خاتمي، وألّف عدّة كتب في مجال العلوم الاستراتيجية والعسكرية، وعرف بمهندس العلاقات العربية الإيرانية. فمن هو علي شمخاني؟ وكيف تدرّج ابن الأقلية العربية القادم من الأهواز في مشواره السياسي حتى تعيينه أمينًا للمجلس الأعلى للأمن القومي؟.   

وتمثلت باكورة نشاطات علي شمخاني السياسية في مواجهة سلالة بهلوي في الخمسينات، ما أدّى إلى اعتقاله من قبل جهاز المخابرات الإيراني آنذاك (السافاك). وفي أواخر عهد الشاه محمد رضا بهلوي وعشية الثورة الإسلامية كوّن شمخاني علاقة بآية الله حسين علي منتظري، أحد أقرب تلامذة آية الله الخميني والذي كان منفيا حينذاك في الاهواز. هذه العلاقة دفعت شمخاني للانتساب لمجموعة دينية سرية ومسلحة في المدينة قامت ببعض العمليات العسكرية المناوئة لنظام الشاه. وبعد قيام الثورة الإسلامية، انخرط شمخاني في العمل الأمني والعسكري، ليصبح فيما بعد قائدًا لقوات “لجان الثورة الاسلامية” في محافظة خوزستان.

ومع اندلاع الحرب العراقية- الإيرانية عام 1980، كان الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، والمسؤولون في بغداد يعوّلون على انضمام عرب خوزستان للقتال في صفوف الجيش العراقي ضد إيران، إلا أن ذلك لم يحدث، فعرب إيران اختاروا جانب وطنهم، وبعضهم انضوى في صفوف الحرس الثوري الإيراني، وكان شمخاني أحدهم، وهو الذي شهد سقوط اثنين من أشقائه في تلك المعارك، وهما محمد وحامد.

وكان شمخاني عضوًا مؤسسا في الحرس الثوري الإيراني في خوزستان، وعيّن قائدًا للقوات العسكرية فيها وقائدًا بالإنابة للقوات الإيرانية المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (598) المتعلق بإنهاء الحرب بين إيران والعراق. وفي عهد حكومة مير حسين موسوي أصبح شمخاني ثاني وآخر وزير للحرس الثوري ما سمح له بالعمل بالقرب من رئيس الوزراء. بقيت علاقة شمخاني ومير حسين موسوي قوية حتى ما بعد انتخابات 2009 عندما تحول رئيس الوزراء السابق إلى معارض في الإقامة الجبرية. شمخاني تمايز في موقفه من احتجاجات ما بعد انتخابات 2009 حيث قال “لقد فوجئنا بطريقة التعامل مع أحداث 2009، وكان بإمكاننا القيام بعمل أفضل، إلا أن الظروف لم تسمح”، رافضًا إطلاق وصف الفتنة على تلك المرحلة لأن ذلك لن يغير من الأمر شيئًا، وأنه لا يجب وضع اتهامات لإخراج أحد من سفينة الثورة (في إشارة إلى مخالفته لاعتقال موسوي).

وتولى شمخاني مسؤولية قيادة القوات البحرية في الحرس الثوري الإيراني إبان الحرب العراقية- الايرانية، وشغل بالتزامن مع ذلك منصب النائب القائد العام لفيلق الحرس الثوري، في الفترة الممتدة بين 1981-1989. وبعد مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله الخميني، انتقل شمخاني بأمر من المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي إلى صفوف القوات المسلحة الإيرانية، قائدًا للقوة البحرية للجيش الإيراني في عهد حكومة أكبر هاشمي رفسنجاني (1988-1997). ليتولى مهمة تحديث العقيدة القتالية والمعدات الخاصة للقوتين البحريتين في ايران.

مع انتخاب محمد خاتمي رئيسًا للبلاد في أغسطس/ يوليو 1997، تم تعيين شمخاني في منصب وزير الدفاع وهي المهمة التي انتهت في 27 اغسطس/ يوليو 2005. وأثناء تصديه للمنصب قام شمخاني بزيارة تاريخية إلى المملكة العربية السعودية، عام 2000، أفضت إلى توقيع اتفاقية أمنية بين البلدين، فحاز على وسام شرف من الملك السعودي آنذاك، عبدالله بن عبد العزيز.

عام 1999، حاز شمخاني على رتبة “أدميرال” (ما يعادل اللواء)، إضافة إلى 3 ميداليات شجاعة من المرشد الإيراني علي خامنئي، وفي عام 2001، وخلال زيارة شمخاني لموسكو، أعجب بصاروخ (Sunburn) الاستراتيجي، عالي الفاعلية، فأشار على القيادة في طهران بإجراء مباحثات لشرائه ونجحت العملية، واليوم يعد الصاروخ رافعة قوية للبحرية الإيرانية.

عام 2005، اندلعت احتجاجات في الأهواز اعتراضًا على ما سمي بسياسات إيران للعمل على تغيير النسيج السكاني للإقليم، فحاول شمخاني لعب دور الوسيط بين الحكومة والمنتفضين، إلا ان سكان المحافظة رفضوا تدخله ورموه بالحجارة والطماطم عندما حاول زيارة أحد معاقل الانتفاضة بحي الدايرة في الأهواز.

وأدرجت وزارة الخزانة الأميركية 8 مسؤولين كبار في الجمهورية الإسلامية، من بينهم علي شمخاني، على قائمة العقوبات، بتاريخ 11 كانون الثاني/ يناير 2009. وفي عام 2013 عيّن المرشد خامنئي شمخاني عضوًا في المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية ومن ثم أمين مجلس الأعلى للأمن القومي، وهو الكيان المحوري في تشكيل سياسات الدفاع والأمن الاستراتيجية تحت إشراف المرشد الإيراني. ليحل شمخاني الوسطي والعملي محل سلفه المتشدد سعيد جليلي، والذي تلقى المجلس في عهده انتقادات كثيرة، نظرًا للأساليب التي تعامل بها مع الدبلوماسية الدولية.

وتلقى كثر في العالم العربي خبر تعيين شمخاني في المنصب الجديد بارتياح، كذلك فعل انصار التيار الإصلاحي في إيران. ومع تصديه للمهمة الجديدة كان الملف النووي يُنقل من مجلس الأمن القومي إلى وزارة الخارجية بقيادة محمد جواد ظريف.

وقُرأ تعيين شمخاني في الموقع كرسالة من طهران إلى جيرانها العرب باعتبار شمخاني عربيا وصاحب علاقات قوية مع الدول العربية المحيطة، وذهب البعض للقول إن المنصب سيشكل منصة للامين الجديد لفتح أبواب مغلقة مع العالم العربي. لم يحصل ذلك بل وساءت العلاقات العربية الإيرانية، لا سيما السعودية الإيرانية، ووصلت إلى ما لم تصل إليه سابقا. لكن شمخاني لعب خلال الأشهر الماضية دورا أساسيا في تسوية العراق، وكان من قبل لعب دورا مماثلا عندما التقى المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي سيستاني خلال أزمة ما بعد انتخابات 2014 والتي تزامنت مع اجتياح تنظيم داعش لمناطق واسعة من البلاد.

والمولود في الاهواز عام 1955، لكن ما يمكن تأكيده هو أن اسم علي شمخاني سيكون من ضمن الأسماء التي سيتحدث عنها كتاب تاريخ إيران للسنوات التي تلت الثورة وحتى الآن.

خليفة شمخاني

كما تحدثت تقارير لوسائل إعلام إيرانية مقربة من المؤسسة العسكرية، إن الجنرال “علي أكبر أحمديان” من المرجح أن يكون خليفة الأدميرال علي شمخاني في تولي منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.

كما يتولى الجنرال أحمديان رئيس المركز الاستراتيجي للحرس الثوري الإيراني منذ عام 2006، ووهو أيضًا أحد الأعضاء الحقيقيين في مجمع تشخيص مصلحة النظام.

وكان قائدًا للقوات البحرية للحرس الثوري الإيراني من عام 1997 إلى 2000 وترأس هيئة الأركان المشتركة للحرس الثوري الإيراني بين عامي 2000 و 2006.

اترك تعليقا