المعهد العراقي للحوار
مؤسسة فكرية بحثية، تعنى بالدراسات والتخطيط الستراتيجي، تأسست بعد التغيير في عام 2003، لتقوم بمهمة صناعة القرارات وتحضير الخيارات وبدائلها من خلال الرصد المكثف للأحداث وتطوراتها وعرضها على المختصين ومناقشتها من خلال ندوات و ورش عمل وطاولات بحث مستمرة

كلمة الرئيس فؤاد معصوم في مؤتمر حوار بغداد لعام 2018

بسم الله الرحمن الرحيم

السادة والسيدات الحضور.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من دواعي الاعتزاز والتقدير أن أكون هنا في هذا المؤتمر بما يحمل من عنوان وبما يحمل هذا العنوان من أمل، ستكون سعادتنا اكبر إذا ما فعلا تحدثنا جميعا بأكثر من صوت ومن فكرة وان نوفر المساحة الحرة اللازمة للاختلاف والتنوع في التفكير وفي وجهات النظر لكن شريطة أن نلتقي عند هدف واحد سامٍ هو الحوار الملتزم.

إن من أعظم ما بدأ به الإنسان حياته وصفته الإنسانية هو اللغة، واللغة وسيلة تواصل ولن تكون كذلك ما لم يكن هناك حوار.. الحوار هو المبدأ الأول والخطوة الأولى نحو التمدن والحضارة والإنسانية. المرات التي تعطل فيها الحوار بين البشر كانت الخسائر فيها فضيعة رهيبة ، لذلك يجب أن نتحاور، ولعل من حسن الأقدار ونحن نلتقي هنا لتقديم رؤانا حول مرحلة عراق ما بعد داعش، هو أننا كعراقيين كنا قد بدأنا فعلا بالحوار وبالتعبير عمليا عن وحدتنا ولقائنا وكان هذا في مرحلة داعش وليس ما بعدها.

لقد نفذ داعش ومن كان معه واحتلت مدينة عزيزة في لحظة سوداء كان الحوار فيها قد تقطع بيننا لكن استعدنا معظم هذه المدن وها نحن قريبين من تحرير الموصل كاملة وقد حصل هذا حين توحدنا أمام الخطر، حين أدركنا قيمة أن نتفاهم ونصغي لبعضنا ونتحاور. هكذا تقدمت قواتنا المسلحة بشرف وبطولة، وهكذا استقبل مواطنو المدن المحررة قواتهم بسعادة والمحبة والأفراح وكان هذا داعيا مهما من دواعي وقوف العالم الحر كله معنا ومن اسباب نظرة الاكبار والتقدير التي تعززت لدى الأصدقاء والأعداء تجاه قوة إرادة العراقيين وتجاه البطولات التي قدموها وتجاه الصورة الإنسانية العظيمة التي أظهرها أبطالنا في اثناء المعارك وبعد تحرير اي مدينة أو قرية من دنس المجرمين.

انتصاراتنا صنعتها وحدة موقفنا ورؤانا وستكون هذه الوحدة هي الضامن الأساس للحفاظ على النصر ولدحر الإرهاب نهائياً عن الارض والحياة لذلك فهنا في كل شبر من ارض العراق سنكون سعداء بهذه الانتصارات.. الحوار وقبولنا لبعضنا ولاختلافاتنا وتنوعنا هما ما يكفلان ديمومة وحدتنا وهما ما يجعلانها وحدة تتقدم بنا وببلدنا نحو الاستقرار والسلام والبناء والتقدم.

لا أحسب أننا سنختلف على قواعد عامة للحوار والوحدة، في المقدمة من هذه القواعد لا تراجع عن الديمقراطية والحرية، لا عودة الى الديكتاتورية مهما كانت تسمياتها وأشكالها، لا سلاح إلا بيد الدولة معبرا عنها بمؤسساتها الحكومية، لا حكم للجميع سوى الدستور والقوانين.. هذه قواعد عامة أتوقع أن لا نختلف بشأنها، لكن مسؤوليتنا الأهم هي في حسن التعامل مع التفاصيل، اذا كانت المشاكل تكمن في التفاصيل فليس لنا إلا نتمسك بما تتيحه المباديء العامة المذكورة من قيم راسخة. سيكون تأكيد الحب والتسامح وقبول الاختلاف من بين هذه القيم وهي وسائل اجرائية لابد منها لتساعدنا كثيرا في تجاوز عقبات كثيرة من التفاصيل.

 لا يكون المرء ديمقراطيا وحرا من دون ايمان فعلي وعملي بمثل هذه القيم والوسائل. التجارب المماثلة لبلدان مرت بما مررنا ونمر  به تساعدنا كثيرا في التغلب على صعوبات متوقعة. لكن المهم قبل كل هذا هو في ان نخلص جميعا للهدف السامي الذي نسعى اليه ، هدف وحدتنا وبلوغ استقرار وسلام الحياة وتقدم شعبنا ورفاهيته وأمنه وحريته.  ستكون الاشارة مهمة هنا حسب تقديرنا الى ضرورة ان نحرر هذا المسعى النبيل من الاستخدام السياسي ما بين القوى السياسية بعيدا عن التنازع وبعيدا عن شحن الجمهور بالتخوين والتخويف اذا نجحنا في ان نجعل من الدفاع عن الوحدة الوطنية وعن التسامح بيننا وسيلة من وسائل القوى السياسية في التنافس والكسب الانتخابي سنكون قد بدأنا فعلا بداية مهمة في الوصول الى ما نريد.

الشعب ينتظر ما يطمئنه على مستقبل سياسي وأمني واقتصادي يليق به وبصبره الطويل. العالم اليوم أمام متغيرات عاصفة ومن حسن الحظ ان الموقف المتنامي ضد الارهاب هو مما يساعدنا في مهمتنا، لكن كل هذا منوط بنا وعلى أن نكون صوتا واحدا ينطلق مؤمنا بالعراق الديمقراطي الحر الاتحادي المستقل.

فليوفقنا الله جميعا على ان نتغلب على اهواء انفسنا .. ليساعدنا الله من اجل خدمة العراق والعراقيين.. ليكن الله معنا من اجل العراق..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

اترك تعليقا