المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

هل يحل تخزين النفط الإيراني في الناقلات أزمة الطاقة؟

لم يتسبب غزو روسيا وأوكرانيا في صدمة فورية لسوق النفط فحسب، بل سلط الضوء أيضًا على أهمية قضية تنويع موارد الطاقة. وأدت أزمة الطاقة المستمرة ونقص إمدادات النفط، إلى جانب الغزو الروسي لأوكرانيا، إلى مزيد من الاهتمام بالمحادثات النووية والاتفاق المحتمل بين إيران ومجموعة 4+1 في فيينا.

ورأى تقرير نشره موقع صحيفة “اندبندنت” بالنسخة الفارسية إلى أن “الاتفاق المحتمل ورفع العقوبات سيمهدان الطريق لعودة إيران إلى سوق النفط، وبالنظر إلى الظروف الحالية لسوق النفط، يعتقد بعض الخبراء والمسؤولين الحكوميين في إيران أن طهران قادرة على التعامل مع الناقلات على المدى القصير على خفض أسعار النفط مع استقرار السوق.

وتريد إيران العودة إلى السوق بكامل طاقتها على المدى القصير بعد رفع العقوبات واستعادة حصتها في السوق كما فعلت مع دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ مطلع عام 2016، لكن في هذه الأثناء تريد أوبك بلس، وخاصة السعودية وروسيا، عودة تدريجية بالنسبة إلى إيران في السوق.

وسيلعب اجتماع أوبك بلس المقرر في 2 من آذار/ مارس المقبل دورًا مهمًا في تحديد أسعار النفط والحفاظ على الاستقرار، في ظل ظروف السوق على الرغم من أن هجوم روسيا على أوكرانيا قد يؤدي إلى تقسيم قمة أوبك بلس.

البراميل الإيرانية تنقذ سوق النفط؟

وفي عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، عندما عجزت إيران عن بيع النفط بسبب العقوبات، خزنت وزارة البترول النفط في ناقلات، وبعد الاتفاق لم تتمكن إيران من الإفراج عن النفط المخزن على المدى القصير.

وفي الأسبوع الماضي، أفادت بلومبرج نيوز الأمريكية عن إمكانات إيران العالية للعودة إلى السوق وتحقيق الاستقرار في سوق النفط، مستشهدة بارتفاع أسعار النفط.

وفقًا للوكالة الأمريكية، من المتوقع أن تزداد طاقة إنتاج النفط الإيراني بمقدار 1.3 مليون برميل يوميًا في غضون عام بعد رفع العقوبات. كما أعلنت بلومبرج أن هناك حوالي 100 مليون برميل من احتياطيات النفط جاهزة للتزويد بالسوق في إيران.

وفي عام 2015، بعد الاتفاق النووي، كانت الظروف مناسبة لعودة إيران إلى السوق بسرعة، لكن سوق النفط في عام 2022 مختلف تمامًا عن عصر الاتفاق النووي.

ومع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق منتصف عام 2018، غيّر عملاء النفط الإيراني التقليديون استخدامهم في المصافي لاستيراد النفط من دول أخرى، ما يعني أن إيران لن تكون قادرة على استعادة حصتها في هذه البلدان بسرعة بعد اتفاق محتمل.

وفي العامين الماضيين، انخفض الطلب في سوق النفط بسبب تفشي جائحة كورونا وتباطؤ النمو الاقتصادي، ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، سيصل طلب السوق إلى مستويات ما قبل كورونا في الأشهر المقبلة، خاصة الصيف المقبل، مما يعني زيادة الطلب في السوق.

ووفقًا لآخر توقعات وكالة الطاقة الدولية، سيزداد الطلب بمقدار 3.2 مليون برميل يوميًا في عام 2022 وسيصل إلى مستوى قياسي يبلغ 100.6 مليون برميل يوميًا.

ولا يوجد توازن في الوضع الحالي للسوق، وستؤدي أحداث مثل غزو روسيا لأوكرانيا إلى تكثيف تقلبات السوق، وفي هذه الحالة يمكن أن يؤدي استخدام الاحتياطيات الاستراتيجية للدول إلى خفض أسعار النفط إلى حد ما.

ويعد تراجع استثمارات الدول في قطاع التنقيب عن النفط بسبب الوضع الوبائي أحد المشاكل التي ستستمر في كونها جزءًا من مشكلة العرض في السوق. وكان بيع النفط إلى الصين في السوق الرمادية إحدى طرق إيران للالتفاف على العقوبات والحفاظ على جزء من حصتها في السوق.

وبحسب بلومبرج، فإنه حتى رفع العقوبات المحتمل، سيتم تسليم النفط الإيراني إلى مصافي تكرير صغيرة في الصين تحت أسماء دول مثل الإمارات وإندونيسيا وماليزيا وعمان والعراق، ويمنح على حساب إيران، ومع هذه السياسة ربما تكون إيران قد احتفظت ببعض حصتها في السوق.

ولا يبدو أن الإحصائيات المرسلة إلى بلومبرج تتماشى مع واقع سوق النفط العالمي، حيث يعتقد بعض خبراء النفط أن احتياطي النفط الإيراني في الناقلات يتراوح بين 60 و 70 مليون برميل.

وفي الأسابيع الأخيرة، أفادت بعض المصادر المقربة من الحكومة الإيرانية بوجود 100 مليون برميل من احتياطيات النفط وإمكانية تصدير 8 ملايين برميل من النفط. وتم تقديم هذه الادعاءات بينما يعتقد خبراء الشحن أن أسطول الشحن والبنية التحتية في الموانئ الإيرانية لا تتمتع بهذه السعة.

في حين أن احتياطيات النفط الإيرانية في ناقلات النفط تعد عاملاً ثابتًا في سوق النفط يتمثل في أن إجمالي احتياطيات النفط الاستراتيجية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) يبلغ عدة أضعاف النفط المخزن في إيران، لذلك لا ينبغي أن نتوقع اتفاقية محتملة وعودة النفط الايراني لإصلاح أزمة الطاقة.

وبالنظر إلى الغزو الروسي لأوكرانيا والخلافات المستمرة بين إيران والقوى الدولية في فيينا، لا يزال التاريخ الدقيق لتوقيع الاتفاقية النووية الجديدة غير معروف.

ولم يؤد إصرار إيران على رفع جميع العقوبات وتقديم ضمانات من قبل الحكومة الأمريكية إلى التوصل لاتفاق في الوقت الحالي.

كما لا يبدو أن أوروبا والولايات المتحدة تقاطعان صناعة الطاقة الروسية؛ وذلك لأن شركات الطاقة الكبيرة، بما في ذلك بريتيش بتروليوم (BP)، ورويال داتش شل ‏( Shell)، قد استثمرت في مشاريع الطاقة الروسية، كما تشارك الشركات الأمريكية في بعض المشاريع الروسية من خلال الشركات الهندية.

وعودة إيران إلى السوق يمكن أن تكون فعالة إلى حد ما في استقرار السوق؛ لكن وجود احتياطيات النفط في ناقلات النفط وحده لن يحل جميع مشاكل الطاقة الإيرانية. ويمكن لصفقة محتملة أن تخلق دورًا لإيران في سوق النفط، لكن في قطاع الغاز الطبيعي والغاز الإيراني، تحتاج آبار ومنشآت النفط والغاز إلى التحديث، الأمر الذي يتطلب استثمارات بمليارات الدولارات.

ترجمة المعهد العراقي للحوار ـ أحمد الساعدي

اترك تعليقا