المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

المتطلبات الجديدة للأمن الإعلامي والثقافي للمجتمع العراقي

د. محمد وليد صالح

كلية الآداب / جامعة بغداد

phdmedia79@gmail.com

ملخص ورقة بحث

إنّ الحديث عن واقع الأمن الإعلامي والثقافي ومتطلباته الجديدة متأتٍ من زيادة تأثير وسائل الإعلام وشبكات الاتصالات العالمية وقوة حضورها في المجتمع، وقد يكون على مستوى المؤسسات أو حتى الاتجاهات الإعلامية ضمن المنطقة الإقليمية، وأحياناً يكون تأثيرها ضعيفاً في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تهم الدول أو فلسفة النظام السياسي القائم فيها، فضلا عن أنّ الجمهور المتابع لوسائل الإعلام في الظروف الاعتيادية يصل إلى درجة عدم الثقة بها ولا يتأثر بما يتلقاه من معلومات، ومن ثمَّ نجد الجمهور عينه يتأثر بوسائل أخر قد تكون مختلفة في فلسفتها واتجاهاتها، ولذلك نرى ان هناك مؤسسات إعلامية تمكنت من تأمين مصداقيتها لدى الجمهور وتقوية ثقته بها بوساطة حرفيتها ومراعاة الجانب العلمي المهني.

فالوقع الجديد تشير معادلته إلى حقائق جوهرية لا يمكن إنكارها وتتمثل في الخلل الناجم عن التوزيع غير العادل في الخريطة العالمية للإعلام، وتمركز المصادر الإعلامية والثقافية من ناحية الإنتاج والتوزيع في الدول التي تسيطر على مصادر القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية، فضلا عن انعكاسات الدعاية السياسية الموجهة، وما يترتب عليها من ترويج للثقافات الأجنبية على الثقافات المحلية.

ويرتبط مفهوم ” الأمن الإعلامي ” و ” الأمن الثقافي ” ببعضٍ من طريق ما تعرضه وسائل الإعلام من نشاطات والمشاركة في الحياة الثقافية، أي أنها عملية تقنين لمجموعة من المبادئ والتدابير الوقائية لحماية المجتمع المنتظم، ضمن الدولة بتوافر الحماية الإعلامية والثقافية، لمواجهة تأثيرات الغزو الفكري.

وفي هذا الميدان يتطلب تحديث المنظومة التعليمية في العراق وأساليب البحث العلمي، مضاعفة الجهود لإنجاز المشروع الثقافي والحضاري، وتطوير السياسة العلمية والثقافية وتجديدها، لإرساء قواعد بناء مجتمع المعرفة والمعلومات، فضلا عن العمل على ضرورة تفعيل العمل المشترك بين المؤسسات التعليمية الأكاديمية، واعتماد الاستراتيجيات التي تؤدي إلى دمج المبادئ والأهداف والتوجهات التي تنطوي عليها سياسات التنمية الوطنية في مجال التعليم والبحث العلمي، والاتصال والتكافل الثقافي والمواطنة، وكذلك ضرورة مواصلة العمل في دعم التنمية البشرية المستدامة، لمحاربة الفقر والبطالة والأمية التقليدية والفجوة الرقمية، للنهوض بواقع المجتمع وتطويره من الجوانب كافة، باعتماد السياسات العملية المجدية في قطاعات التربية والتعليم العالي، التي أثبتت فعاليتها وجدواها في البلدان المتقدمة اقتصادياً وصناعياً وعلمياً وتقنياً على وفق أسس علمية رصينة وبرؤية معاصرة ومستقبلية.

اترك تعليقا