المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

ما الذي قد يحمله العام 2022 لأمن واقتصاد الشرق الأوسط؟

تفاعلت خلال العام 2021  مجموعة من التيارات التي  شكلت مشهد الأمن الإقليمي خلال العقد الفائت. تكونت هذه التيارات في صراعات أهلية ما زالت مفتوحة، واستقطاب إقليمي، وتنافس على موارد الطاقة وجوار إقليمي أصبح أكثر توترًا في القرن الأفريقي والساحل الأفريقي والقوقاز . إلا أن العام أيضًا شهد أيضًا تقدمًا ملحوظًا في الاتجاه نحو تهدئة الصراعات وانفتاح سبل الحوار المباشر وعبر القنوات الخلفية بين مختلف القوى الإقليمية. وعلى الرغم من أن نتائج التغير في الإدارة الأمريكية مع عودة الديمقراطيين إلى البيت الأبيض لم تتضح بعد بالنسبة للمنطقة، إلا أنه من الجلي أن الدور الأمريكي في الشرق الأوسط أصبح بصدد مرحلة جديدة من “إعادة التموضع.” من ناحية أخرى، ما زال وباء كوفيد-19 يفرض ظلاله على تفاعلات المنطقة إقليميًّا ووطنيًّا؛ خاصة على جانب الاقتصاد. ما زالت الاختلالات الهيكلية في بنية الاقتصادات العربية ماثلة، في الوقت الذي تحاول فيه التعافي من تبعات أزمات الطاقة المتعاقبة والسياسات الانكماشية التي فرضها الوباء، مع اتضاح ضرورة إعادة الهيكلة لضمان تنوع الموارد الاقتصادية وضرورة مواكبة التغيرات المناخية والمستجدات التقنية.

وفي هذا السياق أجري حوار مشترك حول هذه المواضيع مع :

الدكتورة إيمان رجب   

خبير في الأمن الإقليمي-رئيس وحدة البحوث الأمنية في مركز الأهرام للدراسات ومدرس زائر في الجامعة الأمريكية بالقاهرة. 

ما هي أبرز اتجاهات الأمن الإقليمي المتوقعة في 2022؟

يمكن تحديد أبرز السمات المميزة للبيئة الأمنية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العام 2022  في (1) استمرار ضعف الدولة القومية في المنطقة والتي ظلت لسنوات طويلة هي الموفر الرئيسي للأمن في المنطقة (2) استمرار الإرهاب كمهدد للأمن القومي لدول عدة والأمن الإقليمي خاصة مع  تنامي العلاقة بين شبكات الإجرام المنظم والكيانات الارهابية في المنطقة، (3) تنامي أهمية البعد التكنولوجي للأمن نتيجة تنامي اتجاه دول المنطقة نحو التحول الرقمي  وما يصاحب ذلك من حدوث نقلة نوعية في قدرة المؤسسات العسكرية والأمنية في عديد من دول المنطقة واستحداث دور أمني لشركات القطاع الخاص العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات (4) استمرار أزمة البرنامج النووي الإيراني (5) تنامي تأثير الفاعلين العنيفين من غير الدول بأنواعهم المختلفة على نحو لا يمكن تجاهلهم عند التفكير في أمن المنطقة  (5) استمرار ضعف الدور الأمريكي في المنطقة خاصة في شقه الأمني والعسكري (6) استمرار الصراع بين القوى الاقليمية في المنطقة وما يصاحب ذلك من استمرار الصراعات المسلحة في سوريا وليبيا واليمن والعراق دون تسوية شاملة (7)   تزايد أهمية البعد الصحي للأمن في المنطقة (8) تراجع تصنيف إسرائيل كمصدر تهديد أمن المنطقة في ظل استمرار عمليات التطبيع بينها وعدد من الدول العربية ويصاحب ذلك إعادة تعريف أهمية الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي كأحد الصراعات الممتدة التي كانت سبب في عدم الاستقرار الإقليمي (9) تزايد دور مراكز الفكر والدراسات في التأثير على كيفية عمل المؤسسات الأمنية في عدد من دول المنطقة (10)  تزايد تعارض وفي حالات اخرى اختلاف التصورات الخاصة بـمصادر تهديد الأمن الإقليمي وبالتالي غياب احد متطلبات انشاء منظومة اقليمية للأمن في المنطقة (11) تزايد أهمية الطاقة والتغيرات البيئية والغذاء في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة

كيف تتراوح صراعات المنطقة بين التهدئة والتصعيد؟

نحن نتحدث عن صراعات مستمرة لسنوات طويلة، فالصراعان في ليبيا وسوريا يدخلان عامهما الحادي عشر، والوضع في العراق متأزم منذ 2003 ، والصراع في اليمن  يدخل عامه السادس بعد تشكل التحالف العربي بقيادة السعودية في 2015.  وكل من هذه الصراعات تحولت الى حروب اقليمية بالوكالة، ولذا يعد دور الأطراف الدولية خاصة الإدارة الأمريكية والدول الأوروبية في نقل هذه الصراعات نحو مرحلة التسوية مهما  جدا. لاسيما وأنها دول ذات خبرة سابقة في رعاية مفاوضات تسوية لصراعات مسلحة شهدها العالم في العقود الماضية وفي الضغط على القوى الإقليمية للتوصل لحلول وسط على نحو ساهم في إنهاء الطابع المسلح لتلك الصراعات، وهذا على خلاف روسيا التي ليس لديها خبرة مماثلة .

  ومن الملاحظ أن اهتمام الادارة الأمريكية الجديدة والدول الأوروبية بالصراع في ليبيا أكثر من اهتمامها  بالصراعات في سوريا والعراق واليمن، ولعل هذا يفسر التقدم الذي حدث في المفاوضات  بين الأطراف المؤثرة في الصراع في ليبيا طوال العام الماضي. ولكن  تظل مسألة استمرار هذا الاهتمام واستمرار القدرة على استخدام أدوات الضغط المختلفة على الأطراف المؤثرة في الصراع في ليبيا خاصة الأطراف الإقليمية التحدي الرئيسي لفرص تسوية الصراع في ليبيا خلال العام 2022.

هل تعود التنظيمات الإرهابية للصعود من جديد؟

لابد أن نكون حذرين في تقييمنا لوضع الكيانات الارهابية في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا خلال العام 2022 ، حيث أثبتت هذه الكيانات خلال السنوات الماضية بما في ذلك فترة جائحة كوفيد-19 بقدرتها على التكيف وتطوير نفسها بما يتلاءم مع الظروف الجديدة.  فعلى سبيل المثال تنظيم داعش في العراق وسوريا ورغم أنه خسر مع العام 2018 كثير من المناطق التي كان يسيطر عليها عسكريا منذ 10 يونيو 2014، إلا أنه استطاع أن يحتفظ بشبكات التمويل الخاصة به والمنتشرة  في عدد من دول المنطقة فضلا عن الدول الأوروبية، كذا المنصات الاعلامية الخاصة به والتي هي ايضا منتشرة في مناطق عدة خارج العراق وسوريا.

إلى جانب ذلك، يلاحظ أن  داعش خلال فترة الجائحة غير من خطابه المتطرف  الداعي لممارسة الارهاب والموجه لبقايا اعضائه وعائلاتهم في مختلف المخيمات ومراكز الاحتجاز في العراق وسوريا، وأصبح يتحدث  عن أن التنظيم ليس في مرحلة التمكين (السيطرة على مناطق في سوريا والعراق)  بل في مرحلة حرب استنزاف تتطلب من الموالين له اتباع أسلوب الكر والفر في مواجهة أعداء التنظيم والمساعدة في إطلاق سراح بقايا التنظيم وعائلاتهم من مخيم الهول وروج وغيرهما.

كما غير من أساليب  الارهاب أو الجهاد كما يسميه التنظيم والتي يدعو اعضائه لممارستها، فبدلا من الترويج لأن  الانضمام للتنظيم يتطلب السفر للعراق وسوريا أو تنفيذ هجمات من نوع معين، أصبح التنظيم يتحدث عن تقديم الدعم للتنظيم على مختلف المنصات الإعلامية وهو ما أسماه التنظيم ب”الجهاد الاعلامي” و جمع المعلومات عن أعداء داعش وجمع التبرعات من خلال البيتكوين وغيرها من العملات لدعم التنظيم وهو ما أسماه التنظيم بـ “جهاد الصف الثاني”.

بالاضافة الى ذلك أصبح التنظيم أكثر اعتمادًا على استخدام تكنولوجيا المعلومات في نشر الدعوة للانضمام إليه وفي الحفاظ على التواصل بين أعضائه ، حيث يلحظ خلال الجائحة تزايد استخدامه للشبكة المظلمة فضلا عن منصات التواصل الاجتماعي القابلة للتشفير ، فعلى سبيل المثال  قامت شركة التليجرام بوقف وإلغاء حسابات وقنوات لداعش بلغ عددها 313723 ألف خلال 2020 في زيادة مقدارها 56.19% عن مجمل الحسابات التي تم وقفها خلال العام 2019. 

هل هناك إمكانية لدور جماعي عربي جديد؟

صياغة منظومة عربية للأمن الإقليمي مسألة مليئة بالتحديات لسبب بسيط وهو غياب المتطلبات الرئيسية اللازمة لإنشاء هذه المنظومة على مستوى العالم العربي، وهذه المتطلبات كما هي متعارف عليها في أدبيات الأمن الإقليمي وأهمها وحدة التصورات بين مختلف الدول العربية حول مصادر التهديد لأمنها الجماعي واتفاقها على اتباع إجراءات جماعية لمواجهة هذه التهديدات،  فلو أخذنا مثال ايران سنجد ان السعودية والبحرين تراها التهديد رقم واحد لأمنها الوطني وأمنها الجماعي   ولكن دول أخرى مثل الإمارات وقطر والكويت والاردن ومصر قد تراها كتهديد ذو أهمية أقل من تهديدات أخرى كالإرهاب مثلًا. 

السفير محمد أنيس:

منسق عمل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالمجلس المصري للشؤون الخارجية 

اتجاهات البيئة الأمنية خلال 2021

العوامل التي أثرت على الأمن الإقليمي خلال ٢٠٢١ تتمثل في عدد من المؤثرات الدولية والإقليمية والمحلية.  دوليا شهدنا انكماشا للدور الأمريكي، وخروج أمريكي من أفغانستان إثر علي صورة الولايات المتحدة في المنطقة. وهكذا وجدت مراجعات لنظرية الاعتماد على الحماية الأمريكية لمواجهة المخاطر الإقليمية. ولعل ذلك يفسر سعي دول المنطقة لمعاودة الحوار مع كل من تركيا وإسرائيل وإيران. هناك أيضًا تغيرات تتعلق بالقوى الكبرى، روسيا والصين والاتحاد الأوروبي، والتي تبحث عن النفاذ لمناطق نفوذ أو الحفاظ على مصالح اقتصادية دون السعي لإيجاد حلول طويلة المدى أو إجراء تغيرات عميقة في التوازن الإقليمي.

في ظل هذا المشهد، تقدمت الدول “الشرق أوسطية”- إيران،  تركيا،  إسرائيل – لكي تلعب ادوارا مؤثرة سواء في دول معينة أو في المنطقة ككل. ويعتبر هذا التطور كسرا لمحاولة العربية لصياغة معادلات أمنية تعكس المصالح العربية دون أن تسمح للدول غير العربية بأن تشارك في التجمعات الإقليمية، وفي صيغ التعاون والمنافسة، أو في مناقشة أوضاع الإقليم بشكل تشاركي.

إقليميًّا، توقفت جامعة الدول العربية عن العمل كالية لتجمع العرب علي سياسات محددة،  وبدا وان مجلس التعاون يشق طريقه مستقلا عن الدول العربية  الاخري،  وتم كسر تأبو التعامل مع إسرائيل بانفتاح لا يرتبط بالقضية الفلسطينية وتطوراتها.

وداخليًّا، ظلت أوضاع الدول العربية مضطربة،  وتوالت الانقلابات والأزمات الداخلية التي افشلت آليات الحكم في السودان،  وتونس، وليبيا،  ولبنان،  والصومال، دون أن تتمكن جامعة الدول العربية من التدخل لإيجاد حلول،  وواكب ذلك استمرار النزاعات في اليمن، والعراق، وليبيا،  وبين المغرب والجزائر إلخ..

بصفة عامة كان العام الماضي امتدادًا لفترة عدم استقرار و نزاع و فشل في الحوكمة امتد لأكثر من عقد من الزمن.

الاتجاهات المتوقعة في 2022

أهم هذه الاتجاهات استمرار تراجع الدور الأمريكي بشكل عاملا هاما في التغيير،  حيث كان لهذا الدور تأثير ضخم في السنوات العشر الماضية،  وتحول الولايات المتحدة الي الشرق،  مع تلاشي اعتمادها علي الطاقة الشرق أوسطية، يترك فراغا أمنيا ستلعب فيه قوي إقليمية،  شرق أوسطية في أغلبها.

بالتوازي، تظل التغيرات الهيكلية العميقة تقوم بدورها،  فعدد السكان في الإقليم سوف يتضاعف بحلول ٢٠٥٠، الي حوالي ٧٠٠ مليون شخص،  نصفهم من الشباب الباحث عن فرص للتعليم والعمل والسكن، مع وجود تركيز علي المدن الكبري، بما يهدد بحالة من عدم الاستقرار والصدام في غياب جرعات من الأمل والتنمية.

ويلاحظ أن الاتجاه نحو التحديث في دول الخليج،  سيشكل تيارا قويا، ينعكس في قنوات الإعلام والإعلام الاجتماعي، ليؤثر علي دول المنطقة ويزيد من تراجع الاتجاهات الإسلامية التي يبدو وان الفرصة قد افلتت منها بلاعودة.

كيف ستكون فاعلية الدور العربي تجاه هذه التغيرات؟  

يصعب التعميم؛ فالتحديات مختلفة والإمكانيات متفاوتة. دول الخليج سيكون عليها العبور لعصر مابعد البترول،  ولديها -في الأغلب-عدد محدود من السكان، وفوائض مالية جيدة. وبالتالي أمامها طريق لإدخال المزيد من التنوع الي اقتصادياتها، وتطوير تجربة التكامل الإقليمي من خلال مجلس التعاون،  مع إيجاد صيغة للتعامل مع إيران.

أما الدول كبيرة السكان،  مصر والسودان، والجزائر والمغرب،  وربما العراق،  أمامها تحديات أضخم، مثل؛ ضرورة مضاعفة فرص العمل،  ومواكبة الزيادة السكانية في مجالات السكن والصحة والتعليم. ولابد من تحقيق معدلات نمو عالية جدا لمواجهة هذه الأجندة. وفي غياب ذلك سوف تواجه هذه الدول مشاكل كثيرة.

هل تتجه صراعات المنطقة نحو التهدئة؟

سيناريو إنهاء الحروب في المنطقة يتوقف علي انتصار طرف علي الطرف الآخر،  أو إنهاك الأطراف المتصارعة، أو انهيار أحدها داخليًّا، وغيرها. من هذا المنظور نجد أن النزاعات في المنطقة العربية أخذت طابعًا ممتدًا متواضع الحدة low intensity  warfare؛ حيث قد تستمر الأوضاع الراهنة خلال ٢٠٢٢ بل إلى ما بعد ذلك.

وفي ظل غياب تدخل دولي قوي، وهو من غير المتوقع حدوثه علي الأرجح كون شروطه غائبة، يمكن تصور استمرار النزاعات الحالية،  ربما بدرجة حدة أقل،  خلال العام القادم. في نفس الوقت، يصعب تصور تصعيد النزاعات في ظل النشاط الإقليمي الذي يدور حول مصالحات وتفاهمات علي هامش الانكماش الأمريكي.

الدكتور عمرو عادلي: 

أستاذ الاقتصاد السياسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة والحائز على جائزة روجر أوين في التاريخ الاقتصادي لعام 2021.

كيف تصف آليات لنمو والانكماش في اقتصادات المنطقة خلال 2021؟ 

تعرضت اقتصادات المنطقة انكماش اقتصادي كبير خلال 2021 كنتيجة مباشرة وغير مباشرة لوباء كورونا العالمي. فمن ناحية، مع اعتماد المنطقة المفرط على صادرات النفط الخام فإن انكماش الاقتصاد العالمي قد هوى بأسعار الطاقة العالمية على نحو أثر كثيرا على اقتصادات الدولة المصدرة للنفط في المنطقة، والدول الأخرى التي تعتمد على ذات العائدات الريعية من خلال تحويلات العاملين أو المعونات أو الاستثمارات من دول النفط الغنية.

وعلاوة على هذا فإن محاولات احتواء الوباء من خلال إجراءات الإغلاق وحظر السفر وغيرها قد أثرت سلبا على معدلات النمو والتشغيل وعلى قطاعات بعينها كالسياحة والنقل في بلدان كالمغرب والأردن وتونس والبحرين لتكون المحصلة النهائية هي تراجع في أغلب الاقتصادات على المستويين الوطني والإقليمي مع استثناءات قليلة على رأسها أداء الاقتصاد المصري، الذي نجح ضمن اقتصادات تعد على أصابع اليد الواحدة، في توليد معدلات نمو إيجابية ورفع معدلات التشغيل، وربما يعود هذا في الأساس إلى ارتخاء الإجراءات المتخذة لمكافحة الكورونا كي لا تؤدي إلى انكماش اقتصادي يرفع البطالة ويؤدي إلى الركود مع وجود عنصر حظ في عدم تدهور الوضع الصحي العام على غرار ما وقع في بلدان كتونس والجزائر والهند والبرازيل.

ما هي اتجاهات التعافي الاقتصادي من وباء الكورونا؟

ظهرت علامات واضحة على التعافي في الشهور القليلة الماضية خاصة مع ارتفاع معدلات التلقيح حول العالم، وبالأخص في الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي والصين، وانعكس هذا بالفعل على توقعات النمو العالمي ما حدا بالفيدرالي الأمريكي إلى كبح جماح التضخم عن طريق رفع أسعار الفائدة لأول مرة منذ بدء الجائحة، وتزامن مع هذا ارتفاعات في أسعار الوقود والمواد الأولية إيذانا بمعاودة سلاسل القيمة العالمية العمل مرة أخرى وارتفاع الطلب العالمي. إلا أن تحور الفيروس في صورة أوميكرون مؤخرا قد يعطل من التعافي الاقتصادي على مستوى العالم وبالتبعية في المنطقة خاصة إذا تباطأت معدلات ارتفاع أسعار الوقود، وهو أمر سيظهر في الشهور القليلة المقبلة.

هل تتجه الاقتصادات العربية حقًا نحو “التنوع”؟

لقد حدث قطعًا تنويع لهياكل أغلب الاقتصادات العربية بما فيها أكثرها ريعية من خلال نمو قطاعات خدمية بالأساس علاوة على أنشطة البناء والمقاولات إلا أن هذا التنويع لم ينعكس على وضع المنطقة واقتصاداتها في التقسيم الدولي للعمل إذ لا تزال صادرات النفط الخام والغاز الطبيعي وغيرها من المواد الأولية تشكل ما يقرب من ثلثي إجمالي صادرات المنطقة العربية للعالم الخارجي بشكل لا يختلف كثيرا عن الوضع في منتصف السبعينات عندما وقعت صدمة النفط الأولى. ومن ثم يمكن القول إن التنويع وقع داخل هياكل غالب الاقتصادات العربية إلا أنه لم ينعكس (ربما بعد؟!) على وضعها في التجارة العالمية أو وضع منتجيها في سلاسل القيمة العالمية سواء في شق التصنيع أو الخدمات.

هل ستتتمكن الدول المتعافية من إدارة إعادة الإعماربنجاح؟

هناك شكوك عدة حول فرص إعادة الإعمار إذا ما انتهت النزاعات المسلحة في حالات مثل العراق وليبيا وسوريا لأسباب عديدة لعل أولها توفر التمويل لإعادة البناء في ظل استمرار العقوبات الأمريكية على سوريا وتعثر التوصل لاتفاق لاستئناف إنتاج النفط في ليبيا بالمستويات التي كانت عليه قبل 2011 بالإضافة لتدهور أسعار الوقود العالمية. وثانيها هو غياب نزع للأسلحة في مناطق الصراعات هذه فلا تزال الميليشيات والمجموعات المسلحة تحتفظ بسلاحها في كل من سوريا والعراق وليبيا مع وجود قوات أجنبية رسمية وغير رسمية، وهو ما يعيق من عمليات إعادة الإعمار مستقبلا ويمكن إضافة إلى هذين العاملين عاملا ثالثا وهو غياب الأطر المؤسسية والدستورية لمراحل ما بعد الحرب بما قد يعزز من فرص بناء السلام مع إعادة الإعمار.

المصدر :مركز الانذار المبكر

اترك تعليقا